تبدو المسألة أكثر صعوبة ما بين فرض الرقابة و حرية التعبير وترك المجال مفتوحا لخطاب الكراهية.
فخلال فترة حكم ترامب، امتنعت المنصات الاجتماعية عن حجب منشوراته العنصرية والمتطرفة بحجة أن هذه المنشورات هى بمثابة «خبر».
وهنا نتأكد أن المشكلة فى هذه المنصات ذاتها، ومكيالها بأكثر من مكيال حسب مواقفها وتوجهاتها.
فهذه المنصات تشجع هذا النوع من الخطابات لإثارة التفاعل لجذب المستخدمين تحقيقًا للربح المادى.
هذه المنصات قائمة على الربح، وقد تابعنا مذابح وتمييزا عنصريا وتلاعبا بالرأى العام لعبت فيه هذه المنصات دور البطل، وهى مسئولة بشكل كبير عن كثير من المصائب.
لقد نجحت هذه المنصات فى التهرب من مسئولياتها باعتبارها شركات خاصة، فالمسئولية تقع على من ينشر المحتوى على تلك المنصات.
هذه المنصات لا تحمى الحرية ولا الديمقراطية، هى فقط تحمى مصالحها وإعلاناتها وأرباحها، فهذه المنصات ليست جمعيات خيرية.
فشركات التكنولوجيا العملاقة لها قدر كبير من السطوة والنفوذ والمقدرة المادية، فهى أكثر قوة من دول وحكومات، إن حرية التعبير المتاحة على هذه المنصات عليها رقابة تحكمها مصالح المال والسياسة.
فى أغسطس الماضى أعلنت تويتر أنها ستقوم بتوسيع تصنيفات الحسابات إلى فئتين إضافيتين: حسابات كبار المسئولين الحكوميين، وحسابات تابعة لكيانات إعلامية تابعة للدولة.
وبدأت بالفعل بتسمية حسابات وسائل الإعلام التابعة للدولة مثل سبوتنيك الروسية وشينخوا الصينية، وبعض المسئولين الحكوميين الرئيسيين للأعضاء الخمسة الدائمين فى مجلس الأمن.
وأضافت تويتر أنها توسع مسمياتها لتشمل كبار المسئولين الحكوميين والمؤسسات من دول مجموعة السبع الكبار، وكانت تويتر قد واجهت تدقيقا دوليًا بشأن نهجها بالنسبة لحسابات قادة العالم.
وفى مارس الماضى بدأت تويتر فى توثيق حسابات كبار المسئولين الحكوميين وحسابات تابعة لكيانات إعلامية تابعة للدولة فى مصر والسعودية والإمارات و13 دولة أخرى، وأشارت إلى أن هذه المبادرة تأتى فى إطار تعزيز الشفافية وتوثيق المعلومات المنشورة عبر المنصة.
لا أحد ينكر أن حرية التعبير موجودة على تويتر وغيرها من منصات التواصل، لكنها حرية مقيدة وخاضعة للقيم التى ترسمها سياسات ومصالح الشركات المالكة للمنصات وإذا كانت المنصات تؤكد بأنها متاحة للجميع، لكن الاستثناءات التى تتحدث عنها هى المشكلة، فما هو معيار المحتوى الذى ينشر وما الذى يتم حذفه؟
المنصات تقول إنها تحذف المحتوى العنيف فقط وتحذر مستخدميها من الأخبار المضللة، لكن الواقع غير ذلك فهى تمارس رقابة وانتقائية ملحوظة، وإن كان بشكل غير مباشر، هى تتعاقد مع شركات وسيطة تقوم بهذا الدور، لتتهرب من المسؤولية كالمعتاد.
وأحد مراقبى المحتوى صرح لقناة تليفزيونية قائلًا: نحن كالشرطة شخص ما عليه أن يحرس الإنترنت كما فى العالم الحقيقى، ومشرفو المحتوى كرجال الأمن يحمون المستخدمين.
ويبقى السؤال هل تستطيع منصات التواصل المحافظة على مسافة واحدة من جميع التوجهات الفكرية والسياسية لتظل منصات للحرية كما هى منصات للتواصل؟
سؤال إجابته بالنفى.