د.أيمن الغندور يكتب: الأيادى الخفية فى خفض المعونة الأمريكية (1من2)
د.أيمن الغندور يكتب: الأيادى الخفية فى خفض المعونة الأمريكية (1من2)
لا شك هناك أيادى خفية تقف وراء قرار الولايات المتحدة بتخفيض حجم المساعدات التى تقدمها لمصر بقيمة 95.7 مليون دولار، وتأجيل صرف 195 مليونًا أخرى، وفقا لقرار الكونجرس الأمريكى بدعوى عدم إحرازها تقدمًا على صعيد احترام حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية.
ويمكن القول إن هناك لوبى تم تشكيله من قطر و التنظيم الدولى للإخوان الإرهابيين ومرتزقة التمويل الأجنبى لتشويه سمعة مصر فى مجال حقوق الإنسان لدفع الكونجرس والإدارة الأمريكية لخفض أو قطع المساعدات الأمريكية، حيث تسعى قطر والتنظيم الدولى للإخوان الإرهابيين لكسب تعاطف وولاء دوائر صنع القرار الأمريكى وخاصة فى الكونجرس للضغط على دول المقاطعة العربية لقطر ومنها مصر بكافة الوسائل الممكنة لتخفيف المقاطعة العربية لقطر والحد من آثارها. وهى تستخدم فى ذلك كافة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ووسائل التواصل الاجتماعى والصحف وخاصة صحيفتى "واشنطن بوست" و "نيويورك تايمز" اللتان تدعمان الإخوان وتتبنيان وجهة نظرهم ، وتفردان للكتّاب الداعمين لهم الكثير من الصفحات لدعم الإخوان ومهاجمة مصر وتشويه صورتها فى مجال حقوق الإنسان وغيرها .
ففى مقال لآية حجازي بجريدة الواشنطن بوست بتاريخ 21 أغسطس الحالى بعنوان "مصر سجنتني للدفاع عن حقوق الإنسان. ولكني لم أفقد الأمل" تبدأ الصحيفة بالتعريف بالكاتبة بأنها : ناشطة اجتماعية أمريكية مصرية، وقد سجنت في مصر بتهمة الاتجار في البشر واختطاف أطفال وهتك أعراضهم واستغلالهم جنسيًا وبرأت بعد ثلاث سنوات تقريبا من الحبس هى وزوجها الناشط محمد حسانين.
وتقول الكاتبة بدعوى المظلومية أنها إذا طٌلب منها ذكر إنجاز فى حياتها ، فستجيب بكلمة واحدة: هى منظمة (بلادي) ، وهي منظمة غير حكومية أقامتها مع زوجها في مصر، لحماية 40 طفلا من أطفال الشوارع تعرضوا للإيذاء والاغتصاب والفشل.
لكنها لم تدم طويلا، فبعد فترة وجيزة من إنشاء المنظمة غير الحكومية، داهمتها الشرطة ، واتهمت ثمانية من القائمين عليها بجرائم شنيعة وسجنتهم لمدة ثلاث سنوات تقريبا. وبذلك قامت السلطات المصرية بتدمير حلمها وأحلام الأطفال ال 40 - وأثبتت السلطات المصرية أنها مصممة على سحق أي شخص في مصر يعمل من أجل حقوق الإنسان.
كما دعت حجازي، خلال المقال، الخارجية الأمريكية إلى حجب المساعدات عن مصر، بدعوى عدم احترام حقوق الإنسان . بقيلها وهناك عدالة ضئيلة في مصر. فالحكومة تريد احتكار كل التمويل الأجنبي، والقيام بذلك أنه يسيء لأي شخص يستخدم أو يحافظ على الروابط الخارجية. انها مستعدة للحكم على الأبرياء في الحياة في السجن فقط للحفاظ على قبضتها على السلطة. وتحقيقا لهذه الغاية، فقد أصدر الآن قانونا للمنظمات غير الحكومية أكثر قسوة من أي قانون قبله. ولكن قضيتنا لا تضيع. وحاولت الشرطة استخدام قضيتنا كدليل على أن المنظمات غير الحكومية تضر بالمجتمع وبدلا من إظهار مدى تأثير المنظمات غير الحكومية الضارة، أظهرت حالتنا أن الدولة المصرية فاسدة بلا هوادة وبالكامل دون معايير أخلاقية - وأن المنظمات غير الحكومية هي ضحاياها .
والعجيب أن آية حجازي قررت فتح فرع لمنظمة «بلادي»، في واشنطن بعد أن تم اغلاق المنظمة التي كانت تترأسها في القاهرة ، وستدعم تلك المرة الأطفال المعتقلين سياسيا، موضحة أن الولايات المتحدة من الممكن أن تقدم الكثير لدعم حقوق الإنسان في مصر مضيفة: من الممكن أن تربط أمريكا مساعدتها لمصر بمدى التقدم الذي تحرزه حقوق الإنسان في مصر -ما يعنى- «حقوق انسان الولايات المتحدة» حسب كلامها
وجاء تدخل الرئيس ترامب للإفراج عنها ثم نقلها بطائرة عسكرية ليثير الشكوك حول أنها ليست فردًا عاديًا يحمل الجنسية الأمريكية ، وإنما وضعها قد يتخطى ذلك ، ويمكن القول إن الإدارة الأمريكية تحمى عملائها المخلصين .
وفى مقال آخر للواشنطن بوست بتاريخ 24 أغسطس لجاريد جينسر و هو محام دولي لحقوق الإنسان في واشنطن ويعمل كمحام لسجينين من الجماعات الأرهابية فى مصر . بعنوان " وكان قرار خفض المساعدات لمصر تاريخيا. الآن يبدأ العمل الشاق "
يبدأ الكاتب بالقول بأنه ما حدث فى مصر هو إنقلاب وأنه منذ تولي الرئيس السيسي السلطة ، وقد أشرف على حملة غير مسبوقة على المعارضة المحلية، مما أسفر عن مقتل المئات وسجن آلاف آخرين.
ويورد الكاتب ثلاثة أسباب لخفض المساعدات :
أولا- كانت مصر تستخدم طائرات الهليكوبتر الهجومية (الأباتشى) التي توفرها الولايات المتحدة والصواريخ في معركتها ضد المسلحين الإسلاميين في شبه جزيرة سيناء. ولكن هناك تقارير واسعة الانتشار عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها القوات المصرية هناك ، والأسئلة الخطيرة التي طرحت حول استراتيجية مصر لمعالجة التمرد. وخلافا لقانون الولايات المتحدة، رفض السلطات المصرية رفضا صريحا السماح لمسؤولي الحكومة الأمريكية والجماعات الحقوقية ووسائل الإعلام بالوصول إلى منطقة النزاع ، مما يجعل من المستحيل مراقبة استخدام الأسلحة الأمريكية.
وما ذكره هذا الكاتب هو ترديد لكلام الإرهابيين وقناة الجزيرة والقنوات الإخوانية الكاذبة ، ولا عجب عليه فهو يسمى الإرهابيين فى سيناء بالمسلحين الإسلاميين أو المتمردين ، كما أن ما تطلبه أمريكا هو تدخل فى الشئون الداخلية غير مسموح به وأن وجود الصحفيين ووسائل الإعلام فى هذه المناطق يعيق القوات عن أداء دورها فضلا عن المخاطر التى يتعرضون لها .
ثانيا- إصدار قانون صارم ينظم عمل المنظمات غير الحكومية. ويقيد القانون الجديد الجمعيات بالقيام بالعمل التنموي الذى تحدده الحكومة المصرية ، ويقيد بشدة التعاون مع المنظمات الدولية ، بل ويعرض الأشخاص الذين يخالفون القانون لمدة تصل إلى خمس سنوات في السجن . وهذا الإدعاء مردود عليه بأن مصر تضع ضوابط لأوجه الإنفاق ومراقبة التمويل هدفها تحقيق تنمية حقيقية وليس توجيه الأموال لأهداف سياسية غير معلومة وتضر بالأمن القومى للدولة .
وثالثا- أنه بحجة مكافحة الإرهاب ، أشرفت السلطة على انتهاكات ضد المعارضين السياسيين وقادة المجتمع المدني والصحفيين . وتشير التقديرات الى ان هناك ما يصل الى 60 الف سجين سياسى فى سجون مصر. وتفيد التقارير بأن سجون مصر قدرت بثلاثة أضعاف وأن الحكومة قامت ببناء 16 سجنا إضافيا. ويمكن احتجاز الأشخاص قيد التحقيق لمدة تصل إلى سنتين دون توجيه تهمة أو محاكمة، وتقدر منظمة العفو الدولية أن أكثر من 1400 شخص قد احتجزوا بعد ذلك الحد الأقصى لمدة عامين. وعلاوة على ذلك، صنفت لجنة حماية الصحفيين مصر باعتبارها ثالث أسوأ دولة في العالم لاحتجاز الصحفيين، وتسبقها الصين وتركيا فقط.
وما ذكره الكاتب آنفا هو محض إفتراءات وإدعاءات كاذب وهو ترديد لكلام الإخوان وقناة الجزيرة وأصحاب المصالح من مرتزقة التمويل وخونة الوطن والدين ، وهى تقديرات كاذبة تنشرها منظمات وهيئات تابعة لأجهزة المخابرات الأجنبية وعلى رأسها المخابرات الأمريكية فى سعيها لتفتيت الدول وزعزعة استقرارها .
كما أنهما قد خصصا العديد والعديد من المقالات الافتتاحية التى تعبر عن وجهة نظر الصحيفة لمهاجمة النظام المصرى ووصفه بالاستبدادى أو بمصطلحات يرددها الأخوان فى مصر والخارج حتى أصبح القأرى يعتقد أنهما صحيفتان إخوانيتان على أراضى أمريكية .
ففى مقال لهيئة تحرير الواشنطن بوست بتاريخ 23 أغسطس الجارى بعنوان " ترامب أرسل الإشارة الصحيحة إلى مصر ولكن هناك المزيد الذي يحتاج إلى القيام به " . وهى مقالة مليئة بالأكاذيب والمغالطات المقصودة للتأثير فى صانع القرار الأمريكى فبدأ المقال بقوله مرددا كلام الإخوان المسلمين : فاجأت إدارة ترامب الحكومة الاستبدادية في مصر عن طريق تأخير أو تحويل ما يقرب من 300 مليون دولار في المساعدات الأمريكية. وهو الرد المناسب على القمع الشديد في التاريخ العربي الحديث. وإذا كان الرئيس ترامب لا يريد تقليص المعونة فإن الكونجرس سيجبر الإدارة الأمريكية على ذلك .
وقد ربط الكونجرس على وجه التحديد 15% المئة من المساعدات العسكرية السنوية التي تبلغ قيمتها 1.3 مليار دولار لمصر باحترام حقوق الإنسان . ويقول المقال افتراءً : في الوقت نفسه، لم تتمكن الولايات المتحدة من إنفاق مئات الملايين من الدولارات على المساعدات الاقتصادية المصرية بسبب مقاومة النظام، التي تعد مناهضة بشكل كبير للدعم الأمريكي للجمعيات غير الحكومية.
وعلى مدى سنوات، تم تسليم المساعدات العسكرية المصرية من خلال نظام يسمى "تمويل التدفق النقدي" الذى يسمح للقاهرة بالالتزام بشراء سلع كبيرة مثل طائرات مقاتلة من طراز F-16 من قبل و هذا جعل من المستحيل عمليا خفض المساعدات الأمريكية دون إلغاء العقود مع الشركات الأمريكية، و ينبغي تحويل بعض لتمويل الحرب ضد الدولة الإسلامية، وعلى الجميع أن يكون مرتبطا شروط مهمة في مجال حقوق الإنسان، دون ثغرة تنازل الإدارة تستخدم فقط.
ويطالب المقال فى النهاية بتحويل بعض المساعدات المقتطعة من مصر إلى تونس ، متسائلا لماذا لا نكافئ ديموقراطية تكافح، على عكس جارتها، حريصة على الشراكة مع الولايات المتحدة ؟
وفى مقال اليوم للدكتورة أميرة أبوالفتوح وهى تتبنى فكر الإخوان المسلمين الإرهابيين بصحيفة ميدل ايست مونيتر البريطانية بعنوان " أمريكا غاضبة ولكن لماذا ؟"
وفجأة، ودون أي مقدمات، خفضت الإدارة الأمريكية مستوى مساعدتها لمصر وتجمدت جزءا منه. والمبرر هو استمرار مصر في انتهاك حقوق الإنسان للشعب المصري. كما ذكرت الولايات المتحدة أن المساعدات قد قطعت لأن مصر لم تلتزم بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي وقعتها الحكومة المصرية.
وأشارت أيضا إلى أن القاهرة قد قيدت أنشطة المجتمع المدني بسبب القانون الجديد الذي يحد من عمل المنظمات غير الحكومية ومنظمات حقوق الإنسان. ويعتبر موظفو هذه المنظمات من المشتبه بهم والخونة، وبالتالي يتعرضون للمساءلة القانونية من جهة والتشهير في المجتمع من جهة أخرى.