البابا تواضروس الثانى: الكنيسة لا تعرف «حرس قديم أو جديد»

البابا تواضروس الثانى: الكنيسة لا تعرف «حرس قديم أو جديد»البابا تواضروس الثانى: الكنيسة لا تعرف «حرس قديم أو جديد»

حوار22-10-2020 | 11:13

حوار : محمد أمين ــ وليد فائق

تصوير:  عامر عبدر به  ـ رمضان على  

عندما أسافر إلى الخارج خاصة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، أتحدث مع أبنائنا هناك وأقول لهم «ستمر الأيام وستعودون إلى مصر وتطلبون فيزا لدخولها.. وقتها سنفكر هل نمنحكم الفيزا أم لا» بهذه الكلمات عبر قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عن رؤيته لمستقبل مصر، فى حديث من القلب استمر لأكثر من ساعة وثلث الساعة، بالمقر الباباوي بالعباسية لم يرفض خلاله أي سؤال طرحناه عليه، حوار امتاز بالشفافية والمصداقية، كشف فيه عن تفاصيل ما حدث يوم

٣ يوليو 2013، والزيارة التي قام بها مع الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إلى الرئيس المعزول محمد مرسي قبل الثورة بـ 12 يومًا.

انتقلنا خلال الحوار بين القضايا السياسية والدينية والأوضاع التى تعيشها  مصر والمنطقة حاليا، ودور الكنيسة فى القضايا الوطنية منها سد النهضة، وتجديد الخطاب الديني، ودور الإعلام فى بناء المجتمع، وقانون الأحوال الشخصية.

وعلاقات الكنيسة المصرية بالفاتيكان، وذكرياته مع انتصارات أكتوبر المجيدة.

وبماذا وصف الانتخابات البرلمانية القادمة.

والعديد من الموضوعات التي تحدث فيها قداسة البابا تواضروس الثاني فى حواره لـ «أكتوبر».

ونحن نحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة..ما ذكرياتك عن الحرب ؟

فى عام 1973، كنت طالبًا فى الفرقة الثالثة بكلية الصيدلة جامعة الإسكندرية.. وكنا فى بداية العام الدراسى.. ومنذ البيان الأول للحرب كانت الأجواء مختلفة، لأنه فى حرب 67 كانت الأرقام التى تقال –كما يعلم الجميع– على غير الحقيقة، لكن البيانات فى 1973 كانت فى منتهى التعقل، وفى الأيام الأولى للحرب عندما كنا نسير فى الشوارع ونجد بعضًا من جنودنا الأبطال مع الدبابات أو المركبات العسكرية لحفظ البلاد، كنا نناديهم بلقب «وحوش» وهى كانت كلمة معبرة لما تجيش به نفوسنا من مشاعر لهؤلاء الذين عبروا القناة واقتحموا خط بارليف.. كانت فرحتنا كبيرة جداً، وعلى الرغم من عدم وجود الإمكانيات التكنولوجية وقتها، لكن عندما بث التليفزيون بعد ذلك لقطات لعبور القناة وإقامة الكبارى المتحركة كانت هذه المشاهد بالنسبة لنا لا تنسى، أكتوبر معجزة صنعها الإنسان المصرى.. لأن التخطيط الجيد والإعداد والسرية والروح الحماسية التى نفذ بها قرار الحرب كانت سببًا رئيسيًا للانتصار الذى تحقق.

 قداسة البابا.. عاصرت الفترة ما قبل حرب أكتوبر.. كيف رأيت المظاهرات التى تطالب الدولة بالحرب بدون أى رد فعل من الدولة ؟

فى 67 كــــانت النكســـة وكنــــت وقتها فىالإعدادية، وقبل الحرب بيومين فى

3 يونيو توفى والدى، فكان لدى ظرف خاص فى المنزل وآخر عام فى الدولة كلها، وقتها خرج عبد الناصر وأعلن التنحى، وخرجت الجموع كلها رافضة ذلك، صحيح لم أشارك فى المظاهرات لكن قلبى كان معهم، وبالفعل عدل

عبد الناصر عن قراره، بعدها بدأت تتكشف أمور كثيرة كنا نجهلها عن أخطاء وتقصير لبعض المسئولين فى إدارة الحرب، وأننا لم نكن فى كامل استعدادنا، وكانت هناك معلومات غير دقيقة..

فى 1968، ظهرت القديسة العذراء مريم فى كنيستها بالزيتون واستمر ظهورها لما يزيد على سنتين، وهذا الظهور نعتبره رسالة لكل المصريين وليس للأقباط فقط، رفعت الروح المعنوية للشعب المصرى بأن السماء معنا خاصة أن العذراء محبوبة فى كل الأديان..

وفى عام 1969 بدأت حرب الاستنزاف، وقتها أتذكر أن كل موارد الدولة كانت موجهة للحرب، وكان هناك ما أطلق عليه المجهود الحربى، وكانت حفلات أم كلثوم فى باريس يخصص دخلها للمجهود الحربى، وأذكر أننى كنت أحصل على مكافأة تفوق وأنا فى الجامعة وكانت تخصم منها قروش قليلة للمجهود الحربى، فالأجواء نفسها كانت أننا سوف نحارب.. ولكن متى؟ لا نعرف!.. مفاوضات ووزراء خارجية يأتون ويذهبون، وبدون حل، ولا يوجد تحرك على الأرض، اكتشفنا بعد ذلك أنها كانت فترة إعداد للقوات المسلحة للحرب فى إطار خطة الخداع الاستراتيجي..

