بالأرقام.. هل انتهى زمن مجانية التعليم؟

بالأرقام.. هل انتهى زمن مجانية التعليم؟بالأرقام.. هل انتهى زمن مجانية التعليم؟

*سلايد رئيسى27-10-2020 | 09:54

دار المعارف / أحمد النومي حملات مسعورة تقودها أبواق جماعات الشر ضد كل إنجاز يتحقق على أرض المحروسة، واتجه وابل النيران هذه المرة إلى المجال التعليمي، لاسيما مع القفزة الكبيرة التي حققها د. طارق شوقي وزير التربية والتعليم منذ جلوسه على كرسى الوزارة،  من خلال المشروع التعليمي الجديد، كحلم جديد لانتشال التعليم من عثراته، ووضع حلول جذرية لمشكلات وأمراض مزمنة ضربت في جسد التعليم وحولته إلى مجرد مسخ. آخر حملات الهجوم على التعليم جاءت عبر منصات التواصل الاجتماعي وعدد من جروبات الطلاب وأولياء الأمور والأبواق المعادية للوطن من خلال الترويج لأكاذيب عن نية الدولة بإلغاء مجانية التعليم نهائيًا في مرحلتيه الأساسي والجامعي، الأمر الذي أثار جدلًا كبيرًا في الوسط التعليمي. هل فعلا هناك نية لإلغاء مجانية التعليم؟ وهل تحميل الطالب الراسب فى الجامعة مصروفات دراسته بداية لهذا التوجه؟ وهل زيادة مصروفات المدارس الحكومية والرسمية هى «كلمة السر»؟، وما أوجه الدعم الذى تقدمه الدولة للطالب تماشيا مع هذا الاستحقاق الدستورى بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. المدخل لإثارة القضية جاء من قرارات زيادة مصروفات المدارس الحكومية والرسمية أيضًا، فكانت مادة خصبة لنشر شائعات إلغاء المجانية، وهو الأمر الذى برره د. طارق شوقى وزير التربية والتعليم، قائلًا: إنه تم إعفاء ما يقرب من 10 ملايين طالب من إجمالى 23 مليون طالب من المصروفات، بما يقرب من 40% من إجمالى الطلاب، مثل أبناء شهداء ثورة 25 يناير وأبناء أسر التضامن الاجتماعى تكافل وكرامة وطلاب حلايب وشلاتين وأبو رمادا وأبناء الأسر الأولى بالرعاية حوالى مليون طالب وأبناء المرأة المعيلة ومهجورة العائل وأبناء المكفوفين وذوى الاحتياجات الخاصة وأبناء مصابى الثورة وطلاب الفصل الواحد وكل مدارس الفصل الواحد وطلاب شمال سيناء وكل مدارس التربية الخاصة والتعليم المجتمعى والمدارس الصديقة للفتيات، وإجمالى الاستثناءات من المصروفات ما يقرب من مليار و200 مليون جنيه، رغم أن التطوير فى التعليم يحتاج لكل هذه المصروفات. والسؤال الذى يفرض نفسه فيما يتعلق بقضية المصروفات، هل الرسوم المدفوعة توازى الخدمات التعليمية؟ إذا نظرنا إلى تكلفة الرسوم المقررة على المناهج الدراسية فى المدارس الحكومية والرسمية نجد أنها من مرحلة رياض الأطفال حتى الصف الثالث الابتدائى ٣٠٠ جنيه، ومن الصف الرابع الابتدائى حتى الثالث الإعدادى ٢٠٠ جنيه، والمصروفات من الصف الأول الثانوى حتى الصف الثالث الثانوى بمبلغ 500 جنيه و200 جنيه للتعليم الفنى. وإذا قارنا ما يدفعه الطالب فى التعليم الثانوى حوالى 500 جنيه بقيمة ما توفره الدولة فى بند واحد فقط هو التابلت نجد أن الوزارة قامت بتوفير ما يقرب من مليون و800 ألف جهاز، يتكلف الجهاز الواحد 5000 جنيه، ويحصل عليه بعد انتهاء فترة دراسته مجانًا، أى أن الدولة توفر 10 أضعاف ما يدفعه الطالب فى بند واحد فقط وفى مرحلة واحدة، نموذج آخر للدعم الذى تقدمه الدولة من خلال المدارس الرسمية التى كانت تسمى التجريبية، والتى أنشئت فى ثمانينيات القرن، ويبلغ عددها 2397 مدرسة، وتخدم الطبقة الوسطى، وتتميز بمصاريف أقل من المدارس الخاصة، وتوفر للطالب مناهج أكثر توسعًا من