محمد نجم يكتب: ملاحظات على ما جرى

محمد نجم يكتب: ملاحظات على ما جرىمحمد نجم يكتب: ملاحظات على ما جرى

الرأى1-11-2020 | 13:55

أعتقد أنه من البديهات أن تختلف وجهات النظر والتقييمات المتعددة حول ما حدث فى المرحلة الأولى لانتخابات البرلمان، والتى جرت فى 14 محافظة على 284 مقعدا نصفها لمرشحى القوائم  والآخر لمرشحى الفردى. وذلك لأن الانتخابات هى «منافسة» بين أطراف مختلفة، ومن يفوز سوف يشهد بالشفافية والنزاهة ويشكر الناخبين على ثقتهم، ومن يخسر سوف يدعى التزوير وسيطرة المال السياسى، فضلًا عن خيانة بعض المرشحين له، و«كسل» الناخبين عن المشاركة. ولكن مهمتنا كمتابعين أن نرصد ما حدث بموضوعية لعل وعسى أن نتوسع فى الإيجابيات وأن نتلاشى ما حدث من سلبيات. ونبدأ بالتقدير والإشادة بما أعلنه الرئيس السيسي بأن لا أحد يتكلم باسمه، وأنه يخاطب المواطنين بشكل مباشر، ومن ثم فلا عودة «للحزب الوطنى»، ولا سيطرة لحزب واحد على الحياة السياسية فى مصر! ولولا النظام الانتخابى المعمول به حاليا لانكشف الادعاء، أقول ذلك بعدما كشفت النتائج غير الرسمية للمرحلة الأولى بأن «نظام القائمة المغلقة» لا يناسب طبيعة الشعب المصرى الذى يكره الاحتكار ويميل إلى «التوازن» بين القوى السياسية المختلفة، حيث لوحظ حصول قائمة «نداء مصر» على حوالى 40% من أصوات الناخبين فى تلك المرحلة، ولكن جميع المقاعد المخصصة للقائمة ذهبت لما سمى بالقائمة الوطنية التى يتزعمها حزب مستقبل وطن. ليس ذلك فقط، بل لوحظ أن الانتخابات جرت بين 2164 مرشحًا منهم 1880 بنظام الفردى و284 بنظام القائمة، والأهم أن المرشحين على النظام الفردى منهم 1416 مستقلًا، وهو ما يشير مرة أخرى إلى عدم اقتناع المصريين بقوة وحيوية الأحزاب الموجودة، فضلًا عن أنها لا تحتويهم ومن ثم لا تمثلهم! وقد يفسر ما سبق انخفاض مشاركة الناخبين فى تلك الانتخابات مقارنة بالانتخابات السابقة، حيث كان من المفترض أن يشارك حوالى 18 مليون ناخب على الأقل من إجمالى 33.5 مليون ناخب فى المحافظات الأربعة عشر، ولولا حرص «المرأة» المصرية على المشاركة المكثفة وخاصة فى القرى والنجوع لكانت مؤشرات الحضور أقل مما أعلن عنه. ويكفى الإشارة إلى عدم حسم حوالى 13 محافظة للمقاعد المخصصة لها فى عضوية البرلمان، حيث هناك إعادة فى الدوائر الست لمحافظة الإسكندرية وكذلك فى الدوائر الثمانية لسوهاج، والأربعة لبنى سويف، والطريف أن أغلب الإعادة على المقاعد الفردية سوف تكون بين المستقلين! ظاهرة أخرى كانت واضحة فى مؤشرات تلك المرحلة وهى ارتفاع نسبة الأصوات الباطلة، وخاصة فى الدوائر الحضارية، وخاصة فى الجيزة والإسكندرية وتحديدًا فى دائرة الدقى، فهل كان ذلك عدم اقتناع بالمنافسين فى الدائرة، أم أنه اعتراضًا على العملية الانتخابية برمتها، وخاصة أن تلك الدائرة تعد دائرة «المثقفين» والنشطاء فى العمل العام؟ يبقى التوضيح لبعض «قاطنى» القاهرة والجيزة والذين ليسوا من أصول ريفية مثلنا، فهؤلاء يجهلون طبيعة الحياة فى ريف مصر، سواء كان قبليًا أو بحريًا، وقد ركز البعض منهم على ما يوصف «بالتوريث» فى المقاعد البرلمانية. وهؤلاء القاهريون لا يعلمون أن «المقعد النيابى»، سواء كان فى البرلمان أو الشيوخ، يعد بالنسبة للعائلات الكبرى كالأرض.. أى يجب الحفاظ عليه واستمراره بالعائلة.. ولا مانع أن يقوم بالمهمة فرع آخر من العائلة! ومن يقرأ ما صدر عن مركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام من توثيق للانتخابات السابقة سوف يلاحظ استمرار بعض الأسماء لدورات متتالية، أو احتفاظ «عائلات» كبرى بريف مصر بمقعد البرلمان لأجيال مختلفة. هذه طبيعة وميراث مصرى.. يبرره القدرة المالية للعائلة، وكثرة عدد أفرادها وتشعب علاقات النسب والجيرة وتبادل المجاملات. والأهم.. هو القدرة المادية والإنسانية على حل مشاكل الدائرة ومساعدة المحتاجين من أبنائها. والمعنى أن هذا «الوضع» سوف يستمر لسنوات طويلة مقبلة ما لم تقو الأحزاب المصرية وتقنع المواطنين بالانضمام إليها والمشاركة فى نشاطها، ومن ثم توسيع دائرة المشاركة المجتمعية فى الحياة السياسية المصرية وعدم قصرها على «رموز» العائلات الكبرى فى مصر.
أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2