هل شاهدت فيلما باكستانيا من قبل؟ إن كنت من متابعي الأفلام الهندية فربما شاهدت فيلما باكستانيا دون أن تدري، فهي نفس اللغة، وتحتوي أيضا على أغاني ورقصات وقد يكون لها نفس الأسماء وإن اختلفت المواضيع، الفرق أن الأفلام الباكستانية تعكس الثقافة الإسلامية والعادات والتقاليد الشرقية التي تتماشى مع روح الإسلام.
السينما الباكستانية تعرف باسم "لولي وود" وتنتج أفلاما باللغة الأوردية وهي لغة الغالبية من أهل باكستان كما تنتج أيضا أفلاما باللغة الإنجليزية وبعض اللغات المحلية الأخرى.
ويعتبر عام 2020 /2021 عام ركود للسينما في باكستان حيث عرض فيلم باكستاني يوم 28 فبراير 2020وهو نفس اليوم الذي تم تسجيل أول حالة للإصابة بفيرس كوفيد 19 في باكستان ومن وقتها أغلقت دور السينما، وعندما تفتح كانت تعمل بقوة تشغيل من 40 الى 50% من القاعة.
وتبدأ قصة "لولي وود" من الهند قبل التقسيم حيث كانت لاهور مدينة بها كثير من إستديوهات السينما وبعد عام 1947 أصبحت لاهور مدينة باكستانية، وعانت السينما في باكستان - بعد تقسيم الحدود مع الهند - من ضعف الإمكانيات وقلة المعدات بالإضافة إلى انتقال كثير من الممثلين والمخرجين وصناع السينما إلى بومباي في الهند وهنا يجب أن نذكر الفنان "نذير أحمد خان" الذي كان ممثلا هنديا ناجحا وكان لديه استديو في بومباي احترق في أعمال الشغب التي اندلعت خلال التقسيم، فهاجر إلى باكستان بصبحة صديقه "قادر" الذي انتقل إلى لاهور مسقط رأسه، وباع كل ممتلكاته من أجل إنشاء شركة إنتاج في باكستان وأصبح كلاهما رائدين في صناعة السينما في باكستان.
وفي عام 1948 تم عرض فيلم "تيري ياد" وهو أول فيلم تم تصويره في باكستان، وتعد فترة الخمسينات والستينات فترة إزدهار في تاريخ السينما الباكستانية حيث كانت باكستان من ضمن قائمة الدول الأكثر إنتاجا للأفلام كما لاقت الأفلام الباكستانية إقبالا من الجمهور الباكستاني حيث استمر عرض فيلم "دو آسو" و"هماري باستي" لأكثر من 25 أسبوعا في دور العرض محققين اليوبيل الفضي وساعد على ذلك أن الحكومة الباكستانية قامت بحظر عرض الأفلام الهندية لأول مرة وكان ذلك عام 1965.
وفي أواخر السبعينات ومع تولي محمد ضياء الحق حكم باكستان، تعرضت السينما لإخفاقات بسبب إغلاق الكثير من دور السينما وفرض قوانين للرقابة كما تم فرض ضرائب كثيرة على الصناعة ما أدي إلى قلة إنتاج الأفلام الروائية وتراجع الصناعة واستمر هذا التراجع سنوات طويلة وساعد على ذلك حوادث الإرهاب التي تقوم بها الجماعات المتطرفة من حرق دور السينما واستهداف الفنانين؛ ورغم ذلك أنتجت السينما الباكستانية أفلاما لاقت رواجا في ذلك الوقت داخل باكستان وخارجها منها فيلم "نكاح" عام 1998 وهو قصة رومانسية بين شابين من طبقتين اجتماعيتين مختلفتين.
وتشارك السينما الباكستانية في المهرجانات السينمائية الدولية وكان آخرها مشاركتها في مهرجان القاهرة السينمائي عام 2020 بفيلم "موجول ماوكلي"، ويحكي قصة مغني الراب الباكستاني البريطاني المقيم في نيويورك الذي يستعد لتحقيق حلمه، وفى أول جولة له حول العالم، يصاب بمرض خطير يفسد عليه خططه وأحلامه.
كما حصل الفيلم الباكستاني "زندجي تماشا" على جائزة مناصفة مع مخرج هندي في مهرجان "باسان" السينمائي عام 2019 الذي يقام في كوريا الجنوبية، وهي المرة الأولى التي يحصل فيها فيلم باكستاني على هذه الجائزة وكان من المقرر عرض الفيلم في باكستان عام 2020، ولكن ألغي العرض بسبب اعتراض حزب سياسي ديني مع تحذير المسئولين أن عرضه قد يؤدي إلى اضطرابات.
أما فيلم "عبر النهر" يعتبر نموذج لتجربة شبابية، فقد أخرجه شباب تخرجوا من جامعة لاهور الهندسية بميزانية صغيرة للغاية، إلا أنه حصل على ثلاث جوائز رئيسية في مهرجان السينما العالمي في الولايات المتحدة الأمريكية هذا العام، وهي أفضل مخرج وأفضل ممثلة وأفضل فكرة وفقا لموقع مهرجان نيويورك الدولي، وتدور القصة حول محنة عائلة في شمال باكستان.
أما فيلم "من أجل الله" والذي تدور أحداثه حول صراع الثقافات بعد أحداث سبتمبر 2001 وشارك في المسابقة الرسمية في مهرجان القاهرة عام 2007، هذا الفيلم يعتبر أول فيلم باكستاني يعرض في الهند وحقق نجاحا كبيرا وكان فرصة ليتعرف الجمهور الهندي على الحياة في باكستان، والفيلم رسالة للعالم أن باكستان دولة ضد الإرهاب.
وعن جرائم الشرف يأتي "فتاة في النهر وهو فيلم وثائقي يحكي عن فتاة تزوجت دون موافقة أهلها فقتلها والدها وألقى بها في النهر بمساعدة عمها ولكنها تنجو وتسعى لتقديم أبيها وعمها للعدالة، وقد رشح الفيلم لجائزة الأوسكار عام 2016 وآثار ضجة كبيرة كان من آثارها أن وعد رئيس الوزراء وقتها باتخاذ موقف صارم لمكافحة تلك الممارسات التي لا تنتمي إلى الدين ولا إلى الثقافة الباكستانية.
وأخيرا ومن الأفلام الجديرة بالذكر فيلم "كاف جانجا" إنتاج عام 2019 والفيلم يحكي عن قصة حب بين فتي باكستاني وفتاة هندية يتقابلان في الجولة النهائية في مسابقة خارج موطنهما وتفوز الفتاة الهندية بالجائزة بالإضافة إلى رحلة إلى مدينة لاهور وهنا تبدأ قصة الحب بينهما، وبالرغم من أن الفيلم لم يلاقي استحسان النقاد فنيا، إلا أنهم رحبوا بالفيلم كمحاولة للرد على الأفلام الهندية التي تعرض أفلاما لقصص حب بين شباب هنود وفتيات من باكستان من وجهة نظر هندية ويرى النقاد أن هذه الأفلام من هذه النوعية هي فرصة لعرض الحياة والقيم الباكستانية لمواجهة الدعاية ضد الدولة.
واليوم يحاول المنتجون حل مشكلة التمويل وهي العقبة الرئيسية أمام السينما الباكستانية وقد نجحوا بالفعل في جلب بعض الشركات من خارج باكستان للمشاركة في التمويل لإنتاج الأفلام.. فهل تصبح "لولي وود" منافسا قويا لجارتها "بوليوود"؟ هذا ماسوف تجيب عنه السنوات القادمة.