  • الشهر القادم تحتفل الكنيسة بمرور 8 سنوات على جلوسكم على كرسى مارمرقس الرسول.. هل كان الشاب وجيه صبحى باقى وهو يخطو خطواته الأولى فى الدير يرى أن الرحلة ستنتهى به للكرسى الباباوى ؟

بالطبع لا، تخرجت فى 75، وبعدها فى سنة 1979 عملت دراسات عليا فى «الهندسة الصيدلية»، أو ما نطلق عليه «صيدلية المصانع»، وفى سنة 1981، درست فى كلية اللاهوت فى الإسكندرية لمدة 3 سنوات، وبعدها سافرت فى منحة دراسية إلى إنجلترا حيث درست «مراقبة الجودة» فى المصانع، انتهيت من البعثة عام 1985، وبعدها بعام فى 86 دخلت الدير، والحقيقة كنت أريد أن ألتحق بالدير عقب التخرج مباشرة ولكن كانت هناك ظروف عائلية عطلتنى، والحمد لله دخلت الدير وفى ظنى أننى سأقضى كل عمرى فيه.

  • هل اختلفت حياة قداستكم بعد اعتلاءكم المنصب؟

بالطبع اختلفت كليًا، فى الدير هناك نظام وحياة رهبانية هادئة، الدير مكان متشبع بالصلوات فيه راحة داخلية وسلام وفرح، ونوع من العزلة عن العالم، فى الدير لا نريد شيئًا من العالم..

  • لذلك قداستك حريص على زيارة الدير أسبوعيًا ؟

ليـــس شرطاً كـــل أسبــــوع ولكنـــى أزوره باستمرار، فى الأسبوع الماضى قضيت فى الدير

3 أيام، حريص أن يكون لى علاقة مستمرة مع الدير، خاصة أنه فى الطريق ما بين القاهرة والإسكندرية، فأذهب إليه عندما أكون مسافرًا بينهما..

 * يرى كثيرون أن قداستك تؤمن بالأسلوب العلمى فى مواجهة المشاكل.. كيف يمكن حل المشكلات بهذا الأسلوب؟

نحن فى عصر العلم، الذى يدير هذه الحياة كلها، والحمد لله تعلمنا من أساتذتنا فى الجامعة وفى الدراسات العليا، وحتى عندما سافرت للخارج، أن العلم قيمة أولى فى الحياة، لكن كما تعلم ليس كل إنسان لديه رؤية الاهتمام بقيمة العلم، وعلى سبيل المثال فمن الكلمات المشهورة فى حياتنا الاجتماعية عبارة «خليها بالبركة» مع أنها إدارة ونظم ومسئوليات، ولذلك فكلما استطاعت المدارس أن تخرج لنا طلابًا لديهم الفكر والرؤية العلمية، تقدم المجتمع، ونحن نحاول بالتعليم والتربية والتوعية، لكى تفهم الناس الخطوات العلمية وهذا مهم جداً سواء للكنيسة أو الوطن ككل.

 * هل يمكن أن تقص لنا أمثلة عن مشكلات واجهت قداستكم وقمتم بحلها بالأسلوب العلمى؟

مثلا عند اختيار كهنة جدد للكنائس، قديما كان يتم الاختيار من خلال الاستحسان الشخصى للمرشح ككاهن، فاتفقنا فى المجمع المقدس على عمل لائحة لاختيار الكهنة الجدد، وبالفعل أحضرنا متخصصين، أعدوا مسودة للعمل وقدموها لنا، فتمت دراستها فى لجان المجمع المقدس، وأصدرنا لائحة لاختيار الكهنة لها معايير حقيقية محددة بأسلوب علمى، وليست مجرد استحسان شخصى، وقس على ذلك كل الأمور التى يمكن أن تواجهها.

  • المصريون لن ينسوا دوركم الوطنى فى 30 يونيو.. مع فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب.. كيف تصف هذه اللحظات والسيسي يلقي بيان 3 يوليو ؟

خلال السنة التى حكم مصر فيها تنظيم غير مقبول من معظم المصريين، كان الجميع مخدوعًا فيه، كانت هناك حالة من الرفض والإحساس الشخصى الذى تولد عندى إن الوطن بيتسرق يوم ورا يوم، وخلال هذا العام انتخبت «بطريرك» فى نوفمبر 2012 وكانوا قد تولوا الحكم فى يونيه 2012، فكان إحساسًا لم أعشه فى مصر من قبل، وجدنا الحياة المصرية تسرق منا على كل المستويات الفنية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والدينية، وبالتالى كان يجب أن يتحرك الجميع لأخذ موقف مما يحدث.

هذا الأمر صنع نوعًا من الغليان فى الشارع شيئًا فشىء.. فى ذلك الوقت كان الرئيس المعزول يلقى خطابات ويصدر بيانات، فقمنا بزيارته أنا وفضيلة الإمام الأكبر يوم 18 يونيه حتى نطمئن على حال البلد.

 * هل كنت قداستك حريصًا على الذهاب مع فضيلة الإمام؟

اتفقنا أننا نذهب سويًا، نطمئن على مصر من الرئيس، وطلبنا موعدًا وبالفعل تم تحديده، وذهبنا إلى قصر الاتحادية.

