تحل علينا اليوم الذكرى الثالثة والسبعون للمظلمة الأكبر في التاريخ الإنساني الحديث، ذكرى نكبة شعب أصيل متجذّر في أرضه تآمرت عليه قوى الاستعمار لاقتلاعه وإحلال مستعمرين أتوا من مشارق الأرض ومغاربها، مستعمرون لا يشبهون البلاد ولا ينتمون لشعبها ولا يمتّون لمحيطها بصلة.
نكبة أحدثها ضير المجتمع الدولي حين دعم وغض الطرف عن اقتراف عصابات مسلحة لمجازر يندى لها جبين الإنسانية وستبقى عارًا يصم عجز البشرية عن إعلاء قيم العدالة والحرية والحق في الحياة، تلك العصابات الفاشية النازية المدعومة من الدول الاستعمارية ارتكبت سبعين مجزرة وأجهزت على نحو 15 ألف فلسطيني وعربي، وأبادت 531 قرية، وهجّرت950 ألف فلسطيني من مدنهم وبلداتهم الأصلية.
اليوم، في الذكرى الثالثة والسبعين للنكبة، يستكمل الشعب الفلسطيني ما بدأه أسلافه من مقاومة المحتل والتشبث بالأرض والذود عن الحقوق غير القابلة للتصرف، اليوم يقف الفلسطينيون في القدس، درة التاج العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، وفي الضفة وغزة والداخل والشتات لصون الهوية الوطنية الفلسطينية العصيّة على الكسر أو التطويع بالرغم من كل محاولات وإمكانات المحتل وداعميه من الدول العظمى.
بعد ثلاثة وسبعين عامًا بات الفلسطينيون أربعة عشر مليونًا بعد أن كانوا مليونًا وأربعمائة ألفُا عام 1948، أجيالٌ ورّثت أجيالاً الرواية والسردية وقيم الوطن ومعاني الصمود وحتمية البقاء في الأرض حتى نيل الحقوق، وأجيال تذود عن البلاد وأهلها بما أوتيت من إمكانات، متسلّحة بقوة الحق، ودعم الأشقاء والأصدقاء من أحرار العالم، وبقرار قطعي بأن البلاد لأهلها لا لمحتليها، وأن الحقوق لا تسقط بالتقادم طالما استمر التذكير والمطالبة بها.
ونذكّر بما قاله السيد الرئيس محمود عباس أمام العالم أجمع : باقون هنا ، لن نغادر أرضنا ووطننا، وسوف نبذل كل ما يمكن لدعم صمود أهلنا وبالذات في مدينة القدس عاصمتنا الأبدية، وكما قال للاحتلال الغاشم : كفى كفى، حلّوا عن صدورنا
سيبقى الشعب الفلسطيني حيًا صامدًا متشبثًا بحقوقه غير القابلة للتصرف، وستبقى فلسطين لشعبها غريبة على المحتل، وسيستمر نضال الفلسطينيين وكل الأحرار في العالم حتى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الأبيّة.