إسلام كمال يكتب: من الأفضل لمصر..ترامب أم بادين؟!

إسلام كمال يكتب: من الأفضل لمصر..ترامب أم بادين؟!إسلام كمال يكتب: من الأفضل لمصر..ترامب أم بادين؟!

الرأى3-11-2020 | 22:15

تعاملت الدولة المصرية الوطنية، بشكل احترافي جدا، مع ملف الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأمريكية، لآخر لحظة، رغم التقارب المتحقق خلال السنوات الأخيرة بين الإدارة الأمريكية الجمهورية بقيادة دونالد ترامب، في العديد من الملفات، حتى إنها بدأت تظهر ملامح سيناريوهات التعامل مع چو بادين المنافس الديمقراطي، لو وصل البيت الأبيض. ترامب وبادين يحملان الكثير من التحديات لمصر والمصريين، ومن المنظور العقلانى، علينا أن ندرك قاعدة إن السياسات الأمريكية لا تتغير بتغير الأشخاص، فقط الأسلوب، إن كان جراحا أو بلطجيا، لكن في الحالتين سيكون هناك دما! ومن هذا المنطلق، فكل شئ على المحك، ووضعت الجهات المختصة المصرية سيناريوهات في هذا الإطار للتعامل مع المشهد من الزاويتين، زاوية الحمار الوحشي وزاوية الفيل الذي لا يقل وحشية بل يزيد بطريقته. وهناك جدل مصرى بين الرأى العام والنخبة، حول ترامب وما فعله لمصر من إيجابيات وسلبيات، فالبعض يذهب لبعيد جدا، ويراه مصريا أكثر من مصريين كثيرين، حتى إنهم يبتهلون لله حتى يحقق له الفوز، وبعضهم ندر قرابين في حالة فوزه، فيما يراه آخرون واحد من أخطر الشخصيات التى مرت علينا، وأضرت مصر في كل الملفات. والفريق الأخير، ينقسم بين كون بادين البديل المناسب لترامب، أو الاضطرار لقبول جهنم ترامب لأربعة أعوام أخرى، لأنها أرحم من جهنم بادين . ترامب الذي يراه أنصاره المصريون داعما لمصر، يعتقدون إنه وقف بجانب مصر في العديد من الملفات، بالذات ملف الإخوان ومكافحة الإرهاب، لكن لو حصرنا إيجابيات ترامب تجاه مصر، سنجدها قليلة، مقارنة بسلبياته العديدة، فحتى الملف الذي يروج لنفسه به، وهو محاصرة الإخوان والمتأسلمين عموما، وعدم التعامل معهم، فهذا غير واضح بشكل كبير، خاصة فيما يتعلق بحظر جماعة الإخوان المسلمين، الذي كان وعد به عدة مرات، ولم يفكر حتى في تنفيذه. وبخلاف ذلك، عرض ترامب مصر لعدة تحديات خطيرة، بتركه الساحة عن قصد أو غير قصد لتركيا الأردوغانية، حتى إنها إمتدت من الجنوب الأفريقي وحتى الشرق الأسيوى والأوروبى، والغرب الأقصي اللاتينى، بالإضافة لدعم واحدة من ألد أعداء القاهرة، قطر، في ملف المقاطعة وغيرها، وعدم معاقبتها على رعايتها للإرهاب، رغم كل الأدلة ضدها، بل ومكافأتها أحيانا، ولن ننسي دوره الباهت أحيانا والتحريضى أحيانا أخرى في ملف السد الإثيوبي، بداية من رعايته الضعيفة للمفاوضات، وحتى تحريضه المعلن لمصر بتفجير السد. وطبعا دوره الداعم بقوة كبيرة جدا بلا سقف لإسرائيل ونتنياهو بالذات، يضر مصر بشكل أو آخر، رغم محاولات مصر للمراوغة والمناورة والتكيف، فقرارات ترامب كانت على طول الخط منذ مجيئه للبيت الأبيض محرجة ومقلقة ومضرة للقاهرة، منذ نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس المحتلة، وحتى الاعتراف بضم الجولان وإطلاق صفقة القرن المسماة بالإتفاق الإبراهيمى، وإلى موجة التطبيع الإجبارى بحجة مواجهة الخطر الإيرانى، والتى تهدم المبادرة العربية، التى قاعدتها الأرض مقابل السلام، ويغيرها نتنياهو وترامب الآن إلى السلام مقابل السلام والاقتصاد مقابل الاقتصاد. وهذا ملف معقد جدا يعرض مصر لكثير من التحديات الخطيرة جدا، ومنها الإضرار بنقط الأمن القومى الحيوية المصرية بكل أنواعها، من الخليج لإفريقيا المسلمة والعربية وحوض النيل وحتى السودان، بخلاف تهديد المشروعات الخليجية الإسرائيلية لقناة السويس ومحورها. ورغم كل هذه التعقيدات الخطيرة جدا، لاتزال بعض السيناريوهات ترى أن ترامب أقل خطورة على مصر من بادين، خاصة في ملف الإخوان والمتأسلمين، بكل تبعاته، لكن هناك جدال في هذه النقطة بالذات، ويرى البعض، حتى من الأمريكان ذوى الأصول المصرية أن بادين والديمقراطيين لن يكونوا بهذه الخطورة في هذا الملف، كما هو اعتياديا، ولن يكرر تجربة أوباما، الذي لا ينسي له الشرق أوسطيين إنه رمز لموجة الربيع العربي الفوضوية، وبخلاف ذلك فإن الموقف الديمقراطى من ملف السد الإثيوبي خطير جدا، حيث يدعم النواب الديمقراطيين الحملات التى تمولها قطر لصالح النواب الديمقراطيين ذوى الأصول الإفريقية، والمسمى اللوبي الإثيوبي، والتى تروج من خلالها كل المطالب والرؤي الإثيوبية بالتنسيق الخفي مع إسرائيل، والتى بدأت هى الأخرى في اتخاذ موقف علنى من الملف لصالح إثيوبيا، بعدما كانت تبدى الحيادية . الأمر بالطبع جد خطير ومعقد، لكن بادين لديه الكثير من التوازنات يروج بها لنفسه، ومنها في إطار حل الدولتين والمرونة في الملف الإيرانى، وبالتالى سيوقف موجة التطبيع، أو يقلل وتيرته المقلقة للمصريين، ومن الممكن التعامل معه بشكل أو آخر وفق بعض التصورات، لدرجة أن إسرائيل أصبحت تحشد ضد بادين علنيا ورسميا، سياسيا ودينيا لترامب، لحماية اليمين المتطرف وبالذات نتنياهو، رغم إنه من مفارقات المشهد أن يهود أمريكا يصوتون للديمقراطيين كالعادة، بينما اللوبيهات الصهيونية منقسمة بين ترامب وبادين هذه المرة، رغم كل ما قدمه ترامب لإسرائيل. المشهد في غاية الضبابية والتعقد، لكن هذين الإسمين، يرسمان سنوات قادمة، في الغالب صعبة علينا، يجب أن نستعد لمواجهتها، إن كانت حمراء أو زرقاء!
أضف تعليق

إعلان آراك 2