حسين خيري يكتب: مازال الأوفياء يعيشون بيننا

حسين خيري يكتب: مازال الأوفياء يعيشون بينناحسين خيري يكتب: مازال الأوفياء يعيشون بيننا

الرأى12-12-2020 | 09:46

لا يمكنك الشعور بالأمان وأنت تعيش فى عزلة، وبما أنك تؤمن أن «القرش الأبيض ينفع فى اليوم الأسود»، فلابد من يقينك بمقولة «الصديق وقت الضيق»، ولذا كان حتما البحث عن الأصدقاء، وقد يجول فى خاطرك أننا نحيا فى زمن أسطورة الخل الوفى. وهو اعتقاد صحيح إلى حد ما فى وقتنا الحالي، غير أن الأوفياء مازالوا يعيشون بيننا، ويحتاج الأمر منا إلى تنقية القلوب من الأنانية والريبة الذميمة فى كل المحيطين بنا، مما يولد فى النفس الكراهية والتحريض على تخوين الآخرين، ومحاولة انصرافك عن هذا العلاج يفقدك الأمان، وبمرور الوقت ينبذك الجميع. أجرى عدد من علماء النفس والاجتماع دراسة عن مدى إحساس الشخص بالأمان وسط أصدقائه، وأكدت صدق هذا الإحساس بنسبة كبيرة، وأوضحت الدراسة شعور الإنسان بصحة جيدة حينما يرتبط بصداقة قوية وعند قيامه بعلاقة سوية مع الآخرين، وأثبتت جميع الدراسات خلاف ذلك وقت تخليه عن ذلك. ووصفوا كل من يقيم علاقات من الصداقة القوية كمن يمارس رياضة بدنية، التى تؤدى إلى إطالة فى عمره، وسجلت التحاليل العلمية خفض نحو 25% من أمراض الجهاز المناعى وتصلب الشرايين بالإضافة إلى تعزيز صحة الدماغ حسب دراسة حديثة من جامعة هارفارد. وما أحوجنا اليوم إلىأصدقاء أوفياء وصالحين، خاصة بعد اختلاط الحابل بالنابل فى كثير من أمور حياتنا، وهو وليد انعدام الشفافية بين الأفراد، وإلى انزلاق المحيطين بنا فى مطحنة لقمة العيش، واستسلامنا لهذا الواقع، يجرفنا إلى الخوف ممن حولنا وتخوينهم مع وقوعهم فى أول خطأ، ويشيع كذلك الشعور بالاكتئاب داخل المجتمع. وطبقا لشهادات العلماء أن التقارب المشبع بصفاء النفس، يساهم فى زيادة الطاقة الإيجابية، ويرفع المعنويات، ويجعل الحياة أفضل وأكثر راحة وطمأنينة، ويشترط الباحثون لتوطيد الصداقة وللحصول على دعم نفسى كبير، يجب تطبيق بعض الخطوات، أولها تكوين المزيد من روابط العلاقات الاجتماعية، وثانيا ألا تقتصر الروابط على التواصل بين الأصدقاء من خلال وسائل التكنولوجيا، وإنما لابد من عقد لقاءات مباشرة بشكل مستمر. ولذا وجد الباحثون أن الأشخاص الذين لديهم مجموعات اجتماعية محدودة يشعرون بنقص فى الدعم النفسي، وهذا على النقيض فى حالة اتساع دائرة الأصدقاء الأوفياء، والصداقة بمفهومها الصحيح تنمو وتتطور عبر السنين. وغالبا الصداقة الناشئة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى تعد نوعا افتراضيا وشكليا، وخالية من الروحانية والجدية، فالصديق من الضرورى معرفته عن قرب، وأن تعلم بكل المحيطين به، وهو يقف معك فعليا، ويشاركك أحزانك وأفراحك. عالم الاجتماع «توم راث» والذى عمل مدير منظمة جالوب للاستشارات الإدارية والموارد البشرية، توصل إلى نتيجة مذهلة بأن الصديق صاحب السلوك السوى يورثه لصديقه، وقال إن المتزوجين يشعرون بسعادة قد تفوق العلاقة الزوجية، وأوضح أيضا أن الموظفين يشتد حبهم للعمل حين تربطهم صداقة قوية فى العمل، مما يجعل الموظف سعيدا ومنتجا. وكم من نماذج فى حياتنا أثرت الصداقة فيها، وأصبحوا روادا فى مجتمعاتهم، وكم من صداقة أسفرت عن أفكار عظيمة ومشاريع ناجحة. ومن أهم معايير اختيار الصديق تحليه بالصدق، وأسمى مثال على ذلك من اقترن الصدق به وهو أبو بكر الصديق، ويليه تمتعه بالخلق والسمعة الطيبة. وصدق رسولنا الحبيب فى قوله: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» وقال: «خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره».
أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2