إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»: هو هو هو هو هو !..

إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»: هو هو هو هو هو !..إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»: هو هو هو هو هو !..

* عاجل9-9-2020 | 14:09

من عادة كلاب الشوارع أن تنبح جماعة.. فى البداية نسمع نباح واحد أو إثنين.. لكن سرعان ما تشارك كلاب المنطقة فيرفع كل منها عقيرته وينبح بأعلى صوت ممكن.. ويبدو المشهد وكأننا أمام مسابقة لاختيار أجمل وأقوى "هوهوه"!.. وليس خافيًا ما يسببه النباح من إزعاج.. لكنه لا يوقف مسيرة.. ولذلك يقول العرب: "دع الكلاب تنبح والقافلة تسير".. وعلى الرغم من أن لغة النباح من اختصاص الكلاب وحدها.. لكن بعض البشر أحيانًا يتكلمون هذه اللغة!.. خذ مثلا قنوات الإخوان.. تسمع فيها صوت النباح بوضوح.. ويتاح لك ذلك إذا قمت بتقليب قنوات الإخوان والاستماع لها فى وقت واحد.. نفس الكلمات.. نفس التعبيرات.. نفس الأكاذيب.. نفس الألفاظ البذيئة.. نفس الاستنتاجات الخاطئة.. نفس حتى النكت ثقيلة الدم!.. كلهم يتكلمون بصوت عال وبتشنج.. كلهم يصرخون وينبحون.. المذيعين ومقدمى البرامج والضيوف والمتصلين.. قبل أيام وبينما كنت أقلب فى قنوات الإخوان سمعت صوت نباح قوى.. وفهمت أنهم ينبحون على مانويل ماكرون رئيس فرنسا!.. ماكرون يا خسيس.. ماكرون يا جبان.. ماكرون يا قليل الأدب.. ماكرون يا سفاح.. يا استعمارى.. يا عدو الإسلام والمسلمين.. يا يمينى يا متطرف. هكذا كلهم وبصوت واحد وبأعلى صوت يهاجمون ماكرون: "هو هو هو هو هو!".. بعض القنوات أخذتها الجلالة فخصصت برامجها للحديث عن مآسى الاحتلال الفرنسى للجزائر.. الجزائر احتلت فى عام 1830 وحصلت على استقلالها فى عام 1962.. أى أننا نتكلم عن أحداث انتهت وأغلقت ملفاتها منذ ما يقرب من 60 عاما.. لماذا كل هذا النباح على ماكرون ولماذا كل هذا الهجوم على فرنسا؟.. الحكاية ببساطة أن الرئيس الفرنسى مانويل ماكرون هو ثانى إثنين يطيق أردوغان العمى ولا يطيقهما.. عبد الفتاح السيسي وماكرون!.. الرئيس التركى رجب طيب أردوغان يكره السيسي لأنه أسقط جماعة الإخوان فأسقط معها حلمه فى خلافة المسلمين.. وعندما سال لعابه على الثروة النفطية الليبية واتجه إلى ليبيا مستغلا الظروف الدولية.. وأهمها الكورونا ودعم أمريكا التى تصورت أن أردوغان سينجح فى كبح جماح الروس فى ليبيا.. وعندما اقترب أردوغان من وضع يده على حقول النفط الليبية.. وقف له الرئيس السيسي كاللقمة فى الزور، كما يقول التعبير المصرى، ورسم له خطا أحمر وقال له إياك أن تقترب منه وإلا قطعت يدك! ماكرون فعل نفس الشىء بأردوغان.. رسم له خطا أحمر فى شرق المتوسط ووقف كاللقمة فى الزور فى ليبيا وغيرها من الدول الأفريقية التى يحاول أردوغان أن يمد نفوذه لها.. كل المؤشرات تؤكد أن منطقة شرق المتوسط هى منطقة واعدة غازيا وبتروليا.. وطبقا للقوانين الدولية فإن نصيب تركيا من مياه شرق المتوسط قليلة ومتواضعة.. لكن لأن أطماع أردوغان أكبر من نصيب تركيا فقد لجأ إلى سياسة البلطجة على حساب اليونان.. فرنسا البعيدة عن شرق المتوسط لم تقف ساكنة، فقد أسرع ماكرون بإرسال طائرات حربية وقطع بحرية فرنسية لمساندة اليونان.. فى نفس الوقت نجح ماكرون فى حشد عدد من أقوى دول الاتحاد الأوروبى للوقوف فى وجه أردوغان.. فى نفس الوقت فقد بدأ موقف أمريكا يميل ناحية اليونان.. وتتبادل كل الأطراف لعبة المناورات كنوع من استعراض القوة.. لكن أردوغان يعلم أن وجود 36 قطعة بحرية فرنسية إلى جانب 30 قطعة يونانية، بالإضافة إلى مقاتلات الرافال التى أرسلها ماكرون إلى اليونان.. أردوغان يعلم أنه غير قادر على هذه المواجهة العسكرية.. بالإضافة إلى أن فرنسا ومن ورائها الاتحاد الأوروبى يهددون بفرض عقوبات