المناهج الحكومية، ويهتم الطلاب باللغات فى هذه المدارس. يبدأ الطلاب بتعلم اللغة الإنجليزية باتقان خلال سن مبكر، كما أن كثافة الطلاب داخل الفصول أقل كثيرًا من المدارس العامة، من 36 إلى 50 فى بعض المدارس، وإذا ما نظرنا إلى الخدمة التعليمية نجدها لا تختلف كثيرا عن المدارس الخاصة، التى تبدأ مصاريفها من 15 ألف جنيه فما فوق. فى حين تبدأ مصاريف المدارس الرسمية من 905 جنيهات للصف الأول رياض الأطفال، و600 جنيه للصف الثانى، و700 جنيه للصف الأول الابتدائى حتى الصف الخامس الابتدائى لتنخفض المصروفات إلى ٤٨٣ جنيها فى الصف السادس الابتدائى، وبالنسبة للصفوف الإعدادية ستكون المصروفات ٦١٠ جنيهات وتزيد إلى ٦٥٠ جنيها فى الصفوف الثانوية، وهى مبالغ زهيدة مقارنة بالخدمات التعليمية التى تقدمها. نموذج آخر اهتمت به الدولة مؤخرا، ويتمثل فى المدارس الدولية الحكومية، والتى دخلت بها الدولة فى المنافسة مع المدارس الدولية ذات المصاريف الفلكية، حيث تتراوح مصروفات هذه المدارس الدولية، والتى تقدم نفس مناهج المدارس الدولية الكبرى كالأمريكية والبريطانية والفرنسية وغيرها، من 15 إلى 20 ألف جنيه وهى مبالغ زهيدة إذا ما قورنت بمصاريف المدارس الدولية والتى تصل إلى 50 ألف جنيه على  الأقل، ويبلغ عددها 10 مدارس على مستوى الجمهورية وجار التوسع فى المزيد منها. وتعلق د. ماجدة نصر عضو لجنة التعليم والبحث العلمى بالبرلمان، على قضية مصروفات المدارس قائلة: «إن تحريك أسعار المصروفات ليست بالكبيرة،  فهى من 165 إلى 300 جنيه والحقيقة أن ما يصرف على الطالب أضعاف هذا الرقم. وتتمثل صور هذه الأضعاف والأضعاف التى تتحدث عنها د.ماجدة - حسب كلامها - فى شكل تكلفة الطالب داخل الدراسة منها تخصيص مكان له، والخدمة التعليمية المقدمة له والحفاظ عليه والوجبة الغذائية وتكلفة تجهيز الكتب وطباعتها ودخول مصادر تعليمية أخرى مثل المنصات الرقمية وبنك المعرفة والمكتبة الرقمية وغيرها من الوسائط التعليمية فكل ما ينفق على الطالب من تكلفة يحسب بطريقة معينة بحيث يصبح لكل طالب تكلفة مناسبة أضعاف وأضعاف قيمة المصروفات الدراسية والتى لا تمثل سوى 1% من إجمالى التكلفة الفعلية، وبالتالى لا يتعارض هذا التحريك البسيط فى المصروفات الدراسية مع مجانية التعليم، وإلا لو صدق ذلك وألغيت المجانية فسيدفع ولى الأمر ما يدفعه الآخرون فى المدارس الخاصة ما يقرب من 15 إلى 20 ألف جنيه فى العام الدراسى الواحد. السؤال الثانى والمهم فى هذا الملف الشائك، ما رؤية المسئول الأول عن التعليم فى مصر حول قضية المجانية وهو الوزير طارق شوقى؟ منذ جلوسه على كرسى الوزارة، والوزير يتحدث ويفكر فى قضية «اقتصاديات التعليم» بصوت عال، فالرجل ينفى ما يقال عن انتهاء مجانية التعليم، فالدولة حسب «الوزير» أنفقت 500 مليار جنيه على التعليم آخر 6 سنوات. ويرى «شوقى» أن التشاور حول اقتصاديات التعليم ضرورى ومنطقى، وموضوع ينبغى بحثه فى حوار مجتمعى، أما المجانية المنصوص عليها فى الدستور فيرى الوزير أنها لم تتحقق، كما كان مستهدفا، بدليل تكلفة التعليم الباهظة من دروس وكتب خارجية، والتى يشكو منها الفقير والغنى على حد سواء، وبالتالى فإن حقيقة واقعنا تؤكد أن التعليم أصبح مكلفا وليس مجانيًا. كلام الوزير ينطلق من الواقع الحالى، حيث يرى أن واقعنا لا يحقق المجانية المنشودة، ولا يحقق العدالة الاجتماعية المنشودة، ولا هو حقق جودة التعليم، وبالتالى يراه طبيعيا أن