سارة حامد تكتب: دعونا نحطم أصنام القلب
سارة حامد تكتب دعونا نحطم أصنام القلب
الإماتة..لفظ يظن البعض أنه مستوحى من الموت لكن مرادفه النقيض، مقصده الحياة لسيدة المطر، و طفل الليمون، وغيرهم من مشردي الشوارع، وجوعى البطون، و الغارمين، والمحرومين، و فقراء المال، والمطرودين , والمَقصيين , والمحتاجين, والمدقعين, والمُعدَمين , والمعوزين، والذين هم دون أوطانهم.
حين مهاتفة الاب بطرس دانيال لتهنئته بمستهل صوم ميلاد الكاثوليك في التاسع من ذا الشهر، إستفهمت عن ذاك المصطلح الذي لخصه في أن أسر كاثوليكية أو مجموعات رهبانية أو شلة أصدقاء أو شخص بمفرده يعهد أن يتناول نوع واحد من الأطعمة في كل الوجبات أو أن يقتات وجبة واحدة فقط على مدار اليوم، أو الإمساك عن تناول الفاكهة والحلوى خلال مدة صوم الـ ١٥ يوم، على أن يكون العائد من هذا الإحجام لصالح فقراء و يتامى و مساكين و مشردين أو مديونين و أبناء سبيل أو غارمين وغيرهم من فاقدي الأهلية أو الرعاية.
تأمّل معي صديقي القارئ، إذا قررنا عُصبة وفُرادى إنفاذ هذا النوع من الإنسانية، على أن يكن صومُنا ليس فقط إبتغاء مَخمصة ومجاعة الجوف، و خمود وتراخي البدن عن العمل بعُذر "الصوم"، لتكن حُجتنا مشاركة غير القادرين في مأكلنا و أموالنا التي إقتصدناها دون أن نجوع ونعرى، كي نتكفل سويًا ب طفل الليمون وسيدة المطر ونظائرهم، فإذا تراحم الناس لما كان بينهم جائع ولا محروم ولأقفرت الجفون من المدامع واطمأنت الجنوب في المضاجع..
حَلّ بي تِيه وحيرة، هل النفس البشرية تقبّل العيش على حد الكفاف من غير تخبئة المال لشراء متاع الدنيا لصالح تحقيق الإنسانية؟!، ذلك التساؤل ظل يراودني إلى أن منحني صديقي الكاثوليكي كتاب مُترجم بعنوان أصنام "أوثان" القلب، تشرح فيه "إليس فيتزبترك" أن في دواخلنا أصنام نقدسها ونسعى لنيلها بغض الطرف عما يقترف من ذنوب وخطايا، كل منا لديه نقطة وهن وتخاذل، مثيل المال أو الجاه والسلطة أو كلاهما.
صحوة نستدعيها لتحطيم أصنام قلوبنا الزائفة، لنتخلى فيها عن إشتهاء جمع المال ونَهم السعي للمناصب والسُلطة، أو إشتهاء إنجاب الذكور دون الإناث، و مُتعة الشهرة وحب الناس، أو غريزة الكلام دون إلمام،.... وغيرها من متاع.
شهوات القلب لا تنتهي، كلٌ منا يستنبط أصنامه المقدسة التي يقتضي التخلي عن عبوديتها لنا كي لا يكن بيننا شقياً أو محروماً.."من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب"..