اقتصادية قاسية على أردوغان إذا استمر فى انتهاج سياسة البلطجة فى شرق المتوسط.. ولكل هذه الأسباب يعرف أردوغان أنه سيكون الخاسر فى النهاية.. كل ذلك بسبب ماكرون.. ولذلك يطيق أردوغان العمى ولا يطيق ماكرون.. ولأن أردوغان هو حامى حمى الإخوان.. ارتفعت أصوات نباح قنوات الإخوان على ماكرون!.. ولا يتوقف نباح قنوات الإخوان.. ولكن لأسباب مختلفة!.. فجأة تحولت دولة الإمارات إلى هدف لنيران قنوات الإخوان.. سِباب واتهامات بالخيانة والعمالة.. محمد بن زايد الخائن.. العميل.. الإمارات باعت القضية الفلسطينية.. طعنة فى ظهر الفلسطينيين.. هو هو هو هو هو (!!!) الحكاية أن الإمارات وقّعت اتفاق سلام مع إسرائيل.. نختلف أو نتفق هل يمكن أن يكون هذا الاتفاق هو سبب ضياع فلسطين؟!.. لا نستطيع أن نتجاهل أن الظروف العالمية تغيرت وتبدلت وتحولت 180 درجة.. وباعتبار أن الإمارات دولة مستقلة ذات سيادة، فمن حقها أن تكون لها رؤيتها الخاصة فى ظل هذه المتغيرات العالمية.. وحتى لو كان قرار الإمارات غير صحيح من وجهة نظر البعض.. فمن المسئول عن ضياع فلسطين، الإمارات أم الفلسطينيون أنفسهم الذين ضيعوا فرصة استرداد أراضيهم أيام السادات والذين انقسموا وحاربوا بعضهم البعض؟!.. الحكاية كلها تدعو للسخرية وتذكرنى بحكاية ساخرة.. ففى السبعينات أقيمت فى تونس مسابقة كأس فلسطين لكرة القدم.. ولأسباب مختلفة خسر الفريق المصرى الذى كان يدربه اللاعب الأسمر الشهير محمد الجندى.. فوجئ الجندى عند عودته من تونس بعاصفة من الانتقادات.. كده يا جندى.. حرام عليك يا جندى.. ضيعت كأس فلسطين يا جندى!.. وشعر الجندى بالاستفزاز فقال لمنتقديه: "جرى إيه يا أولاد الـ .. .. انتوا ضيعتوا فلسطين كلها محدش اتكلم.. جايين تحاسبونى على كأس فلسطين؟!".. وطبعًا كل هذه الاعتبارات لا تهم قنوات الإخوان وإنما الذى يهمها موقف الإمارات من أردوغان.. وليس خافيًا أن الإمارات تساهم فى خنق أردوغان فهى لاعب رئيسى فى ليبيا يقف أمام أطماع أردوغان وهى مؤيدة لليونان فى قضية شرق المتوسط.. وقد قامت بالفعل بإرسال طائرات إماراتية حربية لعمل مناورات مع اليونان.. أضف إلى ذلك أن الإمارات تطارد تركيا فى المحافل الدولية بسبب اعتدائها على الدول العربية.. ولا ننسى أيضا مقاطعة الإمارات لقطر.. ولكل هذه الأسباب لا يتوقف نباح قنوات الإخوان على الإمارات وعلى الشيخ محمد بن زايد!.. ووسط كل هذه الأحداث يقدم شاب متطرف على حرق نسخة من المصحف الشريف.. وتقوم الدنيا ولا تقعد.. وتشارك قنوات الإخوان بطريقتها.. تسمع صوت نباح القنوات الإخوانية ليس على الشاب المتطرف المجرم الذى ارتكب هذه الفعلة وإنما على الذين ساعدوه وشجعوه على ارتكاب هذه الخطيئة.. من هم هؤلاء الذين ساعدوه وشجعوه؟.. كثيرون فى مقدمتهم عبد الفتاح السيسي.. لماذا يا عباقرة زمانكم؟.. لأنه يهدم المساجد فى مصر.. وتبدأ حفلات النباح.. السيسي عدو الإسلام والمسلمين.. السيسي هادم بيوت الله.. السيسي يهدم المساجد فى مصر.. هو هو هو هو هو!.. صحيح أن هناك عدد محدود جدًا من المساجد تم إزالتها.. إما لأنها مقامة على أرض مملوكة ومسروقة من الدولة أو بهدف توسيع بعض الطرق، ورغم ذلك فقد قامت الدولة ببناء مساجد بديلة آخرها 18 مسجد على محور المحمودية.. وعمومًا فهذه قضية تحسمها الأرقام.. والأرقام تقول إنه تم بناء 11 ألف مسجد فى مصر منذ الفتح الإسلامى وحتى قيام ثورة 52.. أما بعد ذلك فقد تم بناء حوالى 126 ألف مسجد.. منها 1200 مسجد فى المدن الجديدة وحدها.. ابتداء من عام 2014 وحتى الآن. وبالطبع الحكاية كلها هى كراهية الإخوان للسيسي!.. وهكذا تتمسك قنوات الإخوان بسياستها.. سياسة "الهوهوه".. وترفع شعار.. لا صوت يعلو على صوت النباح!..
    أضف تعليق

    تسوق مع جوميا

    الاكثر قراءة

    إعلان آراك 2