يوم الإعدام «10من10» سيد قطب بين الاستخبارات الأمريكية والموساد.. حلقات يكتبها توحيد مجدى

يوم الإعدام «10من10» سيد قطب بين الاستخبارات الأمريكية والموساد.. حلقات يكتبها توحيد مجدىيوم الإعدام «10من10» سيد قطب بين الاستخبارات الأمريكية والموساد.. حلقات يكتبها توحيد مجدى

* عاجل20-7-2017 | 22:14

وباشرت المحكمة المصرية إجراءات المحاكمة وتابعتها كل وسائل الإعلام المحلية والعالمية بأنواعها وبالنهاية أصدرت حكمها بالإعدام شنقاً علي المفكر الإسلامي غريب الأطوار نُفذ فيه داخل سجن استئناف القاهرة فجر الاثنين الموافق 29 أغسطس عام 1966 بعدما نُقل إليه من سجن القناطر في منتصف تلك الليلة.

والثابت للتوثيق أن الرئيس جمال عبد الناصر أرسل إلي سجن الاستئناف أحد مساعديه وقبل إدخال سيد قطب إلي غرفة تنفيذ الحكم قبل الفجر تقدم المسؤول من المحكوم عليه وتحدث معه ونصحه بالاعتذار عن دعواته وأفكاره مع وعد سيادي بوقف تنفيذ الإعدام وإعلان العفو العام الشامل عنه.

لكن قطب رفض العرض وسجلت ملفات الدولة المصرية "السرية للغاية" التي اطلعت علي صفحات خاصة منها بشكل استثنائي للغاية وهي سجلات رسمية لم يسبق لأحد أن طالعها منذ لحظة توقيع مأمور سجن الاستئناف عليها بتمام التنفيذ ومن ثم تسليمها إلي الشخصية التي حملت السجل الحكومي الرسمي بالكامل إلي الرئيس جمال عبد الناصر وعليه لم يُرد السجل بعدها إلي مكانه وجهته الأولى.

فى سجن الاستئناف

كان السجل بمثابة تقرير وضع عن مجريات وتفاصيل يومية أحداث سجن الاستئناف علي مدار يومين قبل وأثناء تنفيذ حكم الإعدام في سيد قطب ويُثبت السجل أن مبعوثاً شخصياً من قبل الرئاسة وصل فجأة قبيل فجرالاثنين 29 أغسطس 1966 إلي سجن الاستئناف، بعد أن كلفه الرئيس جمال عبد الناصر بالقيام بمحاولة أخيرة لإقناع سيد قطب كي يطلب بشكل رسمي العفو عنه وأن ذلك المبعوث اختلي بالمحكوم عليه سيد قطب في طرقة أمام غرفة الإعدام وفي حضور مجموعة التنفيذ الشرطية القانونية لمدة 15 دقيقة حاول خلالها الحصول علي توقيع قطب علي طلب رسمي عاجل بالاعتذار عن أفعاله وإعلان توبته الفكرية في مقابل العفو العام الفوري والشامل عنه مع وقف التنفيذ.

حالة غريبة

لكن حالة نفسية سيئة انتابت المحكوم عليه سيد قطب فتصرف مثل المريض عقلياً وكان قد دخل ساعتها فى نشوة سلوكية غريبة لم يفهمها حتي طبيب السجن الذي حضر مراسم تنفيذ حكم الإعدام طبقاً لأحكام قانون الإجراءات الجنائية ولوائح مؤسسة السجون المصرية، فراح يتحرك بمكانه مثل الطاووس المغرور ويردد بصوت عالي أنه "مفكر إسلامي عظيم" وأن الأمر مؤامرة علي الإسلام حتي اضطر مبعوث الرئيس للابتعاد عنه فعاد قطب ودخل إلي غرفة الإعدام وصعد إلي "حبل الطبلية" وسط ذهول مأمور السجن والمرافقين له من أجهزة الأمن المختلفة.

وعندها اختلي المسؤول الرئاسي مبعوث الرئيس جمال عبد الناصر بمأمور التنفيذ وطلب منه وقف عملية الإعدام لمدة عشر دقائق حتي يجري الاتصال مع رئاسة الجمهورية حيث انتظر الرئيس واستعد لإصدار قرار العفو العام - الفوري عن سيد قطب.

المثير أن ورقة القرار الجمهوري كانت قد أُعدت في ساعة متأخرة من فجر تنفيذ الحكم بل وقعه الرئيس جمال عبدالناصر بالفعل وبقي أن يأخذ القرار الرسمي الرقم المناسب عندما يستقبل ناصر المكالمة الهاتفية من ممثله الخاص من أمام غرفة تنفيذ الإعدامات في سجن الاستئناف بميدان باب الخلق وسط القاهرة.

"حصل إيه؟!"

وتوثق السجلات المصرية "السرية للغاية" أن الرئيس جمال عبد الناصر تحدث مباشرة إلي مبعوثه بسعادة بعدما اعتقد بأول ثواني للمكالمة أن سيد قطب اقتنع ووافق علي توقيع طلب العفو عنه حتي شعر مبعوثه علي الطرف الثاني للهاتف في سجن استئناف القاهرة بالخجل وعندها صاح فيه الرئيس عبد الناصر وسأله بقوله:

"هو حصل إيه بالضبط؟".

فأجاب مبعوثه الشخصي بصوت خفيض في توتر وقلق وكأنه اعتراف بفشله أن المحكوم عليه بالإعدام رفض العرض الرئاسي جملة وتفصيلاً فصمت جمال عبد الناصر لنصف دقيقة علي الهاتف بشكل تام لكن أنفاسه سمعت بوضوح حتي نبهه المبعوث علي الهاتف أن مأمور السجن المناط به تنفيذ حكم المحكمة علَّق الإعدام لمدة 15 دقيقة حيث سمح للمحكوم عليه طبقاً للقانون بصلاة الفجر حاضراً وأمر له بالماء ولكنه في سبيله إلي تنفيذ الأمر.

فأجابه الرئيس جمال عبد الناصر بحزن شديد وصاح مرتان بكلمة "غبي" ثم "معتوه" وقال موجهاً حديثه إلي مبعوثه الشخصي:

"لم يترك لي هذا المخبول المتعصب أي فرصة إنسانية ولقد صدق الأمريكيون إنه بالفعل مُقدم علي الانتحار بثقة جنونية كنت أتمني كإنسان أن أعفو عن قطب حالاً لكنه علي ما يبدو أمر الله وقد نفذ ولذلك أبلغ مأمور السجن أن يؤدي واجبه وحكم القانون".

الراية السوداء

ثم أغلق الرئيس جمال عبد الناصر خط الهاتف وبعد ذلك بخمسة عشر دقيقة علي التقريب شاهدت كل البنايات المجاورة لمباني سجن استئناف القاهرة القريب من ميدان "باب الخلق" الراية السوداء ترفرف أعلي صواري السجن كعلامة إدارية طبقاً للوائح مصلحة السجون المصرية علي تمام تنفيذ حكم الإعدام في سيد قطب.

تمت بحمد الله

كاتب الحلقات الصحفى والمؤرخ توحيد مجدى:

توحيد مجدى

أضف تعليق

حظر الأونروا .. الطريق نحو تصفية القضية الفلسطينية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2