محمد نجم يكتب:الزراعة المصرية.. عود على بدء !

محمد نجم يكتب:الزراعة المصرية.. عود على بدء !محمد نجم يكتب:الزراعة المصرية.. عود على بدء !

الرأى6-11-2020 | 15:01

أن تجلس مع «خبير» فيما يحدثك به.. فأنت محظوظ، والأكثر حظًا.. أن تعلم أن هذه الخبرة الناتجة عن التخصص العلمى والتجارب المتعددة يتطوع بها صاحبها لمن يحتاجها أو يطلبها منه.. باعتبارها «صدقة جارية»! فقد التقيت مؤخرًا مع الصديق القديم د. محمود عمارة بعد أن باعدت بيننا الأيام والظروف، ثم جمعتنا الصحبة الحلوة والأرض الفسيحة والكرم «المنوفى»!، والأهم الحكاوى التى لا تنتهى والعلم الذى ينتفع به. فالدكتور محمود عمارة الخبير الزراعى المعروف، والذى جاب «بلاد الله» شرقا وغربا وعمل واستثمر فى فرنسا وأمريكا والإمارات والمغرب.. مازال مصريا حتى النخاع.. مشغولا بقضايا البلد، شغوفا بمتابعتها، محاولا المساهمة فى حلها، خاصة بعد أن استقر فى مصر بشكل نهائى وقرر الإقامة الدائمة فى مزرعته بطريق القاهرة – الإسكندرية، والتى أطلق عليها «القرية الفرنسية»، حيث جعلها «ملتقى» لصالون دورى يضم العديد من الأصدقاء والمعارف من المهن والتخصصات المختلفة للحوار والاستمتاع بخيرات الأرض المصرية المعطاءة والطبيعة الساحرة والطقس النقى! وقد دار الحوار المفتوح والجدى حول الزراعة المصرية التى عانت فى بعض السنوات السابقة من سوء الإدارة رغم كثرة مواردها وتنوع أشكالها ومنتجاتها. عانت الزراعة المصرية من غياب الدور الفعال لمراكز البحوث الزراعية فى استنباط تقاوٍ جديدة أو تحسين التقاوى الحالية سواء فى القطن – الذى كان ملك الزراعات المصرية – والقمح الذى نستورد ما يزيد على نصف استهلاكنا منه، وكذلك الفول والعدس والنباتات الزيتية والعطرية.. إلخ. وعانت أيضًا الزراعة المصرية من اختفاء ما يسمى بالإرشاد الزراعى، والذى كان ينصح ويساعد الفلاح المصرى فى استخدام البذور السليمة والجيدة، وكذلك الزراعات الحديثة وطرق الرى المطورة، بل إنه كان يتابع التزام أهلنا فى الريف بما كان يسمى «الدورة الزراعية» التى ألغيت بقرار مجهول لا نعلم من أصدره. أما فى مرحلة الإنتاج والحصاد، فمازالت الزراعة المصرية تعانى من غياب دور التعاونيات التى كانت ترفع شعار «من المنتج إلى المستهلك» مباشرة بدون وسطاء مثل تجار الجملة ثم التجزئة ثم الباعة والسريحة، وتكون النتيجة ارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة التى يحصل عليها المستهلك النهائى بسبب كثرة التداول، ناهيك عن «الفاقد» الضخم بسبب هذا التداول غير المنظم وغير المقنن! ليس ذلك فقط، فهناك منتجات كان يعتمد فيها الفلاح على ما يسمى «بالتوريد» للحكومة وبأسعار معلنة من قبل، تغطى التكلفة على الأقل، خاصة القطن والأرز وغيرهما، والآن كثيرًا ما تتملص الحكومة من هذا الالتزام السابق! ثم.. أين التصنيع الزراعى؟! ولماذا الارتفاع المستمر فى تكاليف مستلزمات الإنتاج، ولماذا لا تضع الحكومة ما يسمى «بالأحوزة العمرانية» للقرى وحتى لا يتهم الفلاح بالبناء على الأرض الزراعية ويضطر على دفع مبالغ لإتمام التصالح تفاديًا للإزالة؟! وقد تطرق الحوار للعديد من الموضوعات، منها مثلًا مشكلة تماسيح بحيرة ناصر والتى تأكل سمك المصريين وتدفعهم للاكتفاء بالفول! فلماذا لا نستعين بشركات أجنبية لصيدها والاستفادة من جلودها، وهو ما يمكن أن يوفر أكثر من 160 ألف طن من الأسماك الجيدة سنويًا؟ لا جدال أن الزراعة تحتاج لمزيد من الاهتمام، فهذا القطاع يستوعب أكثر من 35% من القوى العاملة المصرية ويساهم فى الناتج المحلى المصرى بما يزيد على 15%، والأهم أنه «غذاء» الشعب.. الصحى والرخيص نسبيًا. ومن حسن الحظ أن هناك مجموعة من المستثمرين المغامرين فى مجال الزراعة يقومون بهذا «الفرض الواجب» نيابة عن الحكومة، بل إنهم نجحوا فى تحقيق الاكتفاء الذاتى لاحتياجات السوق المحلى وفتح أسواق التصدير الخارجية أمام البطاطس والبرتقال والمانجو، وبعض الأنواع من الخضراوات والعطور. والحمد لله.. إننا نشهد حاليًا اهتمامًا متواصلاً من القيادة السياسية بالتوسع فى استصلاح واستزراع الأراضى الصحراوية، خاصة فى الساحل الشمالى وغرب طريق القاهرة – الإسكندرية، وهى زراعات تعتمد على البذور المستنبطة ووسائل الرى الحديثة. نعم.. لدينا مشاكل ولكن نبحث لها عن حلول، ولدينا أيضًا محاولات جادة للتغيير والتطوير وإصلاح ما فسد!
أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2