 * ماذا دار فى هذه المقابلة ؟

الحقيقة كان لدينا شعور بأن الرئيس ليس لديه فكرة عما يحدث فى الشارع المصري، والغليان المنتشر فى الشارع، فسألناه عما سيحدث فى 30 يونيه، فرد «هيعدى 30 يونيه ويأتى 1 يوليو وتخلص القصة».

 * كيف ترى قداستكم دور الجيش هذه الأيام ومساندته لثورة ٣٠ يونيه ؟

الحقيقة الجيش المصرى جزء من الشعب، كل بيت يوجد فيه ابن أو صاحب، أنا لم ألتحق بالجيش، ولكن لى أصحاب خدموا الجيش وقضوا خدمتهم فى الدفاع عن الوطن، فالجيش من الشعب.

والحقيقة كان الغليان فى الشارع، والجيش يراقب ما يحدث للحفاظ على الوطن، وقد اتخذ الجيش خطوته فى الوقت المناسب تلبية لمطالب الشعب، وليست كخطوة عسكرية، ولكن كخطوة شعبية، بمعنى أن الشعب هو الذى طلب التدخل، ويمكن هذه الرؤية التى لم يعلمها الخارج فى البداية؛ ثم أدركتها بعض الدول بعد مرور سنتين أو ثلاثة، فما كان يحدث فى مصر خلال عام حكم مرسى جعلنا نقول: «ليست هذه مصر التى نعرفها كلنا».

 * ماذا حدث خلال الاجتماع الذى سبق صدور  بيان 3 يوليو ؟

كانت الجلسة يومها يحضرها تقريبًا

20 شخصًا، وكان وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، يديرها بديمقراطيــــة بالاستمـــاع لكــــــل الآراء الحاضرة، وكانت الأمور تسير بشفافية، وكان يعرض الموضوعات بأن هذا الذى حدث.. وهذا هو الموجود.. وهذا الذى نريد أن نفعله، هذه كانت ترتيب الخطوات ولما بدأ يُعد البيان فى ضوء كل المناقشات التى تمت، قدم البيان لمستشار قانونى لكى يضبطه قانونيًا، ثم تقدم لفضيلة الإمام لكى يضبطه لغويًا ثم طلب منا الفريق أول السيسي أن يلقى كل واحد كلمة حوالى دقيقتين، ووزع علينا ورقًا يشبه الكروت لنكتب عليها، والحقيقة لم تكن تحضرنى كلمات محددة فى ذهنى وظلت الورقة بيضاء لم أكتب فيها شيئاً، ولكن كان لدى إحساس أنه عند إلقائى كلمتى سوف أجد ما أقوله.

وبالفعل عندما قمت لإلقاء الكلمة شاهدت العَلم المصرى وتأملت فيه، فقلت هذا العلم يجمعنا كلنا بألوانه الأبيض والأحمر والأسود، فاللون الأبيض يمثل كل السكان على ساحة البحر الأبيض، والأحمر كل سكان البحر الأحمر، أما الأسود فكل السكان حول نهر النيل، وفى القلب النسر الأصفر يرمز إلى الصحراء، ولذلك كلنا نتجمع تحت العلم ونرفعه فى أيدينا، وهذه كانت محور كلمتى، وكل فرد من الحاضرين ألقى كلمة قصيرة لمدة دقائق، وبالطبع الإحساس العام لحظتها كان بالفرحة العارمة لدرجة أننا تلقائيًا بعد ما انتهينا من كلماتنا، أخذنا بعضنا بالأحضان من غير ترتيب، وباركنا بعضنا لبعض لأننا تخلصنا من شىء كان كاتماً على صدورنا.

 بماذا تصف الرئيس السيسي الآن ؟

مايسترو.. يدير شئون البلد بمعرفة وباقتدار شديد.. وهذه الحقيقة واضحة جدًا ونلمسها فى كل يوم بالمشروعات التى تُفتتح والإنجازات التى تحدث، فى اللقاءات التى نسمعها وبعضها أشارك فيها..

 كيف كان شعوركم عندما جاء الرئيس السيسي كأول رئيس مصرى يهنئ الأقباط فى عيدهم أثناء القداس ؟

 نحن نصلى فى أعياد الميلاد المجيد ليلة 6 يناير، ويأتى إلينا ضيوف كثيرون يهنئون فى هذه الليلة؛ منهم بعض الوزراء والنواب والمحافظين والمسئولين بصفة عامة سواء من الشرطة أو من الجيش إلى آخره لكن فى هذا اليوم كان الرئيس السيسي مسافراً للكويت، كان هذا عام 2015، وبالتالى لا توجد فرصة لمجيئه، لكن الحقيقة كانت مفاجأة جميلة جدًا أنه عندما عاد من الكويت جاء مباشرة من المطار للكاتدرائية لتهنئة كل المصريين بعيد الميلاد والسنة الجديدة من قلب الكاتدرائية، وبالطبع كانت فرحة كبيرة جدًا لكل مصر، وأتذكر أننى قرأت فى بعض التقارير أن خبر دخول الرئيس السيسي للكاتدرائية لتهنئة الأقباط والتحدث فيها تم تقديمه لرؤساء بعض الدول مباشرة باعتباره خبرًا عاجلاً، احتل المرتبة الأولى من الأخبار، وكانت فى الحقيقة مفاجأة حلوة ومفرحة وتصويب لكثير من الأمور، لأن الأقباط ليسوا قادمين من الخارج ولكنهم من تراب هذه الأرض، مصريين حتى النخاع، والكنيسة القبطية أقدم كيان شعبى على أرض مصر، ولأن رئيس الدولة هو رئيس لكل المصريين فهو يجامل المصريين جميعاً، والحقيقة أن مجاملته وتهنئته تعد تقديرًا واعتزازًا كبيرًا جدًا.

