إسماعيل منتصر يكتب: «خواطر حرة جدا».. إلا رسول الله!..

إسماعيل منتصر يكتب: «خواطر حرة جدا».. إلا رسول الله!..إسماعيل منتصر يكتب: «خواطر حرة جدا».. إلا رسول الله!..

الرأى4-11-2020 | 17:56

مثل أى مطرب محترف وقف الرئيس رجب طيب أردوغان ينشد باللغتين التركية والعربية أمام أعضاء البرلمان التركى.. أنشودة "طلع البدر علينا"، التى استقبل بها أهل المدينة الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاءها مهاجرًا من مكة.. ليس من حقى كمسلم أن أحكم على نوايا أردوغان، فالنوايا لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى.. لكننى فقط أتساءل: لماذا باللغة العربية؟! المغنى تركى والمستمعون أتراك ومن الطبيعى أن يكون الغناء بالتركية.. لكن الاثنان – المغنى والمستمعون – لا يعرفان من اللغة العربية إلا النذر القليل جدًا.. إذا كانا يعرفان.. فلماذا اللغة العربية؟!.. ليس هناك تفسير إلا أن الرئيس التركى أراد أن يبعث برسالة إلى الذين يتكلمون العربية.. العرب!.. رسالة تستهدف دعم وتأييد العرب للرئيس المسلم المؤمن المدافع عن الإسلام وعن الرسول!.. مرة أخرى ليس من حقى كمسلم أن أحكم على نوايا الرئيس التركى.. لكن الذى أعرفه جيدًا أن الرئيس التركى لم يسبق له اتخاذ مثل هذه المواقف الدينية الحادة.. ولو أن الرئيس التركى بالفعل صاحب مواقف حادة لبدأ بنفسه وببلاده.. وخلّصها كرئيس مسئول من كل ما يسىء للدين الإسلامى!.. المعروف أن الدعارة فى تركيا.. قانونية ومرخصة بموجب قوانين الصحة التى تنظم التعامل مع الأمراض المنقولة جنسيًا.. وتقول الإحصائيات أن عدد العاهرات المسجلين لدى الشرطة يبلغ نحو 15 ألف عاهرة.. وأن هناك حوالى 30 ألف عاهرة فى انتظار الحصول على التراخيص.. أما حجم تجارة الجنس فى تركيا فيتراوح ما بين 3 إلى 4 مليارت دولار سنويا!.. المعروف أيضا أن تركيا تنتشر فيها نوادى العراة.. ويشترط القانون التركى أن تحصل هذه النوادى على ترخيص وأن تخضع العاملات فى هذه النوادى إلى الفحص الطبى الدورى.. ولا يسمح القانون إلا لمن تزيد أعمارهن عن 18 عاما بدخول هذه النوادى!.. فى نفس الوقت فإن الدستور التركى يعترف بحقوق المثليين أو الشواذ.. وقد شهدت تركيا مؤخرًا تأسيس جمعية جديدة فى مدينة أنقرة للدفاع عن حقوق الشواذ من الجنسين.. وقد أطلق على هذه الجمعية اسم "17 مايو".. باعتبار أن منظمة الصحة العالمية أعلنت يوم 17 مايو من عام 1990 حذف المثلية الجنسية من قائمة الأمراض النفسية.. دعارة وشذوذ ونوادى عراة.. ما شاء الله!.. لماذا لم ينتفض الرئيس التركى غضبا ضد كل هذه الموبقات التى لا تسىء للرسول فقط.. ولكنها تسىء لله ورسوله والمؤمنين؟!.. مرة ثالثة.. ليس من حقى كمسلم أن أحكم على نوايا الرئيس التركى.. لكن السؤال: هل يحتاج الرسول صلى الله عليه وسلم لأن يدافع عنه حاكم يسمح بكل هذه الموبقات ويتساهل معها؟!.. ثم أيهما أكثر إساءة للرسول الكريم؟.. رسوم كاريكاتيرية تحاول السخرية منه.. أم ارتكاب الفواحش التى نهى عنها الله ورسوله؟!.. هل هو خطأ بعد ذلك كله أن نتساءل إن كانت الحملة العنيفة المتشنجة التى يقودها الرئيس أردوغان.. ضد الرئيس الفرنسى ماكرون تحت عنوان "إلا رسول الله".. والتى وصلت إلى حد الدعوة لمقاطعة كل المنتجات الفرنسية.. هل يكون من الخطأ أن نتساءل إن كانت هذه الحملة لأسباب دينية أم لأسباب سياسية؟!.. ليس خافيًا أن الإخوان يقودون حملة واسعة للتسويق للرئيس التركى على أنه حامى حمى الإسلام والمدافع الأول عن رسول الله.. وليس خافيا أيضا أن الرئيس أردوغان يواجه ضغوطا دولية رهيبة فى ليبيا وفى شرق المتوسط وفى المنطقة العربية عمومًا.. ضغوطا تلعب فيها فرنسا دور رأس الحربة.. وقد زاد من الطين بلة.. طين أردوغان.. الحملة التى