فرح الكثيرون ونشروا عبارات وفقرات من شهادة محمد حسين يعقوب المحسوب على التيار السلفى، والذى بدا فى شهادته معتدلا منصفا متراجعا عن أفكاره المتطرفة التى لوث بها عقول الناس عبر المنابر والقنوات الفضائية، والتى ظل سنوات وعقود يبثها مشاركا مع جماعته والجماعات المتطرفة الأخرى التى ابتليت بها مصر منذ النصف الثانى من السبعينيات وحتى الآن، هؤلاء الفرحون اعتبروا أن هذا نصر عظيم وخزى ما بعده خزى لهذا المتطرف وحوارييه وأتباعه بنقضه كل ما ظل يملأ رؤوس خلق الله به لسنوات وسنوات !
لكن الحقيقة أنه هو الذى عليه أن يسعد ويفرح، فمن المؤكد أنه يخرج لسانه ويطير من السعادة، بعد أن مرت شهادته مرور الكرام، وخرج منها سليما معافا، لأنه فى النهاية مجرد شاهد، وهو حين قدم شهادته على طريقة «التقية» وهى أن يظهر غير ما يبطن ويراوغ وينافق، حتى ينجو بنفسه فإنه فاز فوزا كبيرا، لأن العدل والإنصاف أن يكون مكان هذا الرجل وأمثاله مثل محمد حسان وإسحاق الحوينى وغيرهم من المضللين، هو قفص الاتهام وليس منصة الشهود.
بعد أن ظلوا يفسدون فى الأرض ويضللون البسطاء والدهماء، ويكذبون باسم الدين ويفترون على الله كذبا، فيحرمون ما أحل الله ويضيقون على خلق الله ويعيشون هم حياتهم طولا وعرضا !
ثم بعد وقبل كل هذا كانوا صفا واحدا مع من خانوا هذا الشعب، ومن قتلوا أبناءه وطعنوا جيشه وشرطته وحرضوا على قتل أفرادهم وضباطهم، ولم يعصمهم دين أو تقوى أو خشية الله !
هذا الرجل ومن على شاكلته جريمتهم أكبر وأبشع ممن اغتالوا وقتلوا أبناء هذا الشعب، فجرائم القتل على بشاعتها يمكن حصر خسائرها وتجاوزها، لكن ماذا عمن دمروا عقول ونفوس أبناء هذا الوطن، هؤلاء المضللون هم من شقوا الصف الوطنى لهذا البلد، وكفروا أقباطه وحتى مسلميه ممن لا يتفقون معهم فى تطرفهم وجهلهم، ونحن إلى الآن نحاول تضميد ما أصابنا بسبب فعلتهم من جراح وآلام !
ألم يكن هؤلاء يصيحون عبر الميكرفونات محفزين ومحرضين لمستمعيهم وأتباعهم على من يختلفون معهم فى الرأى وهم كثر، الذين هم فى الحقيقة نحن وأمثالنا من المصريين المعتدلين، الذين عاشوا يجمعهم حب هذا الوطن وترابه، وبين ليلة وضحاها أصبح حب الوطن جريمة وحب الجماعة شرف؟!
هؤلاء فعلوا ما هو أبشع من القتل، ولا أريد أن أتدخل فى شأن قضائي، ولا أعلم تمام العلم سببا واضحا لدعوته للشهادة، لكن الذى أعرفه جيدا أن هؤلاء مكانهم الاتهام وليس الشهادة، وكل ما قاله لا يساوى ثمن الحبر الذى كتبت به شهادته، هذا إن كان لها ثمن من الأصل !