محمد نجم يكتب: هذا.. هو المطلوب !
محمد نجم يكتب: هذا.. هو المطلوب !
أعتقد أنه لابد من «وقفة» تشريعية جديدة لتنقية «غابة» التشريعات السارية والتى تصل إلى حوالى مئتى ألف، ما بين قانون ولائحة وقرار.
أقول ذلك بعد انتهاء الانتخابات وبداية عمل المجلسين الموقرين، وبصرف النظر عما يبديه البعض من تحفظات على الانتخابات، فأبواب الطعن مفتوحة، وشيوخ القضاة بمحكمة النقض حريصون على تطبيق القانون على الوقائع المؤكدة والتى يتوافر بشأنها الدليل القاطع، ونظرا لصعوبة المهمة وتشعبها، فمن الأفضل ألا يقوم بها أعضاء البرلمان بأنفسهم فى تلك المرحلة، فلدينا حوالى 26 جامعة مختلفة، يوجد بها – على الأقل – حوالى 25 كلية للحقوق وهو ما يعنى وجود المئات من أساتذة القانون المتخصصين فى كافة الأفرع، ولدينا أيضًا نقابة للمحامين تضم الآلاف منهم، وكذلك لدينا نواد مختلفة للقضاء العادى ومجلس الدولة، والنيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، وكل هذه الأندية تحتفظ بعضوية المحالين إلى التقاعد – بحكم السن – فيها.
وما أقصده أن تقوم كل جهة من الجهات المشار إليها سابقا بترشيح عدد كاف من المنتسبين إليها وفى تخصصات مختلفة، وهو ما قد يصل بالعدد الإجمالى إلى حوالى ألف عضو أو يزيد.. وكلهم بالطبع خبرات قيمة ولديهم الاستعداد – صحيا ومهنيا ووقتا- للمشاركة فى هذه المهمة الوطنية.
ثم تعرض الأسماء على هيئة المكتب فى البرلمان أو اللجنة الدستورية والتشريعية به، لتشكيل لجان نوعية مختلفة وقد يصل العدد من 15 إلى 20 لجنة، وتتولى كل لجنة إعادة النظر فى التشريعات المنظمة لنشاط معين، أو جزئية محددة فى نشاط ما، بخلاف القوانين الأساسية، مثل الجنائى «العقوبات» أو المدنى، أو الإدارى، أو التشريعات التجارية والتعاونية أو الأحوال الشخصية.. إلخ.
وتمنح اللجان مدة زمنية كافية للانتهاء من مهمتها فى المراجعة والتعديل سواء بالحذف أو الإضافة أو وضع تشريع جديد يتلاءم مع الظروف والتطورات الحديثة فى النشاط أو المجال الذى ينظمه هذا التشريع، ثم يجتمع رؤساء ومقررو هذه اللجان المختلفة فى صورة «لجنة عامة» تنظر فى كل التشريعات التى تم الانتهاء من مراجعتها حتى لا يكون هناك تضارب أو اختلاف بين ما انتهت إليه تلك اللجان، أى تتم مراجعة عامة شاملة لكافة التشريعات وأيًا كانت طبيعتها سواء قانون أو لائحة أو قرار بحيث يتوافر التناغم بينهما جميعا.
وبالطبع تمنح اللجنة العامة أيضًا الوقت الكافى وبما
لا يقل عن عام كامل من الاجتماعات المتواصلة فى المساء على الأقل.
وبهذا يكون قد مضى عامان من المهمة، يتم بعدها عرض كافة ما انتهت إليه اللجان، وبعد مراجعة اللجنة العامة، على الرأى العام سواء من خلال النشر فى الصحف والمجلات، أو عقد ندوات ومؤتمرات خاصة بالنقابات والاتحادات النوعية المختلفة وكذلك فى الجامعات والمعاهد والأحزاب والجمعيات الأهلية.
والمعنى، أن يجرى حوار عام وشامل بين جميع أفراد المجتمع وهيئاته ومكوناته المختلفة حول تلك التشريعات التى قد تحكم البلاد إلى ما يزيد على خمسين عاما مقبلة.
وبهذه الخطوة يتحقق التوافق المجتمعى عليها وبما يشبه العقد الاجتماعى الجديد الذى ينظم الاختصاصات والمسئوليات وقواعد الحركة والنشاط فى المجتمع، وهذه الإتاحة للحوار العام لا يجب أن تقل مدتها عن عام كامل أيضا، وبالطبع سوف يكون أعضاء البرلمان متابعين لكل ما يجرى سواء من خلال تقارير اللجان أو تفاعلات الحوار المجتمعى العام.
وبذلك يكون مضى من فترة المهمة ثلاثة أعوام، ويبقى فى مدة المجلس عامان، وهى فترة كافية لإصدار كافة القوانين المطلوبة واعتماد اللوائح أو القرارات المكملة لها.
فكل تشريع فيها مدروس وفحص بعناية وتوافق عليه المجتمع كله، فلن يحتاج إلى جهد تشريعى إضافى من المجلس، وإنما مجرد العرض والإقرار فقط.
هذا.. والله ولى التوفيق.
حفظ الله مصر وألهم أهلها الرشد والصواب.