دولة 30يونيو.. صانعة القرار فى المنطقة

دولة 30يونيو.. صانعة القرار فى المنطقة30 يونيو

مصر29-6-2021 | 15:19

تحركات الدولة المصرية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، جعلت العالم يدرك أن مفاتيح حلول قضايا منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا تبقى فى عهدة مصر، والتي أصبحت قوة إقليمية تتحكم في رسم سياسات المنطقة وتحمي مصالحها في أي مكان.. حيث حققت السياسة الخارجية انطلاقات تعزز وترسخ ثقل مصر ودورها المحورى إقليميًا ودوليًا واستعادة مكانتها ودورها لصالح شعبها، واستمد نجاح أداء الدبلوماسية زخمًا إيجابيًا من رؤية القيادة السياسية للحقائق الدولية والإقليمية وتحديدها الواضح للأهداف، والتفاعل المباشر والواضح على المستوى الرئاسي مع القضايا الإقليمية والدولية كافة، إدراكًا لكون تحديد صانع القرار السياسي للأهداف والمبادئ التي تحكم تحركات السياسة الخارجية أهم عناصر نجاحها.

بروز الدور الإقليمى لمصر نتيجة انحيازها للقانون الدولى وللاستقرار ولمصلحة الشعوب العربية والحفاظ على الدولة الوطنية، وهى ترجمة لقوتها الداخلية المتنامية فى كل المجالات، كما أن الرئيس السيسي حرص فى صياغة السياسة الخارجية على مبادئ ثابتة واضحة جدا للمجتمع الدولي، مبادئ تدعو للاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة والبناء والتنمية والرخاء للشعوب وللإنسانية جمعاء، وهي مبادئ تدعو للحفاظ على مقدرات الشعوب والحفاظ على موارد الدول والتعامل فقط مع الجيوش الوطنية لا المنظمات أو الميليشيات والحفاظ على حدود الدول ووحدة أراضيها بعيدًا عن التقسيم والتفتيت.

وتدير مصر علاقاتها مع دول العالم من خلال الشراكة وليس التبعية، حيث رسخ الرئيس السيسى ثوابت السياسة الخارجية التي تقوم على ندية واحترام متبادل وشراكة وقرار وطنى مستقل، وهي محددات السياسة الخارجية التى رسمها الرئيس السيسي فى خطاب التنصيب فى يونيو 2014، والذي أكد فيه أن مصر بما لديها من مقومات يجب أن تكون منفتحة فى علاقاتها الدولية، وأن سياسة مصر الخارجية ستتحدد طبقا لمدى استعداد الأصدقاء للتعاون وتحقيق مصالح الشعب المصرى، وأنها ستعتمد الندية والالتزام والاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية كمبادئ أساسية لسياساتها الخارجية فى المرحلة المقبلة، انطلاقاَ من مبادئ السياسة الخارجية المصرية، القائمة على دعم السلام والاستقرار فى المحيط الإقليمي والدولي، ودعم مبدأ الاحترام المتبادل بين الدول، والتمسك بمبادئ القانون الدولي، واحترام العهود والمواثيق، ودعم دور المنظمات الدولية وتعزيز التضامن بين الدول، والاهتمام بالبعد الاقتصادي للعلاقات الدولية، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للغير.

ثمار السياسة الخارجية

حصدت مصر بقيادة الرئيس السيسي ثمار سياستها الخارجية الجديدة بالحصول على مقعدٍ غير دائم فى مجلس الأمن وترؤس لجنة مكافحة الإرهاب بالمجلس، وترؤس القمة العربية، والجمع بين عضوية مجلس السلم والأمن الإفريقي ورئاسة لجنة رؤساء الