قناة السويس.. حكاية أول ممر ملاحى صنعه الإنسان فى التاريخ

قناة السويس.. حكاية أول ممر ملاحى صنعه الإنسان فى التاريخقناة السويس.. حكاية أول ممر ملاحى صنعه الإنسان فى التاريخ

خاص15-11-2020 | 19:42

كتبت: د. نسرين مصطفى كانت مصر أول من حفر قناة من صنع الإنسان لربط الشرق بالغرب، إذ تعود فكرة ربط البحرين الأبيض المتوسط مع الأحمر، عن طريق قناة إلى 40 قرنا مضت، كما تشير إلى ذلك الدراسات التاريخية بدءا من عصر الفراعنة عندما حفروا قناة تربط بين نهر النيل والبحر الأحمر فى عصر سنوسرت الثالث 1874 قبل الميلاد، ومرورا بالعصر الإسلامى إذ أعيد حفر القناة، فى عصر عمرو بن العاص بعد الفتح الإسلامى لمصر وربط النيل إلى البحر الأحمر لإنشاء خط جديد للإمدادات من القاهرة، فكانت تستخدم لشحن الحبوب إلى الجزيرة العربية ولنقل الحجاج إلى الأراضى المقدسة، قبل أن تغلق فى 767م من قبل الخليفة العباسى المنصور لقطع الإمدادات عن المتمردين فى الدلتا وتجويع الثوار فى المدينة المنورة. تعتبر قناة السويس أول قناة تربط مباشرة بين البحرين الأبيض المتوسط والأحمر فى العصر الحديث، وقد بدأ هذا المشروع فى 1799 من قبل تشارلز لوبير، ولكن سوء الحسابات قدرت أن الفرق فى المستوى بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر كبير جدا (قدر أن البحر الأحمر أعلى بنحو عشرة أمتار من البحر الأبيض المتوسط) والعمل فى القناة توقف بسرعة. فى عام 1854 نجح الدبلوماسى الفرنسى المهندس فرديناند مارى دى ليسبس فى حشد اهتمام نائب الوالى سعيد باشا للمشروع، وفى عام 1858 تشكلت الشركة العالمية لقناة السويس البحرية وحصلت على امتياز لحفر قناة وتشغيلها لمدة 99 عاما على أن تؤول ملكيتها بعد ذلك إلى الحكومة المصرية. تأسست الشركة على أنها مؤسسة مصرية خاصة ويملك معظم أسهمها مستثمرون مصريون وفرنسيون. وفى عام 1875 قامت الحكومة البريطانية بشراء أسهم الحكومة المصرية. مشكلات التمويل واجهت الشركة مشاكل مالية للتمويل، اشترى سعيد باشا 44% من الشركة للإبقاء على تشغيلها ومع ذلك كان البريطانيون والأتراك يشعرون بالقلق من هذا المشروع ورتبوا لوقف المشروع ولو لفترة قصيرة، حتى تدخل نابليون الثالث وبدأ حفر القناة بالفعل فى 25 أبريل لعام 1859 واستمر إلى عام 1862، وتم الإنتهاء من الجزء الأول من القناة. ومع تولى إسماعيل الحكم خلفا لسعيد باشا توقف العمل من جديد، فلجأ فرديناند دى لسبس مرة أخرى لنابليون الثالث، وتشكلت لجنة دولية فى مارس من عام 1864، وقامت اللجنة بحل المشاكل وفى غضون ثلاث سنوات اكتملت القناة فى يوم 17 نوفمبر 1869، حيث أزيل الحاجز عند السويس وتدفقت مياه البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الأحمر وافتتحت قناة السويس للملاحة العالمية. أخذ الانتهاء من 160 كم على طول المجرى المائى للقناة عشر سنوات مؤلمة وجهدا شاقا من قبل العمال المصريين الذين تم استدعاؤهم بمعدل 20 ألف عامل كل عشرة أشهر من بين طبقة الفلاحين. افتتاح أسطورى الانتهاء من قناة السويس كان سببا كبيرا للاحتفال فى بورسعيد وبدأ الاحتفال المبالغ فيه بالألعاب النارية وحفلة حضرها ستة آلاف متفرج شملت العديد من رؤساء الدول، بما فيها الإمبراطور أوجينى وإمبراطور النمسا وأمير ويلز وأمير بروسيا وأمير هولندا. ودخلت قافلتان من السفن فى القناة من المداخل الجنوبية والشمالية، وإلتقتا فى الإسماعيلية، وقد