كتب: عمرو حسين
أظهر رئيس الوزراء الإثيوبى آبي أحمد وجهًا عدائيًا، عندما أصدر إعلانًا بشن هجوم عسكري واسع ضد إقليم تيجراى. ما ينذر بسقوط ثاني أكبر دولة في إفريقيا، من حيث عدد السكان، نحو حرب أهلية.
ويقوم الجيش الإثيوبى بتطويق الإقليم، تنفيذا لإعلان حالة الطوارئ، بعد فترة قليلة من انقطاع خدمات اتصالات الإنترنت والهاتف الخاصة بالتيجراى، ما يعزل الجماعة الإثنية فعليًا عن بقية إثيوبيا؛ تمهيدًا لعملية عسكرية، من المؤكد أنها ستنتهى بحرب أهلية.
ويشير الخبراء إلى أن قدرات الجيش الإثيوبى لا تستطيع السيطرة على الإقليم، لما يتمتع به رجال التيجراى من تاريخ عسكرى ممتد إلى ما قبل قيام دولة إثيوبيا بشكلها الحالى. فقد خاض عشرات الآلاف من جماعة التيجراى الحروب ضد جماعة إريتريا، فهى منطقة تعرف حمل السلاح واستخداماته وتحارب على أرضها التى تعلمها جيدًا، ما يؤكد أن القرار له عواقب وخيمة، وقد يكون الإقليم بمثابة الصخرة التى يتحطم عليها الجيش الإثيوبى، وبالتالى سقوط الدولة بأكملها.
ويشار إلى أن جماعة التيجراى تقف حجر عثرة فى طريق تنفيذ اتفاق السلام بين إثيوبيا وإريتريا، لأن منطقة "بادمى" المتنازع عليها بين الدولتين، هى فى الأساس منطقة نزاع بين جماعة التيجراى وجماعة إريتريا بقيادة أسياس أفورقى، قبل وبعد انفصال الأخيرة لتكوين دولتها فى عام 1993. وهو ما يفسر أن قرار رئيس الوزراء ليس أكثر من خطأ استراتيجى سيدفع تكلفته المواطن الإثيوبى.
مدافعا عن قراره، قال رئيس الوزراء الإثيوبى إنه يخشى من امتداد العصيان السياسى الذى فرضه التيجراى بإقامة الانتخابات المحلية فى أغسطس 2020، متحديين قراره بتأجيل الانتخابات للعام 2021 فى ظل جائحة كورونا. معلنا أن زعماء الإقليم مسئولين عن عدم ترك اختيار له سوى الاختيار العسكرى، متهما إياهم بـ "تجاوز الخط الأحمر". ويرى أن الجيش فى مهمة وطنية لإنقاذ البلاد.
ويتمسك قادة التيجراى بسلامة قرارهم وشرعية العملية الانتخابية واعتماد نتائجها، لأنها جاءت متوافقة مع دستور البلاد، الذى حدد إجراء الانتخابات كل 5 سنوات. ولا يرون أن جائحة كورونا مؤثرة بما يسمح لها بتأجيل الانتخابات، ويستدلون على ذلك بإجراء عدة دول إفريقية لانتخابات رئاسية آخرها السنغال فى ظل الجائحة، وتجرى الآن الانتخابات الرئاسية فى الولايات المتحدة الأمريكية، صاحبة أكبر عدد من إصابات ووفيات كورونا. وجدد قادة التيجراى رفضهم للاستخدام السياسى للجائحة، بما يسمح لرئيس الوزراء أن يثبت دعائمه ويقضى على مكتسبات المعارضة.
وأدت حالة عدم الاستقرار السياسى والصراع على السلطة فى إثيوبيا، بفعل سياسات التهميش والإقصاء التى ينفذها رئيس الوزراء الإثيوبى المنتمى إلى الأورومو بحق الإثنيات المختلفة، إلى ضياع الأمان الاجتماعى وظهور مقدمات حالة الفوضى فى أجزاء متفرقة من البلاد، آخرها إقليم تيجراى.
ويبقى جوهر الصراع هو اختيار أطراف العملية السياسة، بين تقاسم السلطة واستمرار إثيوبيا كدولة فيدرالية، كما هو مثبت دستوريا، أو السعى إلى الاستحواذ على السلطة وإغراق إثيوبيا فى حمامات الدم الناجمة عن الحرب الأهلية.