 كيف رأيت افتتاح السيسي لكاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية ؟

خطوة ذكية للغاية، لأن التعمير ليس فقط «طوب وزلط».. أو مجرد بناء «مبانى وأبراج»، التعمير يجب أن يكون فيه الجانب الروحى أولًا، من خلال الكنيسة والمسجد، والرئيس أعلنها فى 2017، فى الكاتدرائية أن السنة القادمة سوف نصلى فى كنيسة ومسجد فى العاصمة الإدارية الجديدة، والحقيقة كانت قفزة كبيرة، لأننا نعلم أن الكنائس والجوامع تأخذ سنين حتى يتم بناؤها، وبالتالى كانت مفاجأة كبيرة وخطوة ذكية للغاية، والبداية الروحية السليمة للتعمير، أن أهتم بالحياة الروحية للناس قبل الحياة الجسدية فتعمير النفوس روحيًا لا يقل أهمية عن الاهتمام باحتياجات الإنسان، وفى يوم 6 يناير سنة 2019 وفى احتفال رائع حضره كبار المسئولين وفى مقدمتهم الرئيس السيسي، وكــان الرئيس أبو مازن، رئيس فلسطين، حاضراً بالإضافة للعديـــــد من السفــــــراء الأجـانب، افتتحنا المسجد والكاتدرائية وحضرنا قبلها احتفالية عرضت فيها مراحل الإنشاء، كان شيئًا يدعو إلى الفخر، والتاريخ سوف يسجل هذه الخطوة أن رئيس مصر أمر ببناء مسجد وكنيسة فى نفس اليوم وأتمهما وافتتحهما فى نفس اليوم، بحضور كل المسئولين سواء فى الأزهر أو فى الكنيسة شيء غير مسبوق لكن بلا شك هى خطوة ذكية وروحية كبيرة.

 كيف ترى قانون بناء الكنائس ؟

قانون جيد، قبل ذلك لم يكن هناك قانون، وبالتالى فإن صدور القانون فى حد ذاته خطوة عملاقة، والقانون رقم 80 لسنة 2016 لبناء الكنائس، وضع بعد مناقشات عديدة ومناقشات فى مجلس النواب وتم إقراره وصدر والحقيقة له ثمار حلوة جدًا.

 ومتى سيصدر قانون للأحــوال الشخصية المسيحية ؟

قانون الأحوال الشخصية سوف يتم تقديمه لرئيس مجلس الوزراء حتى يحيله لوزارة العدل لتقدمه لمجلس النواب، وكنا قد أخذنا ميعاد الأسبوع قبل الماضى من رئيس الوزراء ولكن تم تأجيله لارتباط مفاجئ، وقابلت وزير العدل وتحدثت معه فى هذه الجزئية.

 كيف يمكن الحفاظ على الأسرة المصرية بصفة عامة ؟

 الأسرة المصرية هى المكون الأول للمجتمع المصرى، والكيان الأسرى أهم كيان، ومصادر تغذية الإنسان خمسة: الأسرة، المؤسسات التعليمية مثل الحضانة والمدرسة والجامعة، المؤسسة الدينية متمثلة فى المسجد والكنسية، وبعد ذلك الأصدقاء، وأخيرًا الإعلام.. فالأسرة هى المصدر الأول للتربية، وبالتالى نحتاج أن نبنى أسرًا قوية ويجب أن نوعى شبابنا على كيفية الاختيار، هناك مثل أجنبى يقول «عندما تختار زوجة اختار أماً صالحة لأولادك» بمعنى ألا تنظر فقط على جمال الشكل، أو العمل الجيد، لكن كأم صالحة لأولادى، وهذه الرؤية المسقبلية مهمة أن نوعى شبابنا وفتياتنا على الاختيار السليم وعلى قيمة الأسرة والحياة الأسرية، والحقيقة هذه نقطة جوهرية لأن ما نصنعه فى البيت أو المؤسسات التعليمية أو الدينية، أحيانًا يهدم بمسلسل أو فيلم، وتضيع معايير الأسرة وقيمها، وهى نقطة فى غاية الخطورة، وكثيراً ما تناقشت مع فضيلة الإمام فى أن بعض المعروضات التي تبث على القنوات التليفزيونية تكون هدّامة أكثر منها بناءة للقيم الأسرية.

