أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال زيارته الرسمية إلى دولة العراق، أن وجوده اليوم، فى بغداد، لهو تجسيد لقوة العلاقات بين بلادنا وشعوبنا، كما أنه يدل على مدى حرصنا على دعم هذه العلاقات وتطويرها نحو آفاق أرحب تؤكد على وحدة الهدف والمصير، وتلبى مصالحنا المشتركة.
وإلى نص الكلمة
أخى دولة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمى،
رئيس وزراء جمهورية العراق الشقيق
أخى جلالة الملك عبد الله الثانى،
ملك المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة،
يشرفنى أن أتقدم بخالص الشكر لأخى العزيز مصطفى الكاظمى، رئيس وزراء جمهورية العراق الشقيق، على دعوته الكريمة لاستضافة قمتنا الثالثة فى بغداد العروبة عاصمة بلاد الرافدين العزيزة علينا جميعاً، والتى يسعدنى بحق المجىء إليها والتواجد بين أهلها الكرام فى أول زيارة لرئيس مصرى إلى العراق منذ حوالى ثلاثة عقود.
أصحاب الفخامة،
إن وجودى اليوم لهو تجسيد لقوة العلاقات بين بلادنا وشعوبنا، كما أنه يدل على مدى حرصنا على دعم هذه العلاقات وتطويرها نحو آفاق أرحب تؤكد على وحدة الهدف والمصير، وتلبى مصالحنا المشتركة.
دولة رئيس الوزراء،
إن هذه القمة التاريخية التى يحتضنها العراق، والتى تأتى استكمالاً لما تحقق خلال قمتى القاهرة وعمان، نأمل أن تكون بحق تدشيناً لمرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية والتعاون الوثيق بين بلداننا سعياً نحو الانطلاق خلال السنوات المقبلة إلى مرحلة التنمية المستدامة والرخاء لشعوبنا، فضلاً عن المساهمة فى دعم العمل العربى المشترك والعمل على صيانة الأمن القومى العربى، فمصر تسعى لخير المنطقة وشعوبها وتمد دائما جسور التعاون والإخاء لمحيطها العربى.
دولة رئيس الوزراء، جلالة الملك،
من هذا المقام، فإننى أعيد التأكيد على قوة التزامنا بالتعاون الثلاثى بين دولنا وما يحظى به هذا الأمر من أولوية متقدمة لدينا وما نوليه له من أهمية قصوى، ولذلك فإننا نسعى، وكلنا ثقة بأن هذا الأمر يشكل هدفاً مشتركاً للجميع، إلى تجسيد التعاون الثلاثى بيننا ووضعه موضع التنفيذ على أرض الواقع من خلال الشروع فى تنفيذ حزمة المشروعات الاستراتيجية التى تم الاتفاق عليها، وذلك مع إدراكنا للظروف الراهنة المرتبطة بتفشى جائحة كورونا وما صاحبها من إجراءات احترازية وتداعيات اقتصادية.
أصحاب الفخامة،
وتأكيداً على إيمان مصر بوجوب التعاون والتكاتف بين بلداننا الشقيقة، فإننى أنوه فى هذا الصدد إلى أن مصر تضع إمكاناتها الطبية لدعم أشقائها لمواجهة الحالة الوبائية الاستثنائية التى يمر بها العالم أجمع، وأنها مستمرة فى هذا النهج انطلاقاً من مسئولياتها وإيمانها بدورها إزاء أشقائها.
من ناحية أخرى، تعد هذه القمة فرصة جيدة لاستمرار التشاور والتنسيق بيننا حول أهم قضايا المنطقة، فى ظل التطورات الدولية والإقليمية المتلاحقة، والتى تستلزم التعاون المشترك لمواجهة التحديات والأخطار المشتركة، خاصة مع ما نشهده من تدخلات إقليمية مرفوضة تسعى للهيمنة وتهدد الأمن القومى العربى وتستهدف الدول العربية، وهو الأمر الذى يدعونا إلى التكاتف وتوحيد الصف العربى والعمل على تعزيز الدور العربى فى الأزمات المختلفة فى منطقتنا.
