كان المصطلح الذي تحدث عنه الرئيس "عقل الدولة" جديدًا على مسامعنا أن يحدث داخل الدولة المصرية، فلم يكن قبل ذلك التوقيت سوى مجرد حُلم يراود بعض المتخصصين فى مجال تكنولوجيا المعلومات ليستفيد المواطن البسيط من الطفرة التكنولوجية والمعلوماتية التي يشهدها العالم.
ولأن الدولة قد انتهجت نهجًا جديدًا جعلته أحد ثوابتها عقب ثورة 30 يونيو (أن يتم التخطيط للمشروعات بدقة عالية والتنفيذ باحترافية لتقديم خدمة أفضل للمواطن) وهو سرعة تنفيذ المشروعات التي تخدم المواطن وتضع الدولة المصرية فى المكانة التي تليق بها.
فقد جاء الإعلان عن المشروع فى 2019، فى الوقت الذي تم البدء بتنفيذه عام 2017 وعلى مدى ثلاث سنوات تحول الحلم إلي حقيقة عندما زار الرئيس العاصمة الإدارية الجديدة الأسبوع الماضي ليظهر لأول مرة "مركز قيادة الدولة الاستراتيجي" والذي باكتمال كافة مراحله ستنتقل الدولة المصرية إلى مرحلة جديدة وتطور غير مسبوق فى العديد من المناحي بدءًا من إدارة كافة مؤسسات الدولة وانتهاءٍ بالخدمات المقدمة للمواطنين وجودتها.
تطور كما سبق أن ذكرت ارتكز على تحقيق طموحات الشعب وأن تصل الدولة إلى غايتها القومية (أن تتبوأ مكانتها بين القوى الدولية).
(1)
مع تحرك الدولة المصرية باتجاه التحول الرقمي من أجل رفع مستوى جودة الخدمات المقدمة للمواطنين ومواجهة الفساد الذي ضرب العديد من دواوين الدولة خلال الفترة الماضية، مما جعل المواطن يعاني كثيرًا عند الدخول فى تلك الدائرة.
كان تحرك دولة 30 يونيو فى اتجاه محدد وهو "التحول الرقمي".. لكن الأمر ليس مجرد قرار يتم اتخاذه أو تصريح تتناقله وسائل الإعلام المختلفة، فهذا يتنافى ومنهج الدولة المصرية الحديثة.
من هنا جاء التحرك على أكثر من محور للوصول إلى الهدف.
المحور الأول: التخطيط لتنفيذ شبكة عملاقة لنقل البيانات والمعلومات، تكون قادرة على مواجهة التحديات والتوسع وفق الاحتياجات والمتطلبات (تم تطوير البنية التحتية الخاصة بالاتصالات بتكلفة بلغت 30 مليار جنيه).
المحور الثاني: تدريب الكوادر البشرية لكي تصبح قادرة على التنفيذ.
المحور الثالث: تنفيذ مشروع عملاق وفق أحدث النظم العالمية يصبح بمثابة عقل الدولة المصرية (مركز قيادة الدولة الاستراتيجي).
تم البدء فى تطوير البنية التحتية الخاصة بنقل المعلومات وشبكات الاتصالات واستبدال الكابلات النحاسية بكابلات الألياف الضوئية التي تضمن جودة خدمات الاتصالات والانترنت.
تم العمل على ربط 70 قاعدة بيانات حكومية، وذلك فى إطار استراتيجية الدولة المصرية لمكافحة الفساد.
وفى توقيت متزامن تم العمل على إنشاء المركز الذي يضم بداخله عقل الدولة المصرية وربطه بشبكة المعلومات وتأمين تلك البيانات وفق أحدث النظم العالمية.
الأمر الذي يؤكد لنا أن تطوير البنية التحتية لم يكن من قبيل الرفاهية وإنما كان الهدف القضاء على جملة نجدها تتردد على مسامعنا فى بعض المصالح الحكومية (السيستم واقع) لتختفى تلك الجملة بانتهاء كامل مراحل إعداد مركز قيادة الدولة الاستراتيجي.
بالتوازي مع هذا العمل الضخم، ولتطوير عملية نقل البيانات، أطلقت الدولة القمر الصناعي طيبة (1) المتخصص فى الاتصالات، مما ساهم بشكل كبير فى تطوير شبكة الاتصالات، كما ساهم فى توفير البيانات الخاصة بالمناخ.
