تعيش جماعة الإخوان الإرهابية خلال تلك الأيام أسوأ فتراتها على مدار تاريخها منذ تأسيسها على يد حسن البنا عام 1928، نتيجة تلقيها عدد من الضربات الموجعة، فضلا عن إنهيارها تنظيميا، وارتباكها فكريا، وسقوطها سياسيا، ورفضها شعبيا.
لكنها في الوقت ذاته ومن خلال حلفائها في المخابرات القطرية والتركية، فضلا عن روافدها في التنظيم الدولي المنتشرة في أكثر من 86 دولة، تعمل على مخطط إسقاط الدولة المصرية، من خلال دعوات تحريضية تجاه مؤسسات الدولة لتنفيذ سيناريو الفوضى وإثارة الشغب في الداخل المصري كي تجني منه عددا من المكاسب السياسية.
(1)
الإخوان وحلفاؤهم الاستخباراتيين يدركون تماما أنهم لن يستطيعوا تحريك الشارع المصري، ولم يعد في إمكانياتهم تنفيذ مخططهم في تنصيب الجماعة على قمة المشهد السياسي أو في سد الحكم مرة أخرى، ومن ثم في إطار مواجهتهم الحالية مع النظام السياسي المصري، ومساعيهم في إسقاط الدولة المصرية، يعتمدون على شخصيات من المرتزقة غير المحسوبين تنظيميا أو فكريا على الجماعة ومشروعها، بهدف تصدير الحالة على أنها حراك شعبي شعبي، ولا علاقة له بتنظيمات أو جماعات مؤدلجة فكريا أو سياسيا.
محمد علي يمثل بالنسبة للجماعة وحلفائها الاستخباراتيين نموذجا من المرتزقة يسهل تطويعه وتوظيفه بسهولة متناهية، لكونه شخصية مهزوزة نفسيا وسلوكيا، كما أنه لم يتحصل على قدر كاف من التعليم، ما يعني أنه من ذوي القدرات المحدودة، فضلا عن سيطرة دوافع الشهرة على سلوكه الباطن، بعد أن فشل في أن يكون نجما سينمائيا، من خلال أفلام المقاولات التي مولت من أمواله الخاصة.
(2)
الإخوان وحلفاؤهم الاستخباراتيين، يرغبون في استثمار بعض الأزمات الداخلية الحالية، مثل قضية البناء المخالف، واشكالية قانون التصالح، فضلا عن بعض الأوضاع الاقتصادية المترتبة على أزمة كورونا، وفقدان عدد من العمالة في القطاع الخاص لوظائفهم، وتحويلها لحالة من الحراك الشعبي في الداخل المصري.
الجماعة حددت 20 سبتمبر، ليكون محطة أولى ضمن مجموعة من السيناريوهات الفوضوية، يتم التخطيط لها وصولا إلى 25 يناير 2021، لإصباغ الأمر على أنه ثورة شعبية ضد النظام بعيدا عن الجماعة ومشروعها التخريبي، بعد أن ظهر وجهها الحقيقي وميولها لتكفير المجتمع وشرعنة العنف المسلح على مدار السنوات الماضية، وفشلها في استخدام المظلومية لتبرير جرائمها وإرهابها.
(3)
يسعى الإخوان وحلفاؤهم، في تمرير سيناريو الفوضى وإثارة الشارع المصري، للضغط على النظام السياسي في عدد من القضايا الخارجية، فضلا عن تخفيف التضييقات الأمنية على خلاياها الكامنة في القاهرة، لاسيما عقب القبض على محمود عزت، الرجل الحديدي داخل التنظيم وإعاقة تحركاتها بشكل كامل.
تعتمد الجماعة على الإعلام الموزاي أو الإعلام البديل، (إعلام السوشيال ميديا)، المؤثر والفاعل، بهدف استقطاب شرائح مجتمعية متعددة يتم تدريبها عن بعد على فكرة التمرد والعصيان المدني، وتكتيكات الثورات الشعبية، وهي أساليب تم التدريب عليها من خلال "أكاديمية التغيير" القطرية، التي كانت أحد أهم الأدورات التي تم توظيفها في أحداث الخراب العربي في 2011، من خلال تدريب قطاعات ومجموعات شبابية وجها لوجه، لكنها الان تعتمد على ما يعرف بمخاطب العقل الجمعي للمجتمع عبر منصات التواصل الاجتماعي.
(4)
تحاول الإخوان من خلال دعواتها التحريضية بإثارة الفوضى في الشارع المصري، فرض نفسها على الساحة الداخلية، والإعلان عن مقدراتها في تحريك الشارع بشكل غير مباشر تحت مصطلحات التغيير والحريات والديمقراطية، والتي لا يعرفون عن معانيها شيء، ويلبسونها رداء الدين لتحقيق أهدافهم في الوصول للسلطة والهينمة على مقدرات الدولة المصرية، والقضاء ما يعرف بمفردات الدولة الوطنية لصالح الأممية الأصولية.
تدرك جماعة الإخوان أنها لن تحقق مكاسبها على أرض الواقع، لكنها من خلال الدعوات التحريضية تعطي مجموعة من الرسائل للداخل والخارج، بأن الأوضاع في الدولة المصرية غير مستقرة، وأن سيناريو الفوضى يخيم على الأجواء الداخلية، وأن هناك حالة من الرفض الشعبي لإجراءات الإصلاح الإقتصادي التي تتخذها الحكومة في تلك المرحلة، بما يخالف الإجراءات والحقائق التي تتم على أرض الواقع، ما ينعكس على قطاع السياحة والاستثمار بشكل عام في النهاية.
(5)
هدف الإخوان وحلفاؤها في تلك المرحلة إنهاك وإرباك الأجهزة الأمنية واستنزافها ماديا وبشريا، بما يحقق لها مبتغاها في تعطيل الدولة عن المصرية عن استكمال طريقها في التنمية واستحقاقاتها السياسية والاقتصادية والأمنية، إذ أن تحريك القوات يكلف الدولة مبالغ طائلة، فضلا عن إعلن حالة الطواريء والغاء إجازات الضباط والقيادات الأمنية، ما يعني زيادة التوتر في الداخل المصري.
الدعوات التحريضية للإخوان وحلفائها تعتمد على فكرة "السيكولوجية النفسية" للقطاعات والفئات المجتمعية في الشارع المصري، من خلال ترسيخ مجموعة من المعتقدات الوهمية التي توحي بسقوط هيبة الدولة المصرية، وضعف مؤسساتها، وانهيار نظامها السياسي، ما يحقق لها صناعة حالة من فقدان الثقة بين المواطن وأجهزة الدولة، فضلا عن تصدير صورة للرفض الشعبي للرئيس السيسي، خلافا للحقيقة الواقعية المتمثلة في الظهير الشعبي القوى والداعم للدولة ومؤسساتها ولرئيسها في تلك المرحلة، بعد أن أصقلته التجربة العملية بأن الإخوان دعاة فتنة وخراب، ويوظفون الدين والشريعة لخدمة أجندتهم الإستعمارية الداعية لتقسيم المنطقة العربية لصالح مشروع دولتهم المزعومة.