د. إكرام بدر الدين: هزيمة الجيش المصري كان بمثابة حلم لا يصدقه عقل..
وتضخيم ما حدث كان لإيهام الجندى الإسرائيلى بأنه خارق ولا يقهر
د. حسن نافعة: إسرائيل تحاول محو نصر أكتوبر 1973 بنشر أكاذيب حرب النكسة
كتب: أسامة عز الدين ومحمود نعيم
تظل حرب 1967، من أسوأ الأيام في ذاكرة الشعب العربي خلال تاريخه الحديث، وذلك بما حملته من ذكريات مؤلمة، حيث تعد هذه الحرب هي الثالثة ضمن سلسلة الصراع العربي الإسرائيلي، التي انتهت باستيلاء إسرائيل على كامل دولة فلسطين، وشن سلاح الجو الإسرائيلي خلالها هجوما مباغتًا على المطارات المصرية، انتهت بتدمير معظمها وشل حركتها، وهو ما جعل رئيس الأركان الإسرائيلية، إسحاق رابين، آنذاك، يقول في أحد التسجيلات أن: "قدرة سلاح الطيران الإسرائيلي وشجاعة الطيارين وإخلاصهم هو ما جعل الجيش يحقق الانتصار في حرب الأيام الستة خلال مدة قصيرة، دون أي معاناة".
ومع اقتراب الذكرى الخمسين لهذه الحرب، كشفت الرقابة العسكرية الإسرائيلية عن بعض من أرشيفها السرّي لهذه الضربة للدفاعات الجوية، فتحت عنوان "الطائرات التي سقطت والطيارون الأسرى"، نشرت الصحيفة العبرية "معاريف"، وثائق سرية عن حرب 1967، شملت مقاطع صوتية تمت بين قادة وحدات سلاح الجو، خلال المعاركة مع مصر، وقالت إن سلاح الطيران المصري تم تدميره خلال101 دقيقة، وأوضحت الصحيفة كيف أن جيش الاحتلال جعل مهمته الأولى تدمير كل الطائرات الحربية لسلاح الجو لدى كل من مصر وسوريا والأردن والعراق ولبنان، الأمر الذي حال دون مشاركتها في العمليات القتالية، بعد أن حذرت توقعات الجيش الإسرائيلي من احتمال شن مصر حربا على إسرائيل، يتم فيها قصف المفاعل النووي في ديمونا على وجه الخصوص، لذا كان من الضروري اتخاذ قرار عاجل والخروج إلى حرب استباقية.
وتكشف التسجيلات المنشورة، بحسب الصحيفة، أن إسرائيل حرصت بشدة على الحفاظ على سرية تحركاتها، الذي راهنت عليه كثيرا في هذه الحرب، وشملت تحركها العسكري بدائل محتملة منها، خطة لضرب مصر فقط، وخطة لضرب سوريا فقط، وخطة تكون ضد مصر وسوريا والأردن، أما الخطة الأخيرة، فتمثلت في ضرب لبنان والعراق بالتزامن مع ضرب مصر، لكن في نهاية المطاف كان القرار النهائي تدمير القوات الجوية للجيش المصري؛ لأنها الأقوى؛ ولأنها إذا استطاعت فعل ذلك سوف يكون من وراءها أسهل وسيكون الطريق مفتوحا.
روايات كاذبة
وبحسب الوثائق، فإن الطائرات الإسرائيلية أدارت محركاتها عند الساعة 6:50 صباح الاثنين الخامس من يونيو العام 1967، وأقلعت لقصف 11 موقعا وقاعدة مصرية، فيما بقيت 12 مقاتلة في إسرائيل لأغراض دفاعية، واستمر الهجوم حتى الساعة 9 وخمس دقائق، وحلّقت المقاتلات على ارتفاعات منخفضة، فيما كانت هناك طائرات مزودة بعتاد إلكتروني مهمتها التشويش على الرادارات المصرية.
وقدرت الخطة امتلاك مصر لـ 58% من مجمل الطائرات المقاتلة العربية، واستبعد قائد سلاح الجو، خلال الحرب، موطي هود، خطر تشكيل جبهة مشتركة بين مصر وباقي أسلحة الجو العربية، لذلك كان الهدف الأول تحييد سلاح الجو المصري باعتباره الطريق من أجل تحقيق تفوق جوي إسرائيلي في الحرب، قبل أن تتدخل أسلحة الجو الأخرى للدول العربية في المعارك.
ويقول موطي هود في أحد التسجيلات: " كنت أعلم أن سلاح الجو المصري سيتلقى منا ضربة كهذه، وتكون مهمته بعدها الحرب من أجل البقاء، ولن يفعل أي شيء على الأرض"، وتابع: ”أردت التأكد 100% أن تكون الضربة الأولى لسلاح الجو المصري بأقصى قوة".
غير أنه إذا كانت حرب 67 قد تركت جرحا غائرا في الجسد العربي، فإنه يجب الوقوف على حقائقها والتدقيق فيها، بحسب الحقائق الفعلية، وليس وفقا للروايات الإسرائيلية فقط التي حاولت التضخيم من إنجازاتها، في مقابل تسفيه الجبهة العربية، وهذا ما أوضحه د. إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، لبوابة "دار المعارف"، حين أشار إلى أن هزيمتنا في حرب 67، تعتبر بالنسبة للجانب الإسرائيلى، بمثابة حلم لا يصدقه عقل بشر وبالتالى إسرائيل تعمل جاهدة على إبراز بعض الأمور التى لا تصدق، ولإيهام الجندى الإسرائيلى بأنه خارق ولا يقهر.
وأضاف بدر الدين أن حرب إسرائيل على باقى الدول العربية، والسعى لاحتلالها ساعد فى هذا الوقت على ظهور قوة إسرائيل بالنسبة لليهود، ولكن الأمر الصحيح هو أنه لم تستطع احتلال سيناء أو جزء منها أكثر من الفترة ما بين 67:73 حتى تم طردهم من آخر شبر فى سيناء.
وأكد على أن إسرائيل لأول مرة تفقد أرضا قد احتلتها مثل باقى الدول التى سبقت لها احتلالها فى سوريا والأردن وأيضًا جزء من غزة والضفة الغربية.
مشيرا إلى أنه يحسب للجانب المصرى والسياسى الذى أجبر إسرائيل على الخروج الاختيارى من سيناء برغم أنه كانت هناك مشكلة متعلقة بطابا على أمل أن الجانب الإسرائيلى سوف يحصل عليها لكن كان للقيادات المصرية رأي آخر.
هزيمة ثقيلة
أما د. حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة فيؤكد أن حرب 1967 بالنسبة لإسرائيل تعتبر أكبر انتصار فى تاريخها، وأن الذى حققته إسرائيل فى هذه الحرب أكبر مما حققته فى حرب 1948 وفى حرب 1956 وأيضًا أكثر من حرب 1973؛ لأنها أجبرت على الانسحاب بعد الاتفاقية التى وقعت بينها وبين مصر.
مشيرا إلى أن إسرائيل كانت تريد السيطرة الكاملة على سيناء والجولان وفلسطين وكانت تزعم أن مصر لا يمكنها أن تستعيد سيناء مرة أخرى وأن الجيش الإسرائيلى جيش أسطورى لا يقهر، ولذلك فإن إسرائيل تحتفل بذكرى 67 لأنها تعتبر الانتصار الأكبر فى تاريخها.
وأكد نافعة على أن إسرائيل تحاول كل عام الاحتفال بذكرى 67؛ لكى تمحو من الذاكرة نصر أكتوبر المجيد 1973، أو محاولة بث روح النصر من جديد في روح الجندي الإسرائيلي بعد الهزيمة الثقيلة التي مني بها في 73.