عند منحدر جبل الفسطاط بجوار المسجد التاريخي الشهير للصحابي الجليل عمرو بن العاص، وأمام مجمع الأديان ب مصر القديمة، تقع منطقة بطن البقرة.
وبالرغم من وجودها في هذه المنطقة التاريخية العريقة، فإن مأساة بطن البقرة تعد حلقة في مسلسل معاناة سكان العشوائيات.
ولعل سبب تسميتها بهذا الاسم يرجع إلى وقوعها فى منخفض أرضى عميق بالإضافة إلى اشتغال سكانها بتربية الأبقار لتوريدها إلى “المذبح”الذى لا يبعد كثيرًا عنها، المنطقة مكتظة بالبيوت و”العشش”البسيطة ذات الأسقف الصفيح المغطاة بالقش والتى تحوى آلاما، ومشكلات لا تنتهى.
فى أحد أيام عام 2003 استيقظ سكان منطقة بطن البقرة على صوت مدوي، هرولوا بفزع ليجدوا سقف الغرف التى كانوا يعيشون فيها قد انهارت تماما ، ليس هذا فقط بل إن المياه الجوفية أغرقت البيوت بالمنطقة، مما أدى إلى تعرضها لهبوط أرضى ووقوفها على حافة الانهيار.
يصف أحد سكان المنطقة الوضع قائلا: «الأرض بتمشى.. البيوت بتتحرك من مكانها كأنها عايمة على وش المية".
فى «بطن البقرة» يطلق لفظ «بيت» على مجموعة من الغرف المتلاصقة التى تضم كل منها أسرة وتصل إلى عشر غرف أو ما يزيد، ويتشارك الجميع فى «حنفية مياه» واحدة فى الخارج، ودورة مياه صغيرة ومتهالكة ويغلفها الصدأ.
لم يكن الخوف من الموت تحت الركام الهم الوحيد لسكان المنطقة، ولكن عدم وجود صرف صحى والرائحة الكريهة، هم آخر المنطقة تضم اكثر من 2000 أسرة تقريبا يعيشون فى تلك المنطقة التى تحمل درجات مختلفة من الخطورة، حيث يقع جزء منها على حافة الجبل.
حينما تتعرض بعض منازل المنطقة للإنهيار كانوا لا يجدون أمامهم ماوى سوى الشارع، حقا لم يكن أمامهم سوى النوم فى الشارع، كان الرجال ينامون فى عربة نصف نقل، فيما اجتمعت النساء ودخلن إحدى المحلات الصغيرة ليقضين الليل فيها بعيدا عن الأعين، المنطقة لا يوجد بها مدرسة أو مستشفى أو أدنى متطلبات الحياة الآدمية.
حياة غير آدمية، مساكن بلا خدمات، أطفال يعيشون في دائرة مغلقة من المرض والعشوائية ولكن في ظل المبادرة الرئاسية لتوفير حياة كريمة للمواطن المصري، عرف سكان بطن البقرة لأول مرة معنى كلمة "حياة" صدرت توجيهات القيادة السياسية وبدأت أجهزة محافظة القاهرة في إخلاء منطقة بطن البقرة ونقل سكانها لمدينة الأسمرات بوحدات مجهزة، وذلك ضمن خطة تطوير المناطق العشوائية، وتوفير سكن ملائم لسكان تلك المناطق.
وفى هذا السياق، تم إزالة 730 عقار بمنطقة بطن البقرة العشوائية بحي مصر القديمة، ومن المقرر نقل 2000 أسرة وتغيير حياتهم للأفضل بعد نقلهم إلى مساكن حضارية بمشروع الأسمرات.
وجميع الوحدات السكنية الجديدة التى ينقل لها المواطنين مؤثثة ومزودة بكافة الخدمات اللازمة لتوفير حياة كريمة وسكن ملائم لهم (وحدات صحية .. مركز شباب.. مدارس)،ويتم توفير اتوبيسات لنقل الأهالى لمساكنهم الجديدة