أنا المرشد.. ! سيظل ذلك هو العنوان الأمثل والأكثر ترجمةً لذلك الواقع الذى عشناه جميعًا فى يوم 30 يونيو 2013، وخلال الأيام التى جاءت بعده، نعم لقد خرج الشعب إلى شوارع وميادين مصر كلها يقولون بملء الفيه "أنا المرشد«أنا صاحب الأمر، أنا الحدوتة، أنا كلمة السر، أنا البداية والنهاية».
قبل أن تغرب شمس 30 يونيو كنت فى موعد عمل بالدقى، حاولت العودة فى اتجاه ميدان التحرير، لكن كان الأمر أشبه بالمستحيل حال فكرت فى ركوب سيارة، لأنه ببساطة كان شارع التحرير على امتداده حتى ميدان الجلاء مرورًا بالأوبرا وكوبرى قصر النيل حتى ميدان التحرير، ليس فيه مكان لسير أى سيارة أو حتى دراجة، فقد كان ممتلئًا بالناس الذين نزلوا إلى الشارع كأمواج متدفقة من كل حدب وصوب، رافعين الأعلام مرددين يسقط.. يسقط حكم المرشد، مسيرات حاشدة تتحرك بكل سلمية وإلى جوارها سيارات الشرطة التى تحمى الناس وتتحامى فيهم، فلا عنف ولا اعتداء على أى من رجال الشرطة ولا مساس بأى سيارة شرطة تسير بالجوار على عكس ما كان يحدث من قبل.
وهذه المرة نزل الشعب إلى الشارع مدركًا لما حدث فاهمًا وواعيًا لكل ما كان يدور ويخطط له، نزل ليوقف ويتصدى لهذا الإعصار الإخوانى الذى أراد أن يلتهم مصر فى «كرش» سحيق يعتليه لحية كاذبة.
نزل الشعب فى أعداد تجاوزت الثلاثين مليونًا غير الذين كانوا يجلسون فى بيوتهم وقلوبهم وعقولهم مع من فى الشوارع، وهم دون مبالغة بقية الشعب المصرى كله دون قلة قليلة ممن انخدعوا وانجرفوا وراء أفكار فى ظاهرها خير الدين وباطنها الشر الدفين.
صيحات تزلزل كل أركان المحروسة ويصل صداها إلى مشارق الأرض ومغاربها، يسمعها العالم كله، ليعرف أن هناك فى مصر ثورة حقيقية يحركها شعب أراد استرداد وطنه ووقف وراءه جيش سانده ودعمه وحماه من أجل أن يتحقق هذا الحلم النبيل.
مشاهد هذا اليوم لن تزول من الذاكرة أبدًا فقد وصلت من الدقى إلى التحرير فى ثلاث ساعات دون أن أشعر بالوقت، تستقبلنى فى الميدان نسمات ونفحات ورائحة الوطن المسترد التى تملأ الأجواء، وهتافات تزلزل الوجدان، تصحى الأمل من جديد وتحطم كل أحلام وأطماع من أرادوا سرقة هذا الوطن.
عشت يا «30 يونيو» حيًا فى ذاكرتى وذاكرة الوطن إلى الأبد، تذكرنا بيوم مجيد وسعيد فى حياتنا وتذكرهم بيوم جحيم ووعيد وقهر وهزيمة.
عشت يا «30 يونيو» يومًا خالدًا تحرك فيك الشعب بثورة فساندها الجيش والشرطة، وبدأوا معًا مسيرة الخلاص والتخليص وراء قائد عظيم وضع روحه فداءً لوطنه، وعاهد الشعب أن يجعله «قد الدنيا» وقد صدق وأوفى بوعده وعهده، وها نحن على أعتاب جمهورية جديدة قوية الأركان حاضرها عزة ومستقبلها قوة ..عشت يا «30 يونيو».
حفظ الله الجيش.. حفظ الله الوطن