استمرت الحفلات لأسابيع، وتميز الاحتفال بافتتاح دار أوبرا إسماعيل العتيقة فى القاهرة. مصالح استعمارية فى عام 1875 وبسبب الديون الخارجية، قامت الحكومة البريطانية بشراء أسهم المستثمرين المصريين، خاصة أسهم سعيد باشا بنحو 400,000 جنيه إسترليني. وبموجب شروط الاتفاقية الدولية التى وقعت فى عام 1888 (اتفاقية القسطنطينية)، افتتحت القناة لسفن جميع الدول دون تمييز، فى السلم والحرب. ومع ذلك فإن بريطانيا اعتبرت القناة ضرورية لصون قوتها البحرية ومصالحها الاستعمارية. وبالتالى فإن أحكام المعاهدة الإنجلومصرية فى 1936 سمحت لبريطانيا للحفاظ على قوة دفاعية على طول منطقة قناة السويس. ولكن القوميين فى مصر طالبوا مرارا وتكرارا بإخلاء بريطانيا من منطقة قناة السويس، وفى عام 1954 وقعت الدولتان على اتفاق يأخذ سبع سنوات ليحل محل معاهدة 1936 وينص على الانسحاب التدريجى لجميع القوات البريطانية من المنطقة. مصرية خالصة بعد ثورة يوليو قام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر فى 26يوليو1956 بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس لتصبح شركة مساهمة مصرية، ونص القرار على أن يصدر قرار من رئيس الجمهورية بتعيين رئيس مجلس إدارة هيئة قناة السويس ونائبه وأعضائه وأعضاء مجلس الإدارة المنتدبين وتحديد مرتابتهم ومكافآتهم وإعفائهم من مناصبهم، وكان ذلك القرار أحد الأسباب التى أثارت الدول الكبرى فى ذلك الوقت فكان العدوان الثلاثى هو الرد وكان الهدف الرئيس هو تأميم المجرى المائى للقناة وأعيد فتح القناة عام 1957، وحدث والإغلاق الثانى بعد حرب يونيو 1967 مع إسرائيل واستمر حتى عام 1975، عندما وقعت مصر وإسرائيل اتفاق فك الاشتباك الثانى. موقع فريد أما عن أهداف هيئة قناة السويس، فهى تخطيط وإدارة مرفق قناة السويس، وتطوير وتوفير الأمان والسلامة للسفن والناقلات العابرة بالقناة، إعداد وتوفير كافة الوسائل والمعدات لخدمة السفن والقوافل العابرة بالقناة، وإصدار وتنفيذ اللوائح المتعلقة بالملاحة فى القناة وكذا اللوائح التى يقتضيها حسن سير المرفق، وفرض وتحصيل رسوم الملاحة والإرشاد والقطر والرسو فى مرفق القناة. تعتبر قناة السويس أقصر طريق يربط بين الشرق والغرب وذلك بسبب موقعها الجغرافى الفريد وهى قناة ملاحية عالمية هامة تصل بين البحر المتوسط عند بورسعيد والبحر الأحمر عند السويس ويصبغ عليها هذا الموقع الفريد طابعا من الأهمية الخاصة للعالم ولمصر، كذلك تتعاظم أهمية القناة بقدر تطور و​تنامى النقل البحرى والتجارة العالمية؛ حيث يعد النقل البحرى أرخص وسائل النقل ولذلك يتم نقل ما يزيد عن 80% من حجم التجارة العالمة عبر الطرق والقنوات البحرية التجارة المنقولة بحرا. بدون أهوسة وتتميز قناة السويس أنها أطول قناة ملاحية فى العالم بدون أهوسة، ونسبة الحوادث فيها تكاد تكون معدومة بمقارنتها بالقنوات الأخرى، وتتم حركة الملاحة بها ليلا ونهارا وهى مهيأة لعمليات التوسيع والتعميق، ومزودة بنظام إدارة حركة السفن (VTMS)، ​​وهو نظام يقوم على استخدام أحدث شبكات الردار والكمبيوتر، ليكشف ويتابع حركة السفن على طول القناة، ويتيح بذلك إمكانية التدخل فى أوقات الطوارئ، كما تستوعب القناة عبور السفن بحمولة مخففة، لحاملات النفط الخام الكبيرة جداً (VLCCs) والضخمة (ULCCs)، وكل السفن الفارغة مهما كانت حمولتها.
أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2