تحتفل إذاعة الشرق الأوسط بعيد ميلاد الإذاعة المصرية الـ 87 اليوم الاثنين، وذلك من خلال عدة فترات مفتوحة وفقرات، إضافة إلى تطويع البرامج من أجل هذه المناسبة.
احتفاء عمالقة الفن ب الإذاعة المصرية كان قويًا منذ انطلاقتها الأولى عام 1934م، فعلى وقع الأثير تفجرت إبداعاتهم بعد سنوات طويلة من العشوائية، حيث سيطرت الإذاعات الأهلية على الساحة في مصر منذ عشرينيات القرن الماضي.
بدأ بث الإذاعة الحكومية المصرية في 31 مايو 1934 بالاتفاق مع شركة ماركوني، وتولى إدارتها منذ إنشائها سعيد باشا لطفي شقيق السيد أحمد لطفي السيد أول رئيس للجامعة المصرية.
شهدت الساعة الخامسة من مساء الحادي والثلاثين من مايو الانطلاقة الأولى للإذاعة المصرية حيث صدح صوت أحمد سالم من شارع الشريفين عبر أثير الإذاعة قائلا:"هنا الإذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية.. هنا القاهرة"، وكانت أولى الفقرات، تلاوة مباركة للشيخ محمد رفعت من سورة الفتح.
كان وجود رواد إذاعيين من أمثال الموسيقار مدحت عاصم الذي عمل مديرا للبرنامج الموسيقى ورئيسا للجنة الاستماع في الإذاعة المصرية ضامنا لضم عمالقة الغناء إلى الإذاعة الوليدة، حيث عمل منذ اللحظة الأولى على بث الحفلات الغنائية لسيدة الغناء العربي أم كلثوم ، وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، كما كانت له اليد الطولي في اكتشاف رموز الغناء في زمن الفن الجميل مثل الموسيقار رياض السنباطى، وملك العود فريد الأطرش، والفنان عبد العزيز محمود، والفنانة نجاة على، وأسمهان، وليلى مراد؛ حيث شكلوا الطليعة الأولى من أبناء الراديو.
الدراما الإذاعية أيضا كانت حاضرة بفضل عمالقة الإخراج الإذاعي مثل يوسف الحطاب، ومحمد توفيق، والسيد بدير، ومحمد علوان، وعبده دياب، ومحمود السباع.
وكانت المسلسلات الإذاعية التي كانت تذاع في الخامسة مساء تستحوذ على نسب استماع منقطعة النظير بين المصريين، فشوارع القاهرة كانت تفرغ من المارة تقريبا أثناء إذاعة مسلسل "سمارة"، والذي كان يذاع في أواسط الخمسينيات، وهو من بطولة سميحة أيوب، وتوفيق الدقن، والسيد بدير، ومن إخراج يوسف الحطاب، ولنجاح هذا المسلسل تحول إلى فيلم سينمائي من بطولة تحية كاريوكا، ومحسن سرحان، وسيد إسماعيل "المعلم سلطان".
وامتزجت الدراما بالغناء لتظهر "البرامج والصور الغنائية" التي كانت تعتمد على تقديم الأغاني والموسيقى في سياق درامي، ومن أقدم هذه البرامج الغنائية برنامج" خوفو" الذي قدمه الإذاعى عبد الوهاب يوسف عام 1953، وحصل بموجبه على جائزة ثاني أفضل برنامج إذاعي في العالم آنذاك.
ومن أشهر الصور الغنائية التي قدمتها الإذاعة "الراعي الأسمر"، "عوف الأصيل"، "الدندورمة"، " على بابا"، "ابن عروس"، "عواد"، "قسم وأرزاق" والتي تعلقت في أذهان المستمعين بحكايات مرزوق وسلامة و"السلطانية".
البرامج الجماهيرية مثل "على الناصية" للإذاعية الراحلة أمال فهمي، و"ساعة لقلبك" للإذاعي طاهر أبو زيد، و"حول الأسرة البيضاء" و"ما يطلبه المستمعون" للإذاعية سامية صادق كانت الأكثر ارتباطا في وجدان المصريين، فضلا عن البرامج الثقافية، مثل "زيارة لمكتبة فلان" من تقديم الإذاعية الراحلة نادية صالح، و"مع العلماء فى دائرة الضوء" مع الإذاعية الراحلة أميمة كامل.
الأسرة المصرية أيضا كانت لها نصيبها من برامج الإذاعة، فالذاكرة المصرية لا تسقط أبدا برنامج "إلى ربات البيوت" الذي كانت تقدمه أم الإذاعيين صفية المهندس، أما زوجها الإعلامي بابا شارو فقد حفر اسمه فى الوجدان المصري بتقديمه لبرامج الأطفال، وتنميته للخيال المصري عبر إخراجه للبرنامج الإذاعي الشهير "ألف ليلة وليلة" الذي كان يكتبه الشاعر طاهر أبو فاشا، فيما كان شقيقها يعالج الفنان فؤاد المهندس يعالج أعتى مشكلات المجتمع عبر برنامجه "كلمتين وبس"، فضلا عن برنامج "غنوة وحدوتة" لأبلة فضيلة.
اليوم ومع تخطيها عتبة عامها السابع والثمانين، تبقى "الإذاعة المصرية" صاحبة البصمة الأقوى على الوجدان المصري طيلة هذه العقود، حيث نجحت تلك الأعمال الهادفة التي قدمها الرواد في تشكيل الوعي المصري، واستطاعت أن تكون أحد أيادي القوى الناعمة للسياسة المصرية في محيطها العربي والعالمي.
وقد تغنى كبار النجوم بأمجاد الراديو وفضل الإذاعة وفى القلب منهم سيدة الغناء العربي أم كلثوم، حيث أفردت للإذاعة في عيدها الثلاثين، والذي وافق عام 1964، أغنية يا "صوت بلدنا" والتي وضع كلماتها الشاعر عبد الفتاح مصطفى، ولحنها الموسيقار محمد الموجى وتقول كلماتها:
يا صوت بلدنا يا صوت جهادنا.. يا أعلى منبر للدين ومدنه
وللمعاني وللأغاني وللعروبة ولاتحادنا
أعلى ودوي يا صوت بلدنا
الشعر والأنغام .. والعلم والإعلام
بيرفعوا لك وسام ..بتحية الملايين
تحية طول الطريق..من كل عربي شقيق
وألف مليون صديق..من كل جنس ودين
يا مسهرة السامر يا مجمعة السمار
يا مقربة الدنيا يا موحدة الأفكار
وللمعاني وللأغاني وللعروبة ولاتحادانا
اعلى ودوي يا صوت بلدنا