رجب البنا يكتب: أعظمهم محمد

رجب البنا يكتب: أعظمهم محمدرجب البنا

الرأى22-5-2021 | 13:20

على الرغم من مرور عشرات السنين على صدور كتاب المائة للمؤرخ الأمريكى «مايكل هارت» إلا أنه لا تزال تصدر طبعات جديدة منه مترجمة إلى كل لغات العالم تقريبًا.. وكذلك لا تزال الترجمة العربية التى صدرت فى كتاب أنيس منصور الشهير من أكثر الكتب انتشارًا.
وقد اختار مايكل هارت مائة شخصية لها أثر عميق فى تغيير مجرى التاريخ واختار النبى محمد صل الله عليه وسلم الأول فى هذه القائمة لأنه وجد - بعد دراسته لشخصيته وتاريخه – أنه الإنسان الوحيد فى التاريخ الذى نجح نجاحًا مطلقًا فى أداء رسالته على المستوى الدينى والدنيوى، وكان قائدًا دينيًا وعسكريًا، ولا يزال أثره قويًا ومتجددًا ويتزايد قوة بانتشار دعوته مع أنه ولد ونشأ وعاش حياته كلها فى منطقة بعيدة عن مراكز الحضارة فى ذلك العصر، والدليل على عظمة شخصيته وقوة الدعوة والرسالة التى حملها من الله إلى البشرية أنه استطاع أن يوحد سكان الجزيرة العربية لأول مرة فى التاريخ، واستطاعت جيوش المسلمين أن تهزم الإمبراطورية الفارسية بكل قوتها العلمية والعسكرية وأن تكتسح الإمبراطورية الرومانية التى كانت فى حقيقتها إمبراطورية عسكرية، وذلك على الرغم من أن العرب كانوا أقل عددًا وسلاحًا، ومع ذلك امتدت دعوتهم إلى شمال إفريقيا حتى المحيط الأطلسى وجبل طارق وامتدت إلى إسبانيا وأسسوا فيها قلعة للعلوم والفكر والفلسفة والأدب كانت الأساس الذى قامت عليه النهضة الأوروبية، وامتد الإسلام من الهند إلى الصين.. وظل الإسلام قويًا لم يفقد قوته بعد مرور القرون بل ازداد قوة ورسوخا، وكان سلاح العرب يتمثل فى العقيدة والإيمان وليس فى قوة السلاح أوكثرة العدد.
ويقول هارت إن النبى محمد صل الله عليه وسلم هو الأعظم لأنه أرسى شريعته وأسس لبناء الإنسان على مبادئ جديدة للسلوك الاجتماعى والأخلاقى ولمعاملات الناس فى حياتهم الدينية والدنيوية، وترك للناس كتابًا مقدسًا فيه رسالة الله للبشرية –كتابًا بالغ الدقة لم يتغير فيه حرف، وما كان يمكن أن تتحقق كل هذه الإنجازات الباهرة بغير شخصية النبى الفريدة التى لم يعرف العالم رجلاً يمثل هذه العظمة ومثل هذا التأثير مما يدل على صدق دعوته.
وفى موقف الفيلسوف الفرنسى الشهير روجيه جارودى من النبى ورسالته ما يؤيد ما ذهب إليه مايكل هارت فقد تحدث عن انبهاره بشخصية الرسول ودعوته إلى العدل، والحرية، والمساواة بين البشر، ورفضه للتمييز بين الناس بسبب الجنس أو اللون أو العقيدة وقال: (كلكم لآدم وآدم من تراب) وكانت هذه ثورة كبرى فى عالم قائم على العبودية والتمييز، وقد وصل جارودى إلى هذه المرحلة بعد سنوات طويلة من الشك والقلق والإلحاد إلى أن أعلن إسلامه عام 1982 وقال إن دراسته للإسلام ولشخصية الرسول وحياته كشفا له عن النور الذى أرسله الله ليضيء الطريق للبشرية ووضع جارودى كتابا بعنوان «وعود الإسلام» قال فيه إن القرآن كتاب سماوى لاشك فى ذلك يحمل كلمة الله إلى البشر جميعا، وبه يدرك الإنسان الإدراك الصحيح لمعرفة الله الواحد، ولمعنى الوجود الإنسانى ولمصير الإنسان بعد الموت ليعيش حياة أبدية فى نعيم دائم أو فى عذاب دائم بحسب عمله، وفى القرآن اعتراف بجميع الأنبياء والديانات السماوية السابقة أى أن الإسلام استمرار وتجديد وإضافة للرسالات السماوية السابقة بما يتناسب مع تقدم الوعى الإنسانى، والإسلام أعطى للمرأة كثيرا من الحقوق التى كانت محرومة منها قبل ذلك ويستشهد جارودى بما فى كتاب الإمام الغزالى «المستصفى من علم الأصول» بأن الشرع الإسلامى يحفظ للناس خمسة أمور «دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم وأن كل مايحفظ هذه الأصول هو مصلحة وكل ما يضيع هذه الأصول أو واحدة منها فهو مفسدة»، ويعلق جارودى على ذلك بأن هذه الأصول الخمسة هى المعيار الذى يمكن الحكم به على حقيقة الدين أو المذهب السياسى أو الاجتماعى، ويقول إنه بعد تفهمه لحقيقة الإسلام ولرسوله زال الشك من قلبه وزال الشعور بالقلق الوجودى وملأ قلبه السكون.
أما الشاعر العظيم جبران خليل جبران فقد قال فى رسالته المشهورة إلى المسلمين من شاعر مسيحى: «أنا مسيحى، ولى الفخر بذلك، ولكننى أهوى النبى العربى، وأكبر اسمه، وأحب مجد الإسلام، وأجل القرآن، ولكنى أزدرى من يتخذ القرآن وسيلة للتحكم فى رقاب المسيحيين، إن يسوع يسكن فى شطر من حشاشة قلبى ومحمد فى الشطر الآخر».
وهذا ما وصل إليه المفكر الألمانى جوستاف فايل فى كتابه عام 1843م سيرة محمد الذى رسم فيه صورة للنبى ولأصول الإسلام وانتهى إلى نتيجة هى أن محمدًا نبى بحق، وليس كما يزعم فلاسفة ومستشرقون فى الغرب بأنه ليس رسول الله، وهذا ما وصل إليه مفكرون منصفون فى الغرب لفت نظرهم أن الرسول لم يطلب لنفسه مكانة خاصة، ولم يقبل أن يقدم له أحد تقديسا، وكان يقول لأصحابه «لا تطرونى، فإنما أنا عبد من عباد الله، فقولوا عبد الله ورسوله» كما كان يقول لمن تأخذه المهابة «هون عليك فإنى لست بملك، إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد»، وقال عنه الله فى كتابه «قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ» (الكهف – 110) و(فصلت – 6 ).

عناوين:
مايكل هارت تحدث عن انبهاره بشخصية الرسول ودعوته إلى العدل والحرية والمساواة بين البشر ورفضه للتمييز بين الناس بسبب الجنس أو اللون أو العقيدة
روجيه جارودى قال إن دراسته للإسلام ولشخصية الرسول وحياته كشفا له عن النور الذى أرسله الله ليضيء الطريق للبشرية

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2