 قداستك فى هذه الجزئية أثرت نقطة مهمة جدًا.. وهى دور القوى الناعمة.. فهل هذه رسالة توجهها للإعلام.. أن يعيد مرة أخرى النظر إلى الأعمال المقدمة للعودة للقيم والأخلاقيات ؟

قرأت كتابًا لهيئة الاستعلامات منذ حوالى 20 سنة أو أكثر اسمه «الميديا الإلهية»، طبعًا عنوان صادم، كأنه هناك إله واحد وإله اتنين، وبالطبع كلام غير صحيح، لكن للأسف قدرتها وقوتها وتأثيرها زادت أكتر من خلال مواقع السوشيال ميديا بصفة عامة، من خلال وجود الموبايل وسهولة التواصل على مستوى العالم، فبلا شك الله يكون فى عون الأجيال الجديدة لأنها أصبحت مشتتة، كان زمان من 30 سنة – وليس من القرون الأولى – الإنسان يتعلم من أبوه وأمه، وبعد ذلك المدرسة ثم الكاهن فى الكنيسة، اليوم الطفل أو الشاب ممن يتعلم؟!، أولًا فى إيده الموبايل مصادره لا تنتهى، ثم إن الأب والأم مشغولـــون، والمـــــدارس تعرضــــت لأزمـــــات كثيرة، والمؤسســـة الدينية جزء من المجتمع، فبقى الإنسان مشتت، وهذا ما تؤكده اليونسكو من أهمية المصدر الواحد للتعليم، ولكن تعدد المصادر يصنع التشتت، وهذه نظرية مهمة جداً، ثم ماذا يقدم الإعلام لأنه فى بعض الأماكن اهتم بالاتجاه الاقتصادي والاستثمـــارى والمالــى بصفة عامة، فأصبح يبيـــــع الأخلاقيات والقيم، التى تقوم عليها الأسرة فى سبيــــــــل أن يســــوق السلعة التى يبيعها، ويحصل من ورائها على ربح وهذا أمر خطير للغاية، أحيانًا يتاح لي أن أشاهد التليفزيون لبضع من الوقت فأقول الله يكون فى عون الأولاد والبنات، نحن ككبار نعرف أن نفرز الجيد والسيئ ولكن ماذا يفعل الشباب فى سن 15 أو 18، فالحقيقة الإعلام دوره فى غاية الخطورة.

 قداستك أشرت لنقطة مهمة هى أن الإعلام المفروض لا يبيع الأخلاق بالفلوس ولكن من يتعامل مع ملف الإعلام بشكل كامل يتعامل مع منطق المكسب والخسارة؟

قرأت مرة عن دولة من الدول الاشتراكية القديمة عندها تدهور اقتصادي، فإحدى الدول الغنية عرضت مساعدتها بـ 500 مليون يورو، وهو مبلغ رائع ولكن فى مقابل ماذا؟ كان المقابل إقرار قانون للشذوذ فى الدولة الفقيرة، تصور أصبحت الأخلاق تباع مقابل المساعدات وهذا ما يحدث الآن، وطبعًا هذه الدولة الفقيرة عندها طاقة إيمانية قوية فرفضت، والإعلام الحقيقة لازم يراعى ربنا فى تربية أولادنا وزرع القيم السليمة والأسرية، أعرف أن هذا صعب ولكنه واجب لكى نحافظ على مجتمعنا.

  • ذكرت أكثر من مرة فى حديثك فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب.. كيف تصف قداستك العلاقات ما بين الكنيسة والأزهر؟

علاقتنا طيبة ونتزاور ونتشاور ونتكلم فى التليفون فى بعض المناسبات وفى بعض اللقاءات نحضر معا سواء كانت احتفالات أو مناسبات وصباح الخميس الماضي، كنا فى حفل تخريج دفعة جديدة من كلية الشرطة، والعلاقة بيننا طيبة، وأنا شخصيا أشعر بالسعادة عند مقابلته وأعتقد أن لديه نفس الشعور أيضا، والعلاقات طيبة للغاية بيننا.

 كيف تصف العلاقات مع الفاتيكان حاليًا ؟

العلاقات مع الفاتيكان ممتدة منذ وقت طويل، وفى 10 مايو 1973 قام البابا شنودة بأول زيارة للفاتيكان، وأنا شخصيا قمت أيضا بزيارته فى 10 مايو عام 2013، وتمت بطريقة طيبة، وكان البابا فرنسيس وقتها منتخب حديثاً، حيث انتخب يوم 13 مارس 2013، وكان وقتها قد مر على اعتلائى الكرسى الباباوى حوالى  6 شهور، وكانت مقابلة طيبة، وبعد 4 سنوات فى عام 2017 رد البابا فرانسيس الزيارة فى مصر، وتقابلت معه أيضا مرة أخرى فى إيطاليا عام 2018.

وهناك لجنة حوار بين الكنيستين تجتمع سنويا فى الأسبوع الأخير من شهر يناير والحقيقة نشارك فيها مع كل الكنائس الشقيقة لنا، وكان الاجتماع عام 2016 و2017 فى القاهرة.

 كيف رأيت اعتماد الفاتيكان رحلة العائلة المقدسة إلى مصر حجًا مقدسًا للكاثوليك حول العالم؟

الفاتيكان باعتباره فى وسط أوروبا، كان يعمل على تشجيع هذا المسار، وهذه الرحلة تاريخية وأراد أن يلفت النظر لها، وبهذه الصورة سافر وفد من وزارة السياحة وتقابل مع قداسة البابا فرانسيس والتقطوا الصور معه، وبدأوا الانتباه لزيارة مصر لهذا المسار، وفى المقابل مصر بكل مسئوليها بدأت تهتم بخطوات هذا المسار، وهو مقسم إلى 25 محطة، وهذا المسار فى الأصل نصفه برى والآخر نهرى، وبدأت الدولة تهتم بمناطق مثل مصر القديمة والمعادى ووادى النطرون وجبل الدير فى المنيا وغيرها وجاء فيروس كورونا فأوقف ذلك.

