حينما قرأت عن ورشة تدريبية مجانية فى فنون الأداء الدرامي والنقد، لم أكن أتخيل أن المُحاضر فيها شاب فى العشرين من العمر، وبالتحديد من مواليد 8 يونيو عام 2001، ولا يزال طالبًا فى قسم الدراما والنقد بمعهد الفنون المسرحية، ومع ذلك فإن سابقة أعماله كمخرج وممثل ومدرب تمثيل وسيناريست ومؤلف ومخرج مسرحي وشاعر ومُحاضر تفوق كثيرين قضوا عمرهم كله فى الوسط الفني، دون أن يحققوا ما حققه هذا الشاب النابغة فى سنوات قليلة جدًا.
والشاب الذي أتحدث عنه فى هذا المقال، اسمه أحمد صالح، وهو آخر العنقود فى عائلة الفنانين متعددي المواهب والذكاءات، والتي تضم أسماءً قليلة جدًا ممن نستطيع أن نطلق عليهم لقب المبدع أو الفنان الشامل مثل الشاعر والرسام والسيناريست والممثل صلاح جاهين، والمؤلف والمخرج والشاعر والناقد المسرحي الراحل نجيب سرور، وهي نوعية نادرة واستثنائية لا يجود الزمن بها علينا كثيرًا.
وبعد انتهاء المحاضرة النظرية الدسمة جدًا عن معنى وتاريخ الدراما، أعقبها تدريب رائع على فن التمثيل، قام بتقسيم المشاركين فيها إلى مجموعتين، واختارت كل مجموعة مشهدًا تشارك كل أعضائها فى تأليفه وإخراجه وتمثيله، ثم سأل كل واحد عن انطباعه عن المحاضرة وعما إذا كانت قد غيرت أيًا من قناعاته السابقة عن الموضوع وماذا استفاد منها وما تقييمنا لأدائه كمحاضر.. وقلت له «أنت عبقري»، ومن يريد أن يعرف لماذا وصفته بهذا الوصف، فليقرأ السيرة الذاتية لشاب فى العشرين.
أحمد صالح، هو مؤسس ومدير مجموعة نهاوند للفنون والثقافة، وأخرج العديد من العروض المسرحية، وحصل عنها على عدة جوائز ومنها «أنا وإحنا وكلنا»، و«الهوامش»، و»محاكمة عيد الميلاد»، و«سلك شائك»، و«الركاب»، كما أخرج العديد من الإعلانات وبعض أغنيات «الفيديو كليب»، وله أكثر من فيلم قصير شارك ببعضها فى مهرجانات محلية ودولية.
أما ورشته فى التدريب على الأداء التمثيلي، فقد تخرج منها ثلاث دفعات حتى الآن، وتضم أكثر من 50 فتاة وشابًا تم تقديمهم لسوق العمل الفني، وفى مجال الشعر، نشر أكثر من ديوان شعري، منها «مقطوعة بني الإنسان» و«عندي فوبيا من يناير»، فضلاً عن تأليفه لكتاب ثلاثة نصوص مسرحية بالعامية المصرية، كما شارك فى كتابة سيناريوهات أعمال درامية ودعائية.
وحين سألته عن الهدف من تقديمه لورش مجانية فى فن الدراما والتمثيل قال لي نصًا: «مش شرط أن الشخص اللي حقق نجاحًا وشهرة فى الحقل الإبداعي يكون عنده مهارات فى التدريب والتدريس، لأن كثيرًا من المشاهير بيلجأوا لمدربين تمثيل ومدربين دراما.. وده مش عيب لأن المسألة نسبية.. المحتوى العلمي ومدى تأثيره على المتدرب هو اللي بيفرق».
بصراحة مثل هذه النماذج الجميلة المشرقة والمشرفة تشعرني دائمًا بأن مصر كانت وستظل هي منبع المواهب وأم الفنون.