نواجه هذا الواقع بالدراسة والبحث، بينما لم نقل شيئا عن إلغاء استحقاق دستورى على الإطلاق، ولا طلبنا هذا، وإنما دعونا  إلى دراسة هذا «الواقع» المخالف للدستور، ودراسة اقتصاديات التعليم، وكيف سنواجه التكلفة الباهظة الآن وفى المستقبل بحلول أفضل لاستغلال ما ننفقه على التعليم حتى نحقق عدالة اجتماعية حقيقية، وجودة أعلى للتعليم المصرى. ويوضح الوزير رؤيته فى هذا الملف الشائك قائلًا: نحن لا نتحدث عن إلغاء مجانية التعليم كما تردد، وإنما الحديث كان حول قيام الدولة بدفع أكثر من 100 مليار جنيه للتعليم، والأهالى يدفعون  أكثر من 120 مليار جنيه من دروس وكتب وغير ذلك، وهذا الأمر يحتاج لإعادة النظر، حيث إنه ليس من المقبول أن نتحدث عن مجانية والأهالى يدفعون 120 مليار جنيه، قائلًا: «المجانية منحة لجميع الطلاب فى كل مراحل التعليم وتعطى للجميع ولكن الأهالى تتكبد مبالغ كبيرة لتعلم أبنائها، ومن ثم العدالة الاجتماعية لا تتحقق.. ولو أعيد استغلال إجمالى ما تنفقه الدولة والأهالى على الدروس الخصوصية سنعيد الإصلاح، فالتشاور حول اقتصاديات التعليم ضرورى ومنطقى. وفى هذا السياق، طرح «الوزير» سؤالًا مهما جدا قائلًا: ماذا نفعل فى من لا يحافظ على مجانية التعليم ومن أهدر الأموال التى خصصت لمجانية التعليم، بهذه التحايلات والأساليب وهى أساليب منتشرة جدًا، فنحن عندما حجمنا الدروس الخصوصية وغيرها من الأمور السلبية، ووضعنا المحتوى الرقمى، فالدولة صرفت عليه كخدمة مجانية، مثل إنشاء بنك المعرفة والمكتبة الرقمية والمنصات التى وضعت للمدارس والتابلت الذى وزع على الطلاب فى المرحلة الثانوية وتكلفة الامتحانات كلها أمور مجانية قامت بها الدولة بالإنفاق من أموال دافعى الضرائب وكل ما يهمنا أن يصل إلى مستحقيه ولا نتحدث عن المجانية أو المساس بها، بقدر أننا نقول هذا الرقم الذى أخذته الدولة نصيب كل طالب هل يصل إلى الطالب المجتهد والطالب الغشاش بنفس التساوى؟!، هناك فارق بين طالب يريد أن يتعلم ويحتاج إلى مساعدة وطالب يتحايل على كل ذلك. وأشار «شوقى» إلى أن مجانية التعليم لا تعنى التحايل لنجاح الطلاب، فجيلى كان حريصا على التعلم ونقيم مستوانا وهل تعلمت لغة أو فهمت المادة المقررة؟، لكن فكرة التعليم المعلب والجاهز ولا أريد أن أتعلم وأترك الطالب فى المنزل وانزل اشترى ملخصات وأبحاث ودروس خصوصية أو ما يمكن تسميته بالبضاعة الجاهزة، هنا أسأل ما المطلوب؟، مطلوب النجاح بدون تعليم.. هل هذا منطق؟، هل مطلوب عدم التعلم والنجاح بأساليب أخرى؟ وما القيمة من كل ذلك؟ ولماذا نصرف على كل ذلك؟ هذا هو السؤال الهام فى هذه القضية دون الحديث عن المجانية أو وجود قرار بالمساس بسياسة المجانية وغيره من الكلام الخاطئ. وماذا عن تكلفة تطوير التعليم والتى بدأت منذ عام 2017 وحتى 2020؟ الأرقام تؤكد أنها وصلت إلى 10 مليارات جنيه منها 9 مليارات جنيه ذهبت لشراء أجهزة التابلت وتجهيز المدارس بالبنية التحتية والتكنولوجيا، حيث استلمت 3 دفعات من طلاب الثانوية العامة  أجهزة التابلت بتكلفة مالية نحو 9 مليارات جنيه دفعتها وزارة التعليم من الموازنة، بما فيها السيرفر ووكابلات الفايبر والشاشات والبنية التكنولوجية التحتية بالمدارس الثانوية، كما تدفع  وزارة التعليم  لوزارة الاتصالات مقابل الحصول على تلك الخدمات، وكان المقابل  تطوير فى المناهج والشاشات والمحتوى الرقمى والمنصات، تكلفتها الحقيقية تساوى أكثر من هذا المبلغ بمراحل.

