لم تكن ملفات الشرق الأوسط ضمن أولويات أجندة ب ايدن الخارجية الأمريكية علي الأقل في العام الأول للرئاسة فكانت الأولوية متعلقة بالشرق الأقصي ، ولكن سرعان ما اكتشف الرئيس الأمريكي أن عليه التخلص من أوراق الضغط المتواجدة في الشرق الأوسط والتي يستخدمها منافسيه بالشرق الأقصي ،لهذا ولتعقيدات المشهد الدولي وجدنا أمريكا تتحدث بوضوح عن اخراج المرتزقة من ليبيا وتترك تركيا وحدها في مواجهة التيار الدولي بمؤتمر برلين ٢ ، الموقف الأمريكي الجيد تجاه الأوضاع في ليبيا يأتي في إطار الرغبة الملحة للولايات المتحدة للتخلص من مناطق الصراع في الشرق الأوسط للتفرغ لبؤر صراع أخري ،فلم يعد تعدد الجبهات في مصلحة الإدارة الامريكية خاصة مع اختلاف المصالح الامريكية الأوروبية بمنطقة الشرق الأوسط حتي رغم محاولات ب ايدن المستمرة لترميم العلاقات الامريكية الأوروبية التي أفسدها ترامب ،لهذا الفترة القادمة سنشهد تسارع أمريكي فيما يتعلق بتقليل القوات الأمريكية بالمنطقة وإعلان مواقف إيجابية حيال مناطق التوتر لتهدئة الصراع ما سيضر بمصالح الكيانات الارهابية التي تنامت خلال العقد الماضي وايضا الجماعة الام وهي جماعة الاخوان الإرهابية ،لهذا يجب أيضا ربط هذا بتبدل الموقف التركي تجاه مصر ورغبتها في التقارب فلم يعد النظام التركي لديه ما يقدمه لجماعة الإخوان الارهابية في ظل الرغبة الأمريكية لتهدئة الصراع بالمنطقة خاصة وأن النظام التركي لا يحتمل المزيد من الصدام مع الإدارة الأمريكية الجديدة المتحفزة من البداية للسلوك التركي.
الموقف المصري الثابت والداعم للحلول السياسية تجاه مختلف القضايا الإقليمية يمثل للولايات المتحدة مخرج جيد لديمومة الصراع بمنطقة الشرق الاوسط خاصة وأن الرؤية المصرية ايضا محل إتفاق أوروبي بل أيضا تحظي بقبول القوة الشرقية المنافسة للولايات المتحدة الأمريكية ،لهذا تم تكثيف الإتصالات الأمريكية مع مصر خلال الفترة الأخيرة مع اقتراب اشتعال الموقف بالمنطقة عقب التصعيد الإسرائيلي الأخير تجاه فلسطين في ظل الرغبة الأمريكية الملحة لخفض معدلات التوتر بمنطقة الشرق الأوسط بما يناسب أولويات التحرك الأمريكي ، يمكن القول أن الدبلوماسية المصرية صنعت إطار عمل إقليمي يستوعب مصالح الجميع حتي القوة الكبري المتصارعة علي زعامة العالم ،ما مكنها ان تصبح مصدر ثقة من كافة الأقطاب الدولية ،يتبقي الموقف الامريكي تجاه القرن الأفريقي والذي لا يرتقي لواقع الحدث علي الأرض في ظل تأثيرات التوتر في هذا الإقليم بالتبعية علي منطقة الشرق الأوسط ،لهذا من المنتظر ان يصبح النشاط الأمريكي لتهدئة وتيرة الأزمات بمنطقة شرق القارة الإفريقة بالتوازي مع العودة الأمريكية للشرق الأوسط لما له من تأثيرات سلبيه علي هذا الإقلمي خاصة علي مصر والسودان ،ورغم إرسال الإدارة الامريكية لمبعوثيها للمنطقة إلا أن الوضع الإثيوبي بالتحديد وما يشكله من مخاطر إقليمية يستوجب الآليات أكثر حزما تجاه أفعال النظام الأثيوبى الغير مسؤلة والتي تضر ايضا بمشروع امريكا في القرن الإفريقي علي عكس ما يصور رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد للادراة الأمريكية.
برجماتية السياسة الدولية تدفع المجتمع الدولي في تلك الفترة للعب فوق الطاولة لإنهاء هذه الجولة من الصراع وبداية جولة جديدة بمناطق للعب وأورق ضغط مستحدثة بعد ان باتت كافة أدوات الصراع الدولي التقليدية منكشفة وغير فعالة ، لتبقي مصر وسط ما يموج بالعلم من صراعات وتقلبات ثابتة راسخة تستمد قوتها من مكانها و مكانتها التي رسخ لها التاريخ وأسست لها الجغرافية لتتبع سياسة شريفة تليق بعظمتها وتجعل القاهرة عاصمة صناعة القرار بالإقليم.