أحمد محمود يكتب: الصين والعالم: حسن السوق أم حسن البضاعة ؟!

أحمد محمود يكتب: الصين والعالم: حسن السوق أم حسن البضاعة ؟!أحمد محمود يكتب: الصين والعالم: حسن السوق أم حسن البضاعة ؟!

*سلايد رئيسى26-9-2017 | 21:16

" إن النساء هنا يرتدين الكثير جدا من الملابس - يقصد النقاب - ليغطين كامل أجسادهن حين يخرجن إلى العلن، فمن الطبيعي أن يفعلن العكس في أحوالهن الخاصة "بهذه اللمحة عن الثقافة الصعيدية، يلخص البائع "شون هونتاي" من شيانجيانج لبيتر هسلر مراسل مجلة زى نيويوركر الأمريكيه كيفية اقتحام الصينيين لأسواق أسيوط والمنيا وسوهاج وبني سويف وتاسيس بزنس مزدهر في مجال الملابس النسائية ذات الطبيعة الخاصة Lingerie !

من المثير أن الصينيين المعاصرين يتمتعون بحاسة نشطة لفهم الثقافات وطرائق العيش في مختلف بلدان العالم رغم إنهم يرثون إمبراطورية ظلت لقرون طويلة تعتزل العالم إستعلاءا عليه!

وعلي مدار العقدين الماضيين، تمكن هؤلاء القوم من التوغل في كل المدن والقري عبر القارات لتصريف منتجاتهم التي لا تكف مصانعهم وشركاتهم عن صنعها، بعد أن درسوا جيدا إحتياجات زبائنهم سواء من المستهلكين المباشرين أو أصحاب القلاع الصناعية في الغرب الذين يطمحون دوما إلي عمالة رخيصة وضرائب منخفضة.

هل آن الآوان لانتهاء عصر الإزدهار الصيني؟ ليس أصدق من الأرقام، يبلغ حجم الإنفاق المحلي في الصين مانسبته 38% فقط من إجمالي الناتج القومي في الصين، أي أن الصين تشببه المواطن - علي سبيل التبسيط - الذي ينفق فقط 3800 جنيها من راتبه البالغ 10000سنويا، في حين يبلغ حجم الاستثمار 44% من إجمالي الناتج القومي وفي حين يمثل الاقتصاد الصيني 13.4% من اقتصاد العالم فإن الصينيين يستهلكون ما قيمته 8.8% من حجم الاستهلاك العالمي(ارقام 2016).

أي أن الصين تنتج أكثر مما تستهلك ومن المرجح أن لا يستطيع العالم استيعاب الفائض نظرا لتباطئ معدلات النمو العالمي وغياب منظومة شاملة من المحفزات المالية الأمريكية والأوربية لتعويض الخلل في الاقتصاد الصيني.

يعكس هذا التقدير غير المبشر بعض الحقائق الراسخة عن أحوال الانتاج وحركة الأسواق يحتاج صناع السياسة في الصين وضعها في الإعتبار رغم بساطتها الظاهرة:

- حسن السوق ولاحسن البضاعة، مثل شعبي مصري متوارث، مهما برعت الصين في توفير منتجات عالية الجودة مثل هواتف آي فون علي حساب عمالها الذين يعملون في معسكرات مغلقة وظروف غير إنسانية ورواتب غير عادلة، سيظل السوق وحده يفرض قواعده، وعالم اقتصاده بطيء لن يسعف العملاق الصيني في تصريف منتجاته.

- خبراء الاقتصاد لا يستطيعون طمأنة العالم، تمتليء بهم الصحف والشاشات والمؤسسات المالية والجامعات وربما يتخطي عددهم الملايين لكنهم غير قادرين علي رصد حركة الاقتصاد العالمي وأثبتو فشلا ذريعا في التنبؤ بموجة الكساد في العام 2008، أي أن الاقتصاد لم يعد حكرا علي الخبراء والأكاديميين ومن حق الناس أن تقلق من الأرقام والإحصائيات إذا حملت نذر الكساد.

-الاقتصاد القائم في الأساس علي الأسواق الخارجية دون سوق محلي يتمتع بمعدلات إنفاق عالية تعكس قوة شرائية، يظل هشا ومعرض للتباطؤ أو الكساد في أي وقت.

أضف تعليق