تحديات كبيرة

يحلو للبعض مقارنة التعليم بين مصر وعدد من الدول الأوروبية أو الأسيوية وحتى العربية، دون النظر بعين الاعتبار إلى التحديات التى تواجه الدولة فى هذا الملف، والذى لا يعد العنصر المالى «التمويل» المتحكم الرئيسى فيها، ومن أهم هذه التحديات قضية عدد المعلمين، والتى إذا ما قارناها بدولة متقدمة مثل سنغافورة، لديها 34 ألف معلم فقط، بينما فى مصر لدينا مليون و300 ألف معلم كما أن فنلندا بها 64 ألف معلم، وإذا نظرنا إلى الميزانية المخصصة للتعليم فى مصر - ما يقرب من 120 مليار جنيه - نجد أن أكثر من 80% منها يذهب وينفق على أجور المعلمين والإدارين والمتبقى فقط هو ما يتم التطوير به، لذلك لجأت الوزارة إلى حلول خارج الصندوق لتحسين وضعية المعلم بعيدًا عن الموازنة العامة للدولة تتمثل فى تخصيص أكثرمن 85% من حصيلة مجموعات التقوية لصالح المدرسين. حلول الوزارة تنبع من فكرة أنها لا تنتظر الزيادة الحكومية فى مرتبات المعلمين، لسببين، الأول، حجم التحديات الكبير الذى يواجه الدولة فى قطاعات كثيرة، والثانى العدد الكبير الذى يقترب من مليون معلم وبالتالى أى زيادة ولو بنسبة 100 جنيه توازى مليار جنيه فى الموازنة. 80 مليار تكلفة فصول جديدة التحدى الآخر الذى يواجه الوزارة ويدخل ضمن نطاق مجانية التعليم هى تكلفة بناء الفصول الدراسية لاستيعاب الزيادة الجديدة فى الطلاب - من 700 إلى 800 ألف طالب سنويًا - ومتوسط تكلفة بناء فصل واحد نصف مليون جنيه، وإذا وضعنا فى الحسبان أن عدد الفصول المطلوب توفيرها لتغطية الاحتياج حتى نهاية عام 2021 يبلغ نحو 259 ألف فصل، من بينها نحو 61 ألف فصل لحل مشكلة الكثافات، وبحسب النائبة ماجدة بكرى، وكيل لجنة التعليم والبحث العلمى بمجلس النواب، أن الدولة تحتاج إلى إنشاء 61 ألف فصل دراسى جديد لخفض الكثافة فى الفصول لتصل الى 45 طالبا فى الفصل، وبحساب بسيط لتكلفة إنشاء هذه الفصول فقط بدون حساب باقى الخدمات من معلمين مدربين وكتب وأدوات وخلافه نجد أن مصر تحتاج إلى أكثر من 80 مليار جنيه ليصل حجم الطلاب فى الفصل إلى 45 طالبا بلا خدمات ولا جودة تعليم. وقامت الدولة ببناء 75 ألف فصل خلال 6 سنوات، بتكلفة 24 مليار جنيه، كما تم إنشاء 15 ألف فصل فى القرى الأكثر احتياجا، وإنشاء 13 مدرسة جديدة للطلاب المتفوقين، وإحلال وتجديد 1.3 مليون مقعد، وإنشاء 43 مدرسة مصرية يابانية، و11 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية للتعليم الفنى بشراكة ثلاثية بين وزارة التعليم مع رجال الأعمال ومؤسسات التعليم الدولية، وقريبا هيئة جودة للتعليم الفنى وهى خدمات تؤكد أن الدولة المصرية لم تسحب يدها من مجانية التعليم. ويبقى التأكيد على معلومة مهمة وهى أن عدد المدارس الحكومية والرسمية التى تحصل على الدعم من الدولة وتطبق مجانية التعليم تمثل أكثر من 90% من خريطة المدارس الموجودة فى مصر، حيث، يبلغ إجمالى عدد المدارس الحكومية فى مصر حوالى 47 ألفا و43 مدرسة، تضم بداخلها 429 ألفا و884 فصلًا، بينما يبلغ إجمالى عدد الطلاب الدارسين بالمدارس الحكومية 20 مليونا و 121 ألفا و329 طالبا وطالبة، منهم 10 ملايين و291 ألفا و689 طالبًا، و9 ملايين و859 ألفا و640 طالبة، ويبلغ إجمالى عدد المعلمين (المعينين والمتعاقدين) بالمدارس الحكومية 947 ألفا و282 معلما ومعلمة، مقابل 8 آلاف و171 مدرسة خاصة على مستوى الجمهورية، وتضم 70 ألفا و284 فصلًا، ويبلغ إجمالى عدد الطلاب الدارسين بالمدارس الخاصة 2 مليون و332 ألفا و52 طالبا وطالبة، منهم مليون و232 ألفا و538 طالبا، ومليون و99 ألفا و514 بنتا، ويبلغ عدد المعلمين العاملين بالمدارس الخاصة فى مصر، 91 ألفا و385 معلما ومعلمة. هل ترجمة الدولة المصرية رغبتها فى النهوض بالتعليم فى قرارات ملموسة لاسيما مادية؟ الإجابة نجدها فى استرجاع موازنات التعليم فى السنوات الست الماضية، والتى عكست الاهتمام الكبير من الدولة بالتعليم وذلك فى البنود المخصصة للتعليم ضمن الموازنة العامة للدولة والتى كانت فى موازنة العام المالى 2014 - 2015، 74مليارا و100 مليون و787 ألف جنيه ، لترتفع نحو 2 مليار جنيه فى موازنة العام المالى 2015 - 2016 لتصل الى  76 مليارا و70 مليونا و533 ألف جنيه، ووصلت إلى 103 مليارات فى 2016/2017 لتصل إلى 107 مليارات فى موازنة 2017/2018 وترتفع إلى 115 مليارا فى موازنة 2018/2019، لتصل إلى 120 مليار جنيه فى موازنة 2019 /2020. نترك ملعب التعليم قبل الجامعى لنطرح سؤالا آخر عن التكلفة الحقيقية للطالب الجامعى. الأمر لا يختلف كثيرا للطالب فى التعليم الجامعى، فتكلفة الطالب الواحد بالتعليم الجامعى، بالنسبة للكليات العملية، تتراوح ما بين 35 - 40 ألف جنيه، بينما التكلفة الفعلية للطالب الواحد بالكليات النظرية، تصل إلى20 ألف جنيه، ويزداد الأمر صعوبة مع دخول ما يقرب من 600 إلى700 ألف طالب كل عام، فى حين تتراوح مصروفات الدراسة للطالب فى الجامعات الحكومية 400 جنيه فقط سنويا فى الكليات النظرية، و700 جنيه فى الكليات العملية. دعم الدولة للتعليم الجامعى يشمل جانبا آخر وهو مصاريف المدن الجامعية والتى تتراوح أسعارها ما بين 365 جنيها إلى 400 جنيه، وهى أرقام لا تعادل التكلفة الحقيقية التى يحتاجها الطالب للسكن والتغذية فى المدينة، فحسب الإحصائيات الصادرة من المجلس الأعلى للجامعات، فإن التكلفة الحقيقية للطالب الواحد لا تقل عن 1800 جنيه شهريًا، ورغم ذلك فهناك إعفاء للكثير من الطلاب من غير القادرين، من خلال صندوق التكافل الاجتماعى بالجامعات، حيث تشمل الخدمات التى يقدمها صندوق التكافل الاجتماعى للطلاب، سداد الرسوم الدراسية والسكن الجامعى والتغذية وشراء الكتب، إلى جانب الاهتمام بالطلاب ذوى القدرات الخاصة والطلاب المكفوفين وتقديم الإعانات المالية والعينية لهم والتى تتمثل فى شراء الأجهزة التعويضية والمقاعد المتحركة والسماعات الطبية، بما يساعدهم على استكمال دراستهم الجامعية بشكل أفضل. الدعم الذى تقدمه الدولة للطالب الجامعى لا يقتصر فقط على المصروفات الدراسية أو رسوم الإقامة بالمدن الجامعية، ولكنها تشمل المكان ذاته، أى المبنى - «الجامعة» - وما تتضمنه من معامل وأجهزة ومقاعد ومكتبات وكتب خارجية بداخلها، والأرقام تؤكد أن تكلفة إنشاء جامعة تترواح  من 3 إلى 4 مليارات جنيه، كما قامت الدولة بدفع نحو 90 مليار جنيه خلال الفترة الماضية للتوسع فى إنشاء الجامعات الحكومية لمواجهة التكدس الكبير، بحيث أصبح هناك جامعة فى كل محافظة، علما بأن  عدد الجامعات فى مصر لم تزيد منذ الخمسين عام الأخيرة بقدر الزيادة السكانية. اقرأ باقى الأسئلة فى العدد الورقى من مجلة أكتوبر، حاليا بالأسواق ....
أضف تعليق

إعلان آراك 2