وارتباطاً بما سبق، أشير إلى خطر عانينا منه جميعاً ومازال ماثلاً أمامنا يستهدف دولنا وشعوبنا ويحتاج إلى بذل المزيد من الجهود المشتركة لدحره، وهو الإرهاب والفكر المتطرف، وأشيد هنا بما حققه العراق الشقيق من انتصارات ضد هذا الخطر.
دولة رئيس الوزراء، جلالة الملك،
أود فى هذه المناسبة أن أثمن مواقفكما الداعمة لمصر فيما يتعلق بحقوقها المائية وهو الأمر الذى يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأمن القومى العربى، ويشكل جزءاً من الحقوق المائية العربية بشكل عام، وفى هذا الصدد فإن مصر من جانبها تؤيد الحقوق المائية للعراق وللأردن فى مواجهة التحديات الماثلة أمامهما، وترى أن الحقوق العربية المائية تعد مكوناً أصيلاً من مكونات الأمن القومى العربى، مما يتطلب التنسيق والتعاون فيما بيننا للحفاظ عليها.
فيما يخص الشأن الليبى، فإن مصر تسعى للتوصل لتسوية سياسية بناء على مخرجات قمة برلين وإعلان القاهرة وقرارات الشرعية الدولية، ودعمت المفاوضات التى تضم جميع الأطراف الليبية برعاية الأمم المتحدة، وصولاً لاتفاق لجنة الحوار الوطنى الليبى فى جنيف واختيار رئيس الوزراء ورئيس المجلس الرئاسى ثم تشكيل الحكومة الليبية المؤقتة، وهو ما يشكل فى مجمله خطوة مهمة على الطريق السليم، إلا أننا نؤكد على صعوبة تحقيق الاستقرار المرجو دون إنهاء كل التدخلات الخارجية فى ليبيا، وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة، مع ضرورة استمرار احترام وقف إطلاق النار، وصولاً للانتخابات الليبية فى ديسمبر المقبل.
على صعيد الملف السورى، نعيد التأكيد على موقفنا القاضى بعدم إمكانية حل الأزمة السورية عسكرياً، وأن هناك حاجة للتوصل لحل سياسى يُنهى العمليات العسكرية والتدخلات الخارجية ويحقق المطالب المشروعة للشعب السورى مع ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة واستقلال الأراضى السورية، وحماية مؤسسات الدولة من الانهيار، وفى هذا الإطار، تدعم مصر جهود التسوية السياسية للأزمة فى إطار عملية جنيف ووفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254 وجهود المبعوث الأممى.
من ناحية أخرى، فإن مصر تواصل جهودها فى دعم القضية الفلسطينية ذات الأولوية باعتبارها قضية العرب المركزية، عاملة على تثبيت وقف إطلاق النار بين الجانبين والذى نجحت الجهود المصرية فى التوصل إليه، وإطلاق جهود السلام مُجدداً وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وحل الدولتين بهدف إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ولذلك شهدت القاهرة زخماً خاصاً فى الشهور الماضية اتصالاً بهذا الموضوع عبر اجتماعات الجامعة العربية وغيرها، فضلاً عن جهود التقريب بين الأشقاء الفلسطينيين لإتمام المصالحة فيما بينهم صوناً لقدرة الشعب الفلسطينى على استعادة حقوقه عبر وحدته وتضامنه.
وختاماً، أود أن أتوجه بالشكر مجدداً لأخى دولة رئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى، على هذه الاستضافة الكريمة، ولأخى جلالة الملك عبد الله بن حسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة على المشاركة فى هذه القمة الناجحة بإذن الله، كما يسعدنى أن أعبر عن تطلع مصر لاستضافة القمة المقبلة إيماناً منها بأهمية هذا التعاون المشترك.