الله يكون فى عون الجميع؛ حكومات وأهالى وخبراء اقتصاديين.
فالحكومات – وخاصة فى منطقتنا – تعانى من صدمة مزدوجة؛ وباء كورونا وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية، وانخفاض أسعار البترول، يتزامن معهما ارتفاع مستوى الدين العام وصعوبة الحصول على تمويلات جديدة.
والأهالى مجبرون على مواصلة حياتهم فى كافة الظروف رغم انتشار المرض وفقدان العديد من ذويهم وإصابة الآخرين، إلى جانب تراجع الدخول بشكل كبير.
أما خبراء الاقتصاد.. فالمطلوب منهم مساعدة الطرفين السابقين وتقديم الحلول المناسبة لعلاج ما حدث وكيفية المواجهة لتخفيف الآثار الضارة، مع إمكانية التعويض بسياسات وإصلاحات طويلة الأجل!
وهذا بالضبط ما يحاول منتدى البحوث الاقتصادية القيام به من خلال مؤتمره السنوى الذى حشد له خبرات وتنفيذيين من جميع أنحاء العالم، وصل عددهم إلى أكثر من 800 مشارك.. منهم من يمثل البنك الدولى وصندوق النقد، ومنهم خبراء من منظمة الإسكوا، وممثلون لمراكز البحوث بكافة دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وكذلك وزراء ومحافظو بنوك مركزية سابقون، فضلا عن أساتذة متخصصين من أبرز جامعات العالم.
وقد منح المنظمون المشاركون فى المؤتمر الفرصة الكاملة لتقديم أبحاثهم ودراساتهم، حيث يمتد المؤتمر لأكثر من 15 يوما، فى صورة جلسات عامة ومتخصصة، وندوات خاصة، وكل ذلك يتم من خلال التواصل الإلكترونى بسبب صعوبة الانتقال إلى مقر المنتدى بالقاهرة.
ولقد تابعت بعض جلساته التى عقدت (أون لاين) خلال الأسبوع الماضى وشارك فيها د. محمود محيى الدين المدير التنفيذى بصندوق النقد الدولى، ود. هالة السعيد وزيرة التخطيط المصرية، ود. نيفين قباج وزيرة التضامن، وبعض وزراء من الأردن ولبنان والمغرب.
وكشفت مناقشتهم عن أوضاع توجع القلب أكثر مما هو موجوع من الكورورنا وتداعياتها، ففى لبنان – مثلا – تسبب التمزق السياسى وعدم قدرة الحكومة على تحصيل الضرائب المستحقة فى عدم قدرتها على مساعدة المتضررين من الجائحة.
وفى المغرب تضاعف الفقر ثلاث مرات فى المدن السياحية المغربية التى كانت تعتمد على السياحة الخارجية.
وفى أغلب الدول العربية؛ ثبت أن هناك حوالى 55 مليونًا يحتاجون إلى إغاثة عاجلة فى الغذاء والعلاج، بل الطريف فى الموضوع أن 60% من سكان العالم أصبحوا يعتمدون على ما يسمى بالاقتصاد غير الرسمى، والذى ساهم فى مصر – على سبيل المثال – بحوالى 50%، وقدم أكثر من 68% من فرص العمل الجديدة، ذلك بالتعاون مع جهود الحكومة والأزهر والأوقاف وأكثر من 55 ألف جمعية أهلية فى تقديم الخدمات والمساعدة للمتضررين من المواطنين.
ولولا ستر الله، والإصلاحات الاقتصادية والمصرفية التى تمت فى مصر قبل الجائحة، لكانت النتائج سيئة، ولكن والحمد لله وبصبر وحكمة تمكنت الحكومة وكافة أجهزة الدولة من مواجهة تداعيات الوباء، حيث وازنت الدولة بين صحة المواطنين واستمرار بعض الأنشطة كثيفة العمالة والتى يقوم بأغلبها محدودو الدخل، فضلا عن تمكنها من تقديم مساعدات مالية دورية لمن تعطلوا عن العمل خلال العامين الماضيين، وذلك من خلال تخصيص حوالى 100 مليار جنيه لمواجهة الأزمة وتداعياتها.
من جهة أخرى.. مازالت المشكلة قائمة، وما زال الخبراء يبحثون والحكومات تحاول، والأهالى تعانى؛ حيث توفى أكثر من 7 ملايين شخص على مستوى العالم، وسقط أكثر من 120 مليون آخرين فى بئر الفقر المدقع، وفقد الكثيرون عملهم وفرصهم التى كانت متاحة فى التعليم الجيد والمنتظم.
وسمعنا عن تعثر تنفيذ الأمم المتحدة لخطتها للتنمية المستدامة 2030، لمواجهة الفقر والمرض والجهل بسبب انخفاض الناتج المحلى وتراجع التجارة الخارجية، وارتفاع حجم الدين العالمى.
ولذلك فكل التحية للقائمين على أمر المنتدى والمؤتمر وننتظر منهم حلولاً عملية واقتراحات قابلة للتنفيذ، وهم د. سمير مقدسى رئيس مجلس الأمناء ود. إبراهيم البدوى وزير مالية السودان السابق ومدير المنتدى، والذى اختارته الأمم المتحدة مؤخرًا عضوًا فى المجلس الاستشارى للشئون الاقتصادية والاجتماعية الذى يضم رؤساء دول والحاصلين على جوائز نوبل فى الاقتصاد.
وأيضا الصديقة د. شيرين غنيم مدير السياسات والاتصالات بالمنتدى الذى يحافظ على تقليد المؤتمر السنوى منذ عام 1995 وحتى الآن.