  لقداستك الفضل منذ 7 سنوات فى إنشاء مجلس كنائس مصر.. كيف ترى هذه التجربة ونتائجها حاليًا؟

الحقيقة من فكر فى إنشاء مجلس كنائس مصر كان البابا شنودة، وتنيح ولم يستكمل هذا المجلس، وبدأنا بعده فى استكماله، وهذا المجلس يجعل الصوت المسيحى على أرض مصر واحدًا، ويوجد به 5 أعضاء، الكنيسة القبطية واليونانية الأرثوذكسيــــة والكـاثوليكيـــة والانجيليكانيــة والبروتستانتية، ونحتفل بعيده فى شهر فبراير من كل عام، وتوجد أنشطة للشباب والرعاية والمرأة، وهناك مؤتمرات يتم المشاركة فيها، وله أيضا دور يعمل بجوار مجلس كنائس الشرق الأوسط لأن الأعضاء الخمسة هم أعضاء فى مجلس كنائس الشرق الأوسط الذى تأسس عام 1974 ونشارك فيه، وفى حادث الانفجار الأخير الذى وقع فى بيروت فى 4 أغسطس الماضى، مصر قدمت معونة كحكومات، ونحن ككنائس، قدمنا مجموعة من المعونات الغذائية والطبية لمجلس كنائس الشرق الأوسط كنوع من التعاون.

 كيف يمكن أن نعيد الرهبنة المصرية إلى سابق عصرها ؟

لدينا 54 ديرًا قبطيًا معظمها فى مصر ويوجد حوالى 12 ديرًا خارج مصر، وهناك أديرة تحت التأسيس، ورهبنتنا قديمة ولها دورها فى العالم، ولدينا البعض يخدمون بكنائس فى العالم مثل ألمانيا وانجلترا، والبعض فى دول الخليج والسودان وكينيا وجنوب أفريقيا وزامبيا، والرهبنة المصرية عتيقة وقديمة، ويوجد أيضا رهبان للخدمات، ورهبنة الراهبات وهى ديرية للتعبد، فالراهبات فى أديرتهم عملهم الصلاة فقط، ولدينا خط آخر من النظام الكنسى يسمى المكرسات مثل راهبة تعيش فى العالم، وليس فى الدير، ولدينا أيضا الخدمات المتنوعة سواء التعليمية أو الخدمية أو الصحية أو الاجتماعية.

 هل بعض الوحدات الإنتاجية فى الأديرة تسبب مشكلات ؟

الراهب حياته اليومية 3 مراحل، وقت للصلاة، ووقت للقراءة والدراسة والمعرفة، وأيضا وقت للعمل، وعندما ازداد عدد الرهبان فى أديرتهم يصبح فى المقابل هناك زيادة فى العمل، لزيادة الاحتياجات، مثل أديرة الرهبان عدد كبير منها موجود فى الصحراء فبدأ استصلاح الأرض، وهذه الأعمال الكبيرة بدأت تدخل فى الأديرة، وكلها أعمال تطوعية وخدمية، وبالتالى تخدم الدير والناس مما يحتاجونه، ويقاس على هذا كل الأديرة، مثلا فى أديرة الراهبات يقمن بأشغال المنسوجات، والعمل جزء من حياة الراهب، فلابد أن يعمل وبدون مقابل، وعندما دخلت الدير كراهب عملت عامين فى المطبخ بدون مقابل، وبعدها بدأت أقابل الضيوف الذين يتحدثون باللغة العربية فى الدير، وبعدها عملت صيدلي وكان كل زميل له تخصص.

 «الحرس القديم.. والحرس الجديد».. «أبناء البابا شنودة.. تلاميذ الأب متى المسكين» كلها مصطلحات جديدة وغربية عن الكنيسة.. كيف ترى هذه المصطلحات؟ ولماذا ظهرت الآن ؟

هذا من تأليف الناس، فمع وجود صفحات السوشيال ميديا، أخذ البعض يبث شائعات وأكاذيب، «وهناك قصة مشهورة عن صحفي مبتدئ ذهب إلى رئيس التحرير وقال له ماذا أعمل لكى أصبح مشهورًا؟.. فأجابه رئيس التحرير ابحث عن شخصية تكون مشهورة وتطاول عليها، وعندما عاد الصحفى إلى مكتبه بدأ يبحث عن أكثر شخصية مشهورة يعرفها، جاء فى ذهنه رئيس التحرير، فهاجمه»، فهكذا المجتمع بصفة عامة وهذه حاجة مسأوية، فالحرس القديم أو الجديد ليس من أدبيات الكنيسة.

 بالمناسبة كيف ترى السوشيال ميديا وتأثيرها على المجتمع ؟

فى سالف الزمان اخترع السكين لإعداد الطعام، لكن الإنسان أخذ هذا الاختراع المفيد، وبدأ يستخدمه كسلاح يعتدى به على حياة الآخرين، والسوشيال ميديا وسيلة تواصل جيدة، لكن استغلها البعض استغلالا سيئا فى تشويه صورة المجتمع والكنيسة ومصر بصفة عامة والأشخاص والمؤسسات والمشروعات.

 وكيف نحل هذه المشكلة ؟

من حوالى 20 عاما سافرت لدولة آسيوية متقدمة، فأبلغوني بأنه فى العام القادم سيكــــون لديهــــم إنترنت نقى، وعندما استفســــرت عن ذلك أجابــــــوا، نحن حجبنــــــا مواقع السياسة والدين والجنس، وتركنا المواقع الفنية والثقافية والاجتماعية.

