ديونها تقترب من 11 تريليون ..«كورونا» يسقط منطقة اليورو في قبضة الركود!

ديونها تقترب من 11 تريليون ..«كورونا» يسقط منطقة اليورو في قبضة الركود!الاتحاد الأوروبى

عرب وعالم8-5-2021 | 10:35

تأتي الرياح بما لا تشتهى السفن، حيث لم تكد تخرج دول الاتحاد الأوروبى بشكل كامل من تبعات الركود الذى عانت منه لسنوات بسبب الأزمة المالية العالمية فى عام 2008 حتى دخلت فى ركود ثان بسبب جائحة كورونا التى يعيش العالم منذ أكثر من عام تبعاتها فى مجالات متعددة، أبرزها المجال الاقتصادى، نتيجة الإغلاق وتوقف بعض قطاعات الإنتاج عن العمل.

كان وقع الجائحة على دول الاتحاد الأوروبى مدمراً فى مجالات عديدة، وقد ترك بصماته فى عدة قطاعات أثرت فى النمو الاقتصادي بشكلٍ عام، وأعاقت أى تقدم أو خطط موضوعة للمرحلة المقبلة، حيث كشفت بيانات من مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبى «يوروستات» أن ديون منطقة اليورو ارتفعت العام الماضى، إذ اقترضت الحكومات الأوروبية بكثافة لإبقاء اقتصاداتها نشطة خلال إجراءات العزل العام الهادفة لمكافحة جائحة فيروس «كورونا»، فيما أضافت البلدان المثقلة بالفعل بأشد الديون معظم الدين الجديد.

وقال يوروستات إن الدين الحكومى المجمع فى دول منطقة اليورو البالغ عددها 19 قفز من 1.24 تريليون يورو إلى 11.1 تريليون يورو، أو ما يعادل 98 فى المائة من ناتجها المحلى الإجمالى فى العام الماضى.

وسجلت اليونان، التى تعانى بالفعل جراء جبل من الديون بعد أزمة ديونها السيادية، زيادة فى اقتراضها بواقع 25 نقطة مئوية العام الماضى، مما وصل بالتزاماتها إلى 341 مليار يورو أو ما يعادل 205.6 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى، وهو أعلى دين فى أوروبا مقارنة بحجم الاقتصاد.

وسجلت إيطاليا ثانى أكبر دين إلى الناتج المحلى الإجمالى بواقع 155.8 فى المائة، بزيادة 21.2 نقطة مئوية، لكنها كانت أشد الدول المثقلة بالدين فى أوروبا بالمعايير المطلقة بدين حجمه 2.57 تريليون يورو.

وسجلت ألمانيا أكبر اقتصاد فى منطقة اليورو ارتفاعا فى دينها بعشر نقاط مئوية إلى 69.8 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى، وسجلت فرنسا ثانى أكبر اقتصاد بالمنطقة زيادة 18 نقطة مئوية إلى 115.7 فى المائة من الناتج المحلى.

وتنص قوانين الاتحاد الأوروبى، المعلقة حاليا بسبب الجائحة، على أن تسعى الحكومات جاهدة كى لا يزيد الدين العام على 60 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى.

وذكر محللون أن الاتحاد الأوروبى لم يخرج بشكل كامل من تبعات الأزمة الاقتصادية بين العامين 2008 و2009، وبالتالى، ستكون نتائج جائحة كورونا أشد تأثيراً، وستحتاج مدة معالجتها إلى فترة أطول. وأمام التحديات الاقتصادية التى فرضتها جائحة كورونا، على الدول مراجعة خططها الاقتصادية والنهج الاقتصادى الذى سارت عليه سابقاً وأوصلها إلى ما يشبه الكارثة، بسبب عدم قدرتها على مواجهة تأثيرات الجائحة أو التخفيف من وطأتها.

وقال محللون إن الصدمات التى خلفتها أزمتا 2008 و2009 الاقتصاديتان تعتبر صغيرة مقارنة بما تشهده الدول الأوروبية اليوم، حيث لم تر شيئاً مشابهاً لما يحدث إلا فى أوقات الحروب.