حقق إطلاق القمر الصناعي طيبة (1) طفرة غير مسبوقة فى شتى المجالات الحيوية للدولة المصرية، سواء كانت تعليمية أو صحية أو زراعية كبرى.
فمن خلال القمر الصناعي والصور التي يتم التقاطها يوميًا استطاعت الحكومة مواجهة مخالفات البناء والتعدي على الأراضي الزراعية.
(2)
تم إنشاء مركز قيادة الدولة الاستراتيجي داخل العاصمة الإدارية ليكون بمثابة انطلاقة عهد جديد فى إدارة الدولة.
عهد تتحول فيه مصر إلى دولة مؤسسات، يعمل فيها الجميع بتناغم، وليس كما كان من قبل، عندما كانت المؤسسات تعمل فى جزر منعزلة، والنتيجة حالة من الفساد والفوضى وإهدار مقدرات الدولة.
تم إنشاء المركز على مساحة 22 ألف فدان ليضم 13 منطقة تختلف باختلاف طبيعة كل منها، ويحتوي على مركز لتنسيق أعمال دفاع الدولة.
كما يضم أيضًا مركز البيانات الاستراتيجي الموحد للدولة، والذي يحتوي على كافة البيانات الخاصة بمؤسسات الدولة، ومركز للتحكم فى الشبكة الاستراتيجية المغلقة للسيطرة على الجهاز الإداري للدولة.
بالإضافة إلى مركز الإدارة والتشغيل للتحكم فى مرافق الدولة، ومركز للتحكم فى شبكة الاتصالات الذي يضمن استمرار الاتصالات على مستوى الدولة، ومراكز السيطرة على خدمات الطوارئ والسلامة الميدانية، ومركز للتنبؤات الجوية والذي يعد مركز الدفاع عن الدولة ببيانات الأحوال الجوية أولًا بأول ليكون مستعدًا لمجابهة التغيرات المناخية المفاجئة، بالإضافة إلى عدد ضخم من المخازن التي تؤمِّن احتياجات الدولة من السلع الإستراتيجية (المخازن الاستراتيجية).
وتتعدد منشآت مركز قيادة الدولة الاستراتيجي لتشمل عددًا من دور العبادة والنوادي والفنادق والمدارس والملاعب الرياضية والمشروعات السكنية والمولات التجارية إلى جانب عدد من المستشفيات والمجمعات الخدمية والإدارية.
يؤمَّن مركز قيادة الدولة بوحدتين من الحرس الجمهوري ووسائل التأمين الأخرى التي توفر الحماية والوقاية والتأمين للمركز.
(3)
إن إقامة مركز قيادة الدولة الاستراتيجي يعد بمثابة نقلة نوعية كبيرة فى إدارة الدولة المصرية، تجعلها قادرة على اتخاذ القرار وفق بيانات دقيقة تتوفر من خلال الربط بين مؤسسات الدولة كافة.
إن بناء هذا المركز يعد رسالة قوية إلي العالم أجمع، ففى الوقت الذي تموج فيه المنطقة بالعديد من الأزمات وتضرب دولها الاضطرابات، تواصل الدولة المصرية استكمال البناء والتطوير، ويتحقق الحلم بسواعد الرجال المخلصين وفق رؤية حكيمة لقائد يحلم دائمًا لوطنه بأن يكون "قد الدنيا".
يمثل مركز قيادة الدولة الإستراتيجي الجديد صرحًا جديدًا يجسد رؤية مصر المستقبلية كقوة إقليمية واعدة ودولة رائدة كانت وسوف تبقى قادرة على قهر التحديات وتحقيق التطلعات بوحدة شعبها وقوة جيشها.
إن مركز قيادة الدولة الاستراتيجي الذي يضم عقل الدولة المصرية سيكون له بالغ الأثر خلال الفترة القادمة فى تطور العديد من الخدمات للمواطنين ومواجهة مختلف التحديات والتخطيط العلمي والعمل باحترافية.
تحية للقائد الذي حوَّل طموحات شعبه إلى واقع، وتحية إلى الشعب الذي ساند قيادته بقوة لتعبر بسفينة الوطن مرحلة من أصعب مراحل بناء الدولة.
وتحية للأبطال رجال القوات المسلحة والشرطة الذين يدافعون عن أمن هذا الوطن واستقراره.