 كيف ترى جائحة كورونا والجميع يتحدث عن موجة ثانية ؟

ربنا حافظ مصر إلى درجة كبيرة وهى نعمة كبيرة من الله ولها أسباب كثيرة، وبلا شك أن كورونا قد أثر على العالم كله، على الاقتصاد والسياسة والمجتمع، وأتمنى ألا تكون الموجة الثانية شديدة، وعلى الناس أيضا أن تنتبه وتأخذ الإجراءات الاحترازية لأن الوقاية خير من العلاج.

 وما رأيكم فى إدارة الدولة للأزمة التى تسببت فيها الجائحة ؟

بالطبع كانت إدارة مستنيرة وإدارة جيدة جدا وكان فيه تناغم بين كل المسئولين والرائع أن مصر قامت بإجـــــراءات سريعــــــــة ووفرت إمكانيات كثيرة مثل مستشفى أرض المعارض وتواجد 4000 سرير، والإمكانيات الصحية المتواجدة فى القوات المسلحة والتى أضيفــــــــت لإمكانيات الدولة وكان من الرائع جدا أن مصر رغم تعرضها للأزمة إلا أنها تقدم مساعدات رمزية لبعض الدول مثل الصين وإيطاليا وأمريكا وهذه مشاعر الإنسان الصح.. بيقولوا الصديق عند الضيق، هذا طبعا تطبيق حرفى وبالطبع عمليات الحظر والعزل كانت إجراءات جيدة عملت وقاية للبلاد من مضاعفات شديدة.. وبصفة عامة أنا أعتقد أن إدارة مصر للجائحة كانت إدارة نموذجية ومنطمة الصحة العالمية أشادت بذلك، ونحن نشكر ربنا.

 بمناسبة الحديث عن رأيكم فى الأداء الحكومي.. كيف ترون حجم الإنجازات التي تمت فى مصر خلال

الـ ٦ سنوات الماضية ؟

لم نكن نحلم أن مصر يكون فيها هذا الإنجاز الواسع، والحقيقة ربنا يديهم الصحة والعمر الطويل الرئيس السيسي ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب والوزراء، وكل المسئولين والقوات المسلحة وقوات الشرطة والهيئة الهندسية، فعملية ضبط المجتمع المصرى وتنميته من خلال هذه المشروعات نعمة كبيرة من عند الله، والحاجة الجميلة أن كل هذه المشروعات لم تتوقف على مجال واحد مثل المجال الزراعى أو الصناعى أو الصحى أو التعليمي لكن فى كل المجالات، وأنا أحب أن أشيد بكل المبادرات الصحية خاصة مبادرة فيروس سى ومبادرة الكشف على صحة المرأة، كل الامتنان وكل الاعتزاز لكل الذين طبقوا وكل من  شاركوا فيها فهى شىء أكثر من رائع لأن الصحة مفيش أغلى منها.

كما أن مبادرات الطاقة وتوفير الطاقة شىء مذهل وطبعا كلنا فاكرين إن الكهرباء كانت بتقطع كل شوية وكانت مأساة كبيرة على البشر وعلى الأجهزة، الآن أصبح عندنا وفرة وتنوع فى مصادر الطاقة.

ومن المشروعات التى تأثرت بها شخصيًا، تطوير حياة اخواتنا الساكنين فى المناطق العشوائية أو كما يحب رئيس الوزراء أن يسميها «المناطق غير المخططة» لأني خدمت فى هذه المناطق.. خدمت فى مناطق تعبانة جدا.. يعنى أنا فاكر مرة كنت بخدم فى منطقة عشوائية سرايرهم مصنوعة من الطوب الطينى، ولا توجد لديهم كهرباء، بيستخدموا لمبة الجاز، ولمبة الجاز بتطلع دخان فتخيل شكل الحياة فى هذه الظروف.

وقد كنت مع الرئيس أثناء افتتاح مشروع بشائر الخير٣ فى الإسكندرية حاجة ما شاء الله وأنا داخل قلت هو أنا داخل نيويورك، عمارات ما شاء الله والشوارع نظيفة ومسجد جميل وكنيسة جميلة ومدارس جميلة.. حاجات رائعة، ولادنا الذين سوف ينشأون فى هذا الجو ستكون نفسيتهم مستريحة.. وأنا أسجل إعجابى وتقديرى بكل هذه الإنجازات فى كل المجالات وخدمة الوطن أمانة عند كل مسئول وأنا أحييهم من خلالكم وتحية خالصة لكل من مد إيده لكى يساعد إنسانًا آخرًا.

 بماذا تصف دولة ما بعد ٣٠ يونيه ؟

مصر بتتولد من جديد وكلنا بنساهم فى بناء مصر الجديدة وفخر لنا أننا نعيش فى هذا الزمان والأجيال القادمة سترى ما تم خلال الـ 6 سنين الماضية.

 هل أنت متفائل بمصر ؟

أنا متفائل بمصر جدا بيصعب عليا الذين يهاجرون، وهناك بعض الناس بتيجى تاخد رأيى قبل السفر، فأقول لهم  «البلد هنا كويسة والحياة كويسة»، وستمر الأيام ويأتى وقت تطلبوا فيزا من أجل أن تدخلوا مصر ووقتها إحنا هنفكر نديكم فيزا ولا لأ.

 هل تدخلت الكنيسة فى ملفات سد النهضة ؟

بالطبع أى حاجة فى مصلحة مصر تطلب منا أو حتى من غير طلب نقوم بها، ونستطيع توضيح الرؤية المصرية جيدًا، وأتذكر زيارة  السفير الإثيوبى الجديد لي وقد تحدثت معه حول سد النهضة قلت له إن مياه النيل عطاء من الله إلى الجميع مثل الهواء والشمس فهو عطاء طبيعى، لأن المياه فى الأنهار كلها من المطر، والمطر من عند ربنا، وليست المياه ملكًا لأحد ومن المفترض أن تكون لها دور فى الحياة إيجابى وليس أن تكون سببًا فى المشكلات بين البشر، فرد السفير بطريقة دبلوماسية وطريقة طيبة وقال «أنا سوف أحاول أصلح العلاقات وأعمل على تحسين الفهم المتبادل ونأمل فيه الخير».

 هل هناك تواصل مع الكنيسة فى إثيوبيا من أجل أن يكون لها دور بذلك الملف ؟

بالطبع الكنيسة لها دور ولكن دورها هادئ بعض الشىء بصفة عامة ونحن  كمصريين نقارن دور الكنيسة بأيام هيلاسى إمبراطور إثيوبيا الذى قتل فى عام ١٩٧٤ والأوضاع اليوم مختلفة فى إثيوبيا، فالكنيسة لم تعد بنفس قوتها السابقة.

 كيف يمكن ربط الجيل الثانى والشباب من أقباط المهجر بالوطن ؟

أولاً، يجب ألا نقول «أقباط المهجر» لأني عندما أسافر إلى الخارج أقابل مصريين مسلمين ومسيحيين وأزور كل السفارات بدون استثناء.

 حرصتم على تعليم اللغة العربية والقبطية بالكنائس هناك ؟

طبعا أنا دائما أقول لهم إن فى الكتاب المقدس حادثة اسمها «حادثة الروح القدس» هذه الحادثة باللغة العربية فدائما أعاكسهم وأقول لهم فين الإنجليزى هنا؟ ودائما أقول لهم كم مرة ذكر اسم مصر فى الكتاب المقدس؟ وكام مرة ذكر اسم أمريكا فى الكتاب المقدس فطبعا أمريكا «زيرو» إنما مصر أكثر من ٧٠٠ مرة، مصر والمصريين، فوجود هذه المقارنات والزيارات والترابط بين الآباء الأساقفة والآباء الكهنة وأحنا لنا بخارج مصر ٣٥ أسقفًا فى ٣٥ إيبارشية، فالتواصل مستمر جدا وبعتبر كنائسنا سفارات شعبية وهذا أمر مهم جدًا بنهتم به وهناك تواصل بين السفارات وبين الكنائس ويكون لها دور كبير جدا ونشجعهم أيضا على زيارة مصر كوطن أساسى وككنيسة أم هنا فى مصر.

 هل ترى أننا حققنا خطوات إيجابية فى تجديد الخطاب الدينى ؟

طبعًا.. عندنا فى الكنيسة نظام تجديد مستمر، ولدينا منهج سنوى فى القراءات الخاصة بالكتاب المقدس وبيتطبق من أول يوم فى السنة لآخر السنة.

وهناك شروحات وتقديم عظات، وما يسمى بالخطاب الديني متطور باستمرار وعندنا مشروع فى الكنيسة اسمه مشروع تدريب ألف معلم كنسى، وقد أخدنا فيه خطوات مهمة جدًا، جمعنا ألف معلم كنسى وقدمنا لهم تجديدًا شاملاً فيما يسمى بالخدمة التعليمية وطلبنا من كل واحد منهم أن يدرب 15 فأصبح الألف

15 ألفًا، وهذا فى الحقيقة مشروع ناجح جدًا ومؤثر جدًا ومع وزارة التربية والتعليم أخدنا ألف معلم تربية دينية مسيحية بالاشتراك كبروتوكول بينا وبينهم من وزارة التربية والتعليم ودربناهم، والتدريب كان ناجحًا للغاية والوزارة أشادت به، وهناك خطوات جيدة من أجل تقديم عمل تعليمي أو منهج تعليمي.

 قداستك ماذا تقول للمصريين بخصوص الاستحقاق البرلمانى القادم «انتخابات مجلس النواب» ؟

أناشد المصريين ألا يضيعوا حقهم، أنت لك حق وحق المواطنة يجعلك تذهب إلى صندوق الانتخابات لتختار الإنسان المناسب ذا الكفاءة للعمل، ومجلس النواب جزء مصغر من مصر والشعب المصرى ينبغى أن يكون على قدر المسئولية ويكون اختياره جيدِا، وفى محله، فأتمنى المشاركة وألا نتكاسل عن الحق الدستورى، كما أنه يجب أيضا أن نشجع الآخرين على الاهتمام والذهاب للتصويت وألا نستمع إلى أصوات الإحباط، مثل «اللى بنبات فيه بنصبح فيه» و«اللى نعرفه أحسن من اللى منعرفوش».. وهذه الأشياء المحبطة، فالأمم والدول تتقدم باختيار برلمانى قوى ويكون هذا الاختيار على مستوى وكلما كان مجلس النواب يجمع كفاءات ويمثل كل الشعب كان ناجحًا.

كلمة أخيرة تقولها للمصريين ؟

تفاءلوا دائمًا بالمستقبل لأنه فى صالح مصر.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2