لهذا يرجح أن يستغرق تعافى اقتصاد منطقة اليورو وقتا أطول مما توقعه معظم الخبراء، حيث يثير تهاوى معدل التضخم الأساسى قلق واضعى السياسات، ما يشير إلى أن أعمق ركود فى الذاكرة الحية للكتلة ليس صدمة مؤقتة فحسب بل قد يثبت أن تأثيره على أسعار المستهلكين سيكون أكبر ويمتد لفترة أطول.

وقد حذر فيليب لين، كبير الخبراء الاقتصاديين بالبنك المركزى الأوروبى، من أن اقتصاد منطقة اليورو، لن يعود لمستويات ما قبل الجائحة حتى العام المقبل.

وترى المفوضية الأوروبية أن الاقتصاد «بالكاد سيعود إلى مستوى ما قبل الوباء العام 2022»، لكنها تشير إلى أن «نسبة عدم اليقين المرتفعة» التى لا تزال تحيط بالاقتصاد تدفع إلى الظن أن عودة الوضع إلى طبيعته لن تحصل قبل العام 2023. وبين عوامل الغموض هذه، احتمال تدهور جديد للأزمة الصحية مما يقلص النشاط أكثر ويؤدى إلى ارتفاع معدلات البطالة.

وقال كريس ويليامسون، كبير الاقتصاديين فى «آى إتش إس ماركت»: «يبدو بصورة متزايدة أن تجنب ركود فى اقتصاد منطقة اليورو غير ممكن».

وقالت كريستين لاجارد، رئيسة البنك المركزى الأوروبى، إن تعافى أوروبا من الركود الناجم عن جائحة كوفيد-19 سيتأخر بعض الشىء.

ووفقا لاستطلاع أجرته رويترز للاقتصاديين الشهر الماضى، فإن التعافى الكامل من أعمق ركود فى منطقة اليورو على الإطلاق سيستغرق عامين أو أكثر.

ويعتقد ألبرت سكوت، الاستشارى فى عدد من بيوت الخبرة الاقتصادية من بينها شركة «كابيتال إيكونميكس»، أن إرث فيروس كورونا وتأثيره فى المالية العامة لأوروبا سيستمر لفترة طويلة حتى بعد زوال الوباء، مشيرا إلى أن تفشى فيروس كورونا والأعداد الضخمة للإصابات والضحايا أجبرت دول اليورو على التخلى عن قيود الإنفاق والاستدانة، ما سيجعلها تصارع هى وغيرها من الاقتصادات المتقدمة أزمة مديونية ثقيلة خلال هذا العام وعدد من الأعوام المقبلة.

ويقول سكوت إن «وباء كورونا أدى إلى زيادة الديون إلى أكثر من 100 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى فى كثير من دول منطقة اليورو، ويقترب إجمالى ديون المنطقة من 11 تريليون يورو، ودفع هذا الوضع بالمفوضية الأوروبية ولأول مرة إلى الاقتراض من الأسواق عبر صندوق التعافى بقيمة 750 مليار يورو، لتقديم المنح والقروض للدول الأعضاء».

ويتوقع سكوت أنه بمجرد أن تهدأ عاصفة كورونا، فإن منطقة اليورو ستشهد صراعا حادا حول كيفية سداد ديونها، فرفع الضرائب سيضع ضغوطا معيشية على السكان، وقد يعرقل الانتعاش الاقتصادى نسبيا، كما أن القواعد المالية للاتحاد الأوروبى، التى تطلب من الحكومات إبقاء العجز المالى أقل من 3 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى والدين الإجمالى أقل من 60 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى، قد تم تعليقها منذ تفشى الوباء ولم تعد هدفا واقعيا فى ظل المعدلات الراهنة للمديونية، ومن ثم، فإن تنشيطها بمجرد انتهاء الأزمة سيفجر أزمة بين دول العملة الأوروبية الموحدة، خاصة مع تغير القيادة السياسية فى ألمانيا ورحيل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بنهاية العام عن منصبها، وسيتمحور النزاع بين الألمان والهولنديين من جانب، الذين سيطالبون بسياسات اقتصادية صارمة، والفرنسيين والإيطاليين واليونانيين، الذين سيطالبون بتدابير متدرجة ومرنة للتعامل مع أزمة المديونية.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2