حلم طال انتظاره وهو دخول مصر عالم النانو تكنولوجى، لاسيما مع الثورة الصناعية الرابعة ، وذلك من خلال إنشاء كلية الدراسات العليا للنانو تكنولوجى كأول كلية فى مصر والعالم العربي والشرق الأوسط لتؤكد الريادة العلمية المصرية فى المنطقة وتصبح محطة انطلاق لتلبية احتياجات الأسواق العربية والإفريقية وتخريج علماء جدد يستكملون مسيرة رائد هذا العلم الدكتور الراحل أحمد زويل باختراعه لكاميرا لتحليل الطيف تعمل بسرعة الفيمتو ثانية والتى حصد بها جائزة نوبل فى الكيمياء.
صرح تعليمي جديد سيعود بالنفع على الصناعة والبحث العلمي فى مصر إذا ما تم استغلاله بشكل جيد عن طريق تفاعله مع قطاع الصناعة والبحث العلمي وسوق العمل وهو ما يضع أمامنا تحديات عديدة لاستغلال هذا التخصص المهم وتساؤلات تطرح نفسها؛ فهل نمتلك قاعدة من الكوادر البشرية المتخصصة فى هذا المجال؟ وما هي الطاقة الاستيعابية للكلية الوليدة؟ وكيف يمكن أن يخدم النانو تكنولوجى خطة الدولة المستدامة ٢٠٣٠؟ وكيف يتحول إلى قيمة مضافة للاقتصاد القومي.. «أكتوبر» تتجول فى مقر الكلية وحملت السطور المقبلة حكاية مشوار من الأمل والتحديات.
كيف ولدت الفكرة وما التحديات التي واجهت تحقيق الحلم؟
قصة كفاح طويلة وشاقة مر بها مشروع إنشاء كلية النانوتكنولوجى، كان الحلم فى البداية مجرد معمل نظرا لقلة الإمكانيات، وعدم وجود تجهيزات وكان لا بد من الإنفاق على الأجهزة الخاصة بالكلية لكنها جاءت عقب ثورة يناير وتداعياتها، والحلم مر بمراحل صعود وهبوط بدءا من فترة رئاسة الدكتور حسام كامل لجامعة القاهرة الذي كان يريد تنفيذ الفكرة وتوفير بعض الأجهزة وبناء دور ثم توقف الأمر تماما فى فترة الدكتور جابر نصار وصولا إلى الدكتور محمد الخشت الرئيس الحالي لجامعة القاهرة الذي استلمنا فى فترته الحالية مكان الكلية ولكن البنية التحتية فيه لاتصلح لوضع أجهزة ومعامل بالملايين إضافة إلى احتياج الأجهزة لكهرباء قوية لذلك كان الأمر يتطلب تقوية شبكة الكهرباء فى المنطقة لتتحمل ضغط الأجهزة المستخدمة فكانت البنية التحتية مهمة.
لكن ماذا قدمت وزارة التعليم العالي وجامعة القاهرة لهذا الصرح؟
كان هناك دعم غير مسبوق لدرجة كنت أرسل لرئيس الجامعة طلبات فى منتصف الليل ويتجاوب معها وأحيانا كانت هناك طلبات تؤجل لأنها ليست ضمن الخطة وأرسلت له أحلامنا فى الكلية لمدة ٤ سنوات قادمة، وما الأجهزة التي سنشتريها وراعينا أن نبحث عن الأجهزة الموجودة فى مصر والشرق الأوسط ومنها مثلا جهازان للأغشية الرقيقة أو تكون مكررة ولها مثيل ليكون هناك تفرد وحتى لا اتهم بتبديد ميزانية الوزارة والجامعة أحرص على شراء جهاز معين للوجه البحري كله وآخر للصعيد .
وماذا عن المعامل وعددها ونوعيات الأجهزة داخل الكلية؟
بدأنا بـ٣ معامل والآن لدينا ٢٠ معملًا وهناك معامل أخرى مجهزة لم نعرضها، ولدينا خطة مستقبلية للاستقلال المالي عن الجامعة بعد أن يكون لنا منتج فلابد وأن يدر هذا المكان دخلا يمكن من خلاله على الأقل تحمل نصف الميزانية التي تحتاجها الكلية والمفترض أن الطالب من خلال دراسته وأبحاثه بالكلية يخرج منتجًا ومن الممكن توفير فاتورة ضخمة من خلال الحد من الاستيراد والتصدير للدول الإفريقية والعربية.
وكم وصلت فاتورة هذه الأجهزة؟
٣٥ مليون جنيه بخلاف ٥٠ مليونًا سنحتاجها قريبا ضمن الخطة الجديدة للكلية .
علم النانوتكنولوجى ظهر فى عام ١٩٥٩ وأول من فكر فيه العالم الراحل أحمد زويل.. فهل تأخرنا فى دخول هذا العالَم؟
هناك عالم أمريكى شهير اسمه ريتشارد فاينر يلقب بأبو الفيزياء أشهر محاضر فيزيائي على مستوى العالم وصاحب ابتكارات تكنولوجية ضخمة قال كلمة مهمة: «هناك المتسع فالأصغر» والإمكانيات التكنولوجية فى الستينيات والسبعينيات لم تكن تساعدنا وبالمناسبة زوجى كان من الأوائل الحاصلين على الدكتوراة فى أبحاث النانوتكنولوجى من أمريكا فى الثمانينيات بعد توجيه من العالم أحمد زويل بالدراسة فى جامعة بنسلفانيا وحصل عليها، ومنذ منتصف التسعينيات بدأ الإقبال على هذا التخصص فى أمريكا، وبالتالى النانو كان موجودًا لكن الإمكانيات التكنولوجية لم تكن تؤهلنا أن نقدم أشياء مهمة وبدأت التكنولوجيا تتطور والأجهزة التى كانت الترانزستور من سنتميترات أصبحت من ١٠ إلى ١٠٠ نانوميتر فصغرت الأجهزة وأصبح لديك الريبورت تعالج الأمراض فى جسم الإنسان .
وماذا تقول قاعدة بيانات الباحثين والمتخصصين المصريين فى هذا التخصص وموقعنا فى عالم النانوتكنولوجى؟
نحن متقدمون فى مجال أبحاث النانوتكنولوجى وحسب كلام وزير التعليم العالي والبحث العلمي أشار إلى أننا على مستوى المركز من ١٦ إلى ٢٦ فى مجال الأبحاث على مستوى العالم فى ظل الامكانيات الحالية ولو تم التركيز فى المواد الأخرى سنتقدم أكثر ولو تم الاهتمام أكثر بصيانة وتحديث ومتابعة الأجهزة فى كليات العلوم وباقى الكليات الأخرى سيكون الموقف أفضل، وأعتقد أن الأمل فى كليات العلوم والزراعة والصيدلة وسنرتقى أكثر لأن هذه التخصصات هى من تزود النشر العلمى فى الجامعات، كما اننا متقدمين فى تخصص العمارة بسبب الكيمياء الحيوية فى جامعة القاهرة، ولا أخفى سرا بأننا لم نكن «متشافين» عالميا قبل إنشاء بنك المعرفة والذى أشرف أننى من المشاركين فى تأسيسه، وكانت الأبحاث المنشورة باللغة العربية غير واضحة لكن مع دخول بنك المعرفة وتعريب الأبحاث المنشورة باللغة الإنجليزية إلى العربية حتى فى العلوم الإنسانية أحدث فارقًا فى ترتيبنا عالميا، ومن الممكن أن نتقدم أكثر لو ركزنا فى علوم المواد والفيزياء والزراعة وتحلية المياه والطاقة ولدينا الإمكانيات لكن المشكلة فى الحرفية المهنية فى إدارة الامكانيات.
قد يتساءل الإنسان البسيط ما مردود الناتكنولوجى على الاقتصاد القومي والصناعة الوطنية؟
بالتأكيد هناك مردود كبير على الاقتصاد القومي من خلال ابتكار منتجات تحد من الاستيراد وأخرى يتم تصديرها، خاصة كل ما يتعلق بمحطات تحلية المياه والتي تتم عن طريق النانوتكنولوجى (والطاقة الشمسية أيضا التي يتم استخدام البطاريات النانوماتريل، فمن الممكن تحويل كل هذه الأمور إلى منتج وتجلب عملة صعبة تدخل إلى الاقتصاد القومى وتكون المواد الخام لدينا بدلا من الاستيراد حتى دفن النفايات النووية من الممكن أن يتم بناء المدافن من خلال مواد نانوتكنولوجى تدخل فى الخرسانة.
وهل لدينا كوادر مؤهلة لذلك ؟
من عشر سنوات لم يكن لدينا، لكن الآن نمتلك الكوادر من خلال وجود قاعدة بيانات فى وزارة البحث العلمي للأشخاص الذين سجلوا أنفسهم كمحكمين أو فى مشروعات قومية، وأكاديمية البحث العلمي لديها قاعدة بيانات العلماء فى عدد كبير من التخصصات وهناك أيضا صندوق تطوير العلوم والتكنولوجيا ووزارة الهجرة لديها قاعدة بيانات لعلماء مصريين فى كل دول العالم و فى تخصصات شتى .
وماذا عن البرامج التي تقدمها الكلية؟
لدينا برنامج (بايننتكنولوجى) وهو مزيج من تخصصات مختلفة مثل زراعة، صيدلة، طب أسنان، علوم، هندسة، أو من يريد تغير مساره المهني وتخصصه ويدمجهم سويا فى تخصص معين، هناك برنامج معتمد دوليا اسمه «اكس نيم» ودبلومه الحفظ والترميم للمخطوطات والتماثيل .
وما التخصصات التي تقبلها الكلية؟
كل التخصصات فى الكليات العلمية مثل الهندسة والعلوم والطب البيطري وطب أسنان وزراعة وصيدلة وكليات التربية.
وماذا عن شرط الالتحاق؟
أن يكون حاصلًا على تقدير جيد أو حاصل على دبلومة ثم ماجستير أو حاصل على دبلومة فى تخصص علمي ونرصد المواد التي درسها ونقرر المواد التكميلية التي سيدرسها ثم يتم بعد ذلك دراسة نفس المواد التي تتعلق ب النانو تكنولوجي.
كم الطاقة الاستيعابية؟
لا نريد أكثر من ٢٥ إلى ٥٠ دارسًا فى كل برنامج من البرامج الأربعة خصوصا وان الأجهزة ثمنها مكلف وأيضا عدد الدارسين الصغير يهدف إلى الحفاظ على جودة الخدمة التعليمية.