بدأتها السعودية والإمارات لمقاطعة المنتجات التركية.. وليس غريبا بعد ذلك أن نقول إن واقعة الرسوم المسيئة للرسول والتى أعقبتها الحوادث الدامية التى شهدتها فرنسا.. ليس غريبا أن نقول إنها كانت بمثابة الفرصة الذهبية لأردوغان لمواجهة الضغوط الدولية.. تركيا تواجه منفردة الضغوط الدولية ولذلك يحاول الإخوان حشد العالم العربى والإسلامى للوقوف إلى جانبها.. فى نفس الوقت يواجه أردوغان حملة قوية لمقاطعة البضائع التركية وهو ما يمكن أن يصيب الاقتصاد التركى فى مقتل.. ولذلك يحاول أردوغان ويحاول الإخوان تغيير مسار هذه المقاطعة من تركيا إلى فرنسا!.. ومن يجرؤ بعد ذلك على الحديث عن مقاطعة المنتجات التركية فهو عدو الله ورسوله (!!!).. ويزيد من مساحة الشكوك حول الأهداف السياسية لحملة (إلا رسول الله).. أن القضية كلها تم اختصارها واختزالها فى شخص الرئيس ماكرون.. كأنه هو الذى رسم الرسوم المسيئة للرسول.. وكأنه هو الذى نشرها.. وكأنه هو الذى أعاد نشرها.. وهو الذى قام بعرضها على تلاميذه.. وهو الذى يدافع عنها!.. الحكاية كلها بدأت فى لبنان أثناء زيارة الرئيس الفرنسى لها.. أحد الصحفيين سأله عن رأيه فى قيام مجلة شارلى أبدو بإعادة نشر الرسوم المسيئة للنبى محمد.. فقال أنه لا يدعم هذه الرسوم.. لكنه يدعم حرية التعبير عن الرأى!.. وعندما قام أحد المهووسين بذبح مدرس تاريخ فرنسى لقيامه بعرض الرسوم المسيئة على تلاميذه (فصل رأسه عن جسده).. أطلق ماكرون تصريحات هاجم فيها الإسلام السياسى وقال ما معناه إن الإسلام يواجه أزمة.. وقامت الدنيا ولم تقعد.. كل التفاصيل تم تجاهلها، الرسم والرسام والناشر والقاتل والمقتول.. فقط ماكرون هو عدو الله.. وهو عدو رسول الله!.. لم تكن هذه هى المرة الأولى التى تنشر فيها رسوم مسيئة للرسول.. فى عام 2005 قامت صحيفة دانماركية بنشر 12 صورة كاريكاتورية منها رسم يصور النبى محمد وقد لبس عمامة على شكل قنبلة يتدلى منها فتيل الاشتعال.. بعدها قامت صحف دانماركية أخرى وصحف نيرويجية وصحف ألمانية وصحف فرنسية ومنها صحيفة شارلى أبدو بإعادة نشر الصور المسيئة.. وكرد فعل عملى قامت الجالية الإسلامية فى فرنسا برفع دعوى قضائية ضد المجلة.. لكن القضاء الفرنسى رفض اعتبار نشر الرسوم المسيئة تحريض على كراهية المسلمين.. فى أعقاب ذلك وفى عام 2015 قام اثنان من المتطرفين بعمليات اغتيال لمحررى ورسامى مجلة شارلى أبدو.. وتصاعدت موجات العنف والكراهية.. وعلى الرغم من أن المجلة الفرنسية خسرت محرريها ورساميها إلا أنها كسبت من وراء ذلك الكثير.. فبعد أن كانت المجلة توزع أسبوعيا حوالى 30 ألف نسخة ارتفعت أرقام التوزيع إلى مليون نسخة (!!!) ويبدو أن المكاسب المادية كانت هى الدافع لقيام المجلة الفرنسية مؤخرًا بإعادة نشر الصور المسيئة إلى الرسول.. وطبعًا أضافت لها.. فنشرت رسما للنبى ومن حوله صور لأحداث العنف وكتبت تحت الرسم عبارة تقول: كل ذلك من أجل هذا!.. وليس هناك مسلم واحد يوافق على الإساءة لرسول الله.. وليس هناك مسلم واحد لا يشعر بالغضب.. سواء من الرسوم المسيئة أو من موقف الرئيس الفرنسى المائع.. لكن هل معنى ذلك أن تراق دماء الأبرياء.. تراق الدماء التى هى أشد حرمانية من حرمة الكعبة المشرفة عند الله.. وهل يرضى الرسول أن تكون دماء هؤلاء الأبرياء ثمنا للدفاع عنه.. هذا إذا كان ما يحدث هو دفاع عن الرسول.. الرسول الذى بعثه الله رحمة للعالمين.. أما إذا كان ما حدث هو مزايدة سياسية قام بها أردوغان وقام بها الإخوان لتحقيق مكاسب سياسية.. فلابد أن يكون للمسلمين وقفة واعية.. لابد أن يقول المسلمون لأردوغان والإخوان: زايدوا كما تشاءون.. لكن لا تستخدموا النبى فى مزايداتكم.. إلا رسول الله!..
أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2