دار المعارف / محمود درغام
«رمال سقارة لم تبُح بكل أسرارها بعد».. هكذا وصف الدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار ورئيس البعثة المصرية العاملة بمنطقة سقارة الاكتشاف الأثرى الكبير الذى أُعلن عن تفاصيله فى مؤتمر صحفى عالمي، عرض خلاله مجموعة من التوابيت الخشبية الملونة التى كانت تنظر للحضور بكبرياء وشموخ، غير عابئة بالضوء والضوضاء المحيطة بهم بعد أن كانت راقدة لقرابة 2500 عام وسط سكينة الخلود.
على بعد 30 كم تقريباً من القاهرة تقع منطقة سقارة الآثرية، التى ما زالت رمالها تكشف عن أسرارها بين الحين والآخر، حيث تم الكشف مؤخراً عن 59 تابوت خشبى فى ثلاثة آبار بواسطة البعثة المصرية برئاسة الدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، والتوابيت تخص مجموعة من الكهنة وكبار رجال الدولة والشخصيات المرموقة فى الأسرة الـ 26 «العصر المتأخر» عُثر عليها فى أغسطس الماضى بعد حفائر بدأت عام 2018، حيث قامت البعثة المصرية برفع أطنان من الرديم فوجدت مئات المومياوات لقطط كانت مقدسة فى مصر القديمة ومعروفة باسم «باستت»، ومع استكمال الحفائر عثرت البعثة على مومياوات لحيوان «النمس» وحشرة «الجعران»، وهى أشياء قلما يتم العثور عليها فى أرض مصر، وفى أغسطس الماضى تم العثور على ثلاثة آبار داخلها 13 تابوتا خشبيا بحالة جيدة، و مع استمرار الحفائر وصل عدد التوابيت المكتشفة إلى 59 تابوتا ستنقل للعرض فى المتحف المصرى الكبير إلى جانب 28 تمثالا خشبيا لمعبود منطقة سقارة «بتاح سوكر»، بالإضافة إلى عدد كبير من تماثيل «الأوشابتي» والتمائم المصنوعة من «الفيانس»، وتمثال من البرونز المطعم بالأحجار الكريمة للكاهن «بادى آمون»، ومع استمرار الحفائر خلال الأيام الماضية تم العثور على عدد جديد من التوابيت والتى أعلنت وزارة السياحة والآثار أنها ستكشف تفاصيلها فى مؤتمر صحفى خلال الأسابيع القادمة، ولأهمية تلك الاكتشافات قام الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء بزيارة المنطقة والنزول فى أحد آبار الدفن رغم صعوبة ذلك لمشاهدة التوابيت المكتشفة.
سبب التسمية
وقد سميت سقارة بهذا الاسم نسبة للمعبود «سوكر» إله الموتى بالدولة القديمة، ويعد هرم «زوسر» المدرج من أهم معالم المنطقة والذى تم الإعلان عن انتهاء أعمال ترميمه وافتتاحه خلال شهر مارس الماضي، بالإضافة إلى مقبرة العجل «أبيس» المعروفة باسم «السرابيوم»، وهرم الملك «سخم خت»، وهو أحد خلفاء الملك «زوسر» وهرم الملك «أوسر كاف» من الأسرة الخامسة وهرم «أوناس» من نفس الأسرة، ومقبرة «خنوم حتب» و «نى عنخ خنوم» وغيرها من الآثار التى تمتلئ بها منطقة سقارة التى أغرت رمالها علماء الآثار، الذين كلما ضربوا بفؤوسهم فيها وجدوا الجديد فاستحقت سقارة لقب «كنز كنوز مصر»، فمع بداية القرن التاسع عشر بالتحديد عام 1850، اكتشف «فرانسوا أوجست مارييت» قرابة المائة مقبرة تعود لعصر الدولة القديمة منها مقابر «خنوم حتب» و «خع باوسكر»، وزوجته ومقبرة العجل «أبيس» والمعروفة باسم «السرابيوم»، والتى تم افتتاحها للزيارة عام 2012م، كما اكتشف العالم البريطانى «جيمس إدوارد كويبل» عام 1905م مجموعة الهرم المدرج للملك «زوسر»، إلى جانب مجموعة من المقابر التى تعود للعصر المبكر مثل «حسى رع» و «بتاح سابو»، واكتشف أيضاً هرم الملك «تتي» بالقرب من المعبد الجنائزي، بالإضافة إلى عدد من القطع الحجرية المنقوشة وبقايا تماثيل، وفى عام 1903م اكتشف «سيسل مالابى فيرث» سور هرم الملكة «إيبوت» ومعبدها الجنائزي، و مقابر تعود لعصر الدولة القديمة مثل «كاجمني» و «مريروكا» و «خنو الأول» و«الثاني»، كما اكتشف أيضاً مقابر تعود لعصر الانتقال الأول ومقابر من عصر الدولة الوسطى مثل «إيجي» و«حتب» ومعبد جنائزى للملك «أوسر كاف»، إلى جانب مجموعة من القطع الحجرية والتماثيل والأوانى والأبواب الوهمية والتوابيت.
الأسرة السادسة
ويعتبر الدكتور سليم حسن من أهم علماء الآثار الذين لهم اكتشافات بمنطقة سقارة منها مجموعة من المقابر التى تعود لعصر الدولة القديمة، وذلك شمال الطريق الصاعد لهرم «أوناس»، مثل مقبرة «حور مرو»، التى تعود لعصر الأسرة السادسة، وهى عبارة عن حجرة تحتوى على باب وهمى وقد نقش على المدخل السيرة الذاتية له هو وزوجته، إلى جانب مقبرة «نب كاو حور» من الأسرة السادسة وهى متعددة الحجرات من الحجر الجيرى ومزخرفة بالعديد من مشاهد الحياة اليومية، ومقابر «بتاح حتب» و «حمت رع»، و «مررا»، وهى مقابر من الحجر الجيرى ومزخرفة بمناظر الحياة اليومية وتضم أبوابا وهمية منقوشة بألقاب وأسماء أصحاب هذه المقابر، وقد اكتشف عالم الآثار الفرنسى «جان فيليب لوير» المعبد الجنائزى للملك «أوناس» والمجموعات الهرمية للملوك «سخم خت» و«بيبى الأول» و«مرنرع»، ومجموعة من المقابر تعود للعصر المتأخر عثر عليها فوق المعبد الجنائزى للملك «أوسر كاف»، كما عثر عبد السلام حسين مدير عام أعمال سقارة ومصر الوسطى خلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين على عدد من آبار الدفن بأعلى الممر الصاعد إلى هرم «أوناس» تعود لعصر الأسرة 26، إلى جانب فحص وتنظيف مجموعة الملك «جد كارع إسيس»، حيث كشف عن المعبد الجنائزى وجزء من الطريق الصاعد، أما زكى سعد، أمين منطقة سقارة فى أربعينيات القرن العشرين فقد اكتشف مقابر «ورنو» و«خوي» اللتين تعودان للأسرة السادسة وهما مزخرفتان بمشاهد الحياة اليومية، وبالقرب من هرم «أوناس» عثر على مجموعة من المقابر التى تعود لعصر الدولة القديمة، وقد زخرفت تلك المقابر بمناظر للحياة اليومية إلى جانب مقابر تعود لعصر الأسرة الـ 26.
اقرأ باقى التقرير فى العدد الورقى من مجلة أكتوبر، حاليا بالاسواق ...