الربيع الرحيمة إسماعيل يكتب: لماذا لن أسمح بتدريس روايتي في المقرر ؟
الربيع الرحيمة إسماعيل يكتب: لماذا لن أسمح بتدريس روايتي في المقرر ؟
كانت ولا زالت رواية "الأشياء تتداعى "Things Fall a part للكاتب النيجيري " تشينوا اتشيبي" الحائزة على جائزة نوبل للآداب، واحدةً من أروع الأعمال الأدبية التي تمثل ملحمة في التاريخ الإنساني والنقد الإجتماعي لسيرورة المجتمعات البدائية.
لست هنا بصدد تقديم نقد أدبي أو مراجعة للرواية بقدر ما هو رثاء لحالي مصحوب بشئ من الحسرة على عدم اكتشافي لتلك الرواية بنفسي ، إذ كانت من ضمن المقرر الدراسي للأدب الانجليزي في السنة الثالثة بالمرحلة الثانوية ، و كنت أتعاطى مع ذاك العمل الفني بإستهلاك معلوماتي للأفكار بغرض الحفظ و من ثم الزج بها في ورقة الإمتحان ،عوضاً عن التفكير في مغزى العمل و السرد الروائي.
كقارئ، ربما لست الوحيد الذي فقد متعة اكتشاف عمل فني تم فرضه في سياق المقرر كما أن الرواية نفسها لم تكن الوحيدة التي ظلمت بفرضها على الطلاب، فهناك أعمال كثيرة ذات قيمة فنية عالية ضاعت قيمتها على القراء لفرضها في المقرر الدراسي.
وجدت أحد المراجعين يذكر أهم خمسة كتب في السير الذاتية وكان من ضمنها " كتاب الأيام" لـ طه حسين ، فعلق أحد المشاهدين بأسى: " كتاب الأيام كتاب جميل ، أفسدته الوزارة بفرضه في المقرر" ، فتمنيت وقتها لو أن عميد الأدب طه حسين حذا بحذو رفيقه أنيس منصور حينما رفض عرض الوزارة له بتدريس كتابه حول العالم في ٢٠٠ يوم .
حرية القراءة لا تكمن في فك تلك القيود والأغلال التي تقبع في عقولنا، بل في تمثل العملية نفسها، بدءاً بإختيار الكتاب مروراً بوقت الجلوس ثم الشروع في قراءته وتفحصه ، أي أنها تحرر في العملية ثم النتيجة فيما بعد .
لذا ... و كإجابة على ذاك السؤال الجوهري لماذا لن أسمح بتدريس أعمالي الأدبية ؟
ربما إيماناً مني بتلك الحرية الكاملة في انتقاء الأعمال الفكرية كإنتقائنا للكلمات والعبارات التي تليق بنا وبالمواقف، وإن كانت تلك الأعمال الفكرية جديرة بقراءتك عزيزي ، فربما ستكتشفها بنفسك يوماً ما.