طلبت فى مقال سابق من خبراء الاقتصاد مساعدة الحكومات والأهالى؛ باقتراحات عملية وحلول مناسبة لما يعانيه الطرفان من مشكلات، بسبب جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية.
وقد صدقوا.. وقدموا – فى نهاية مؤتمرهم بمنتدى البحوث الاقتصادية – رؤى واضحة، بل تفصيلية فى بعض القطاعات والقضايا، يمكنها أن تساعد على تحقيق مستقبل واعد للأقطار العربية المتضررة، إذا طبقتها بجدية وتزامن وشمول فى المجالات المختلفة.
ولأن هؤلاء "لا يفتون" إلا عن علم، ويحرصوا على توافر المعلومات والبيانات، فقد أجرى فريق منهم مسحا حديثا لأوضاع سوق العمل والدخول العائلية فى كل من مصر والأردن وتونس والمغرب، فى ظل جائحة كورونا، ووجود قدر من التعافى بدأ يتضح منذ نوفمبر 2020، ويتأكد فى فبراير الماضى، على الرغم أنه ما زال متواضعا ولا يتسم بالشمول.
وقد كشف المسح عن بعض النتائج المثيرة التى أصابت الباحثين بالدهشة، منها أنه فيما يخص البطالة وحال الأسر المعيشية والدخل، كانت النتائج فى مصر أفضل مقارنة بالدول الأخرى، مع أن مصر لم تتشدد فى الإغلاق واتخذت إجراءات احترازية تدريجية، بينما تشددت كل من الأردن وتونس بإغلاق كامل فى بداية الجائحة!
وما حدث أن معدل النمو الاقتصادى انخفض فى الأردن بواقع 1.8%، وفى المغرب 7%، وفى تونس 8.8%، فيما كانت مصر الدولة الوحيدة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التى حققت نموًا إيجابيًا.
والطريف أن "المسح" الذى أشرف عليه د. راجى أسعد الأستاذ بجامعة مينسوتا، وشارك فيه فريق عمل ضخم من بلاد مختلفة، كشف أن وجود "مخصصات مالية"، ومنظومة للحماية الاجتماعية ساعدا فى التخفيف من حدة الأزمة، بل وزيادة القدرة على مواجهة التداعيات السلبية للجائحة، وهو ما تحقق فى مصر!
نعم.. لقد جنينا ثمار ما فعلناه ونفعله منذ يونيو 2014 وحتى الآن، سواء فى إصلاح اقتصادى أو إعادة بناء المؤسسات، والاهتمام بالتعليم والصحة، ومكافحة الفساد الإدارى، والإسراع فى تنفيذ العديد من برامج التنمية البشرية..
نعود لخبراء الاقتصاد ومقترحاتهم التى قدموها وحلولهم التى عرضوها فى مؤتمرهم المهم والذى جمع خبرائهم من جميع أنحاء العالم، وسوف أركز على ما قدمه الخبراء العرب فهم أعلم بدروب أوطانهم.
د. عمر الرزاز رئيس وزراء الأردن السابق؛ يرى أن الدول العربية فى حاجة إلى عقد اجتماعى جديد – مهما يكن مسماه – يتم من خلاله إصلاح الاقتصاد والمالية العامة، وتطوير المؤسسات، وتوسيع مفهوم المشاركة، وتعميق الحماية الاجتماعية.
ويؤكد أن أنصاف الحلول التى كانت تلجأ إليها الدول فى العقود السابقة.. لن تجدى، لأن العالم لم يعد كما كان عليه، وشباب اليوم ليس كشباب الأمس.
ولذلك – وبشىء من التفصيل – لا حل للوضع الراهن مع صعوبات كورونا وما بعدها، إلا بدولة ومجتمع قوى، وهذا لن يتحقق إلا من خلال تعليم جيد وتمكين الشباب، وتوسيع نطاق الفرص المتاحة، وإدماج الجميع فى التحولات الرقمية والتكنولوجية.
ويؤكد د. إسحاق ديوان الأستاذ بجامعة باريس؛ على زيادة الإنتاجية وتخفيض الديون، واستبعاد الحلول التقشفية أو التى تسترضى الجماهير على المدى القصير وتضحى بالمستقبل!
ولكن د. مصطفى نابلى محافظ البنك المركزى التونسى الأسبق كان أكثر تفاؤلا؛ حيث أوضح أن ما حدث فى كل من مصر والمغرب من نجاحات فى عمليات الإصلاح الاقتصادى والهيكلى والاجتماعى وبشكل معقول، يمنحنا بعض الأمل، وبشرط الترسيخ والاستدامة.
د. نادر قبانى مدير البحوث بمركز بروكنجز بالدوحة، طالب دول الخليج بضرورة تنويع حقيقى للاقتصاد، وخلق قطاع خاص قوى لا يعتمد على عقود الحكومة أو العمل بمعيتها، ومواجهة البطالة المرتفعة بمنهج جديد، مشددًا على وجود رؤية جديدة لمسألة كيفية حصول المواطن على نصيب عادل من ثروات بلاده.
qqq
والخلاصة.. وبألفاظ أخرى وبمعانى بسيطة.. ينصحنا الخبراء، بأنه لا يجب أن "نفرح" بما لدينا فالزمن غدار والظروف متقلبة – والكورونا مثل حى لما يمكن أن يحدث.
وعندما تقف الدول على أرض صلبة تستطيع مواجهة أية ظروف طارئة أو تقلبات صعبة، ولن يتحقق ذلك إلا بجدية الإصلاحات واستمرارها ومشاركة الجميع فيها..
وختاما كل التحية للأصدقاء د. إبراهيم البدوى مدير المنتدى ود. شيرين غنيم على حُسن التنظيم وجدية العمل.
عنوان:
عندما ترفع الدولة من قدراتها الذاتية يمكنها أن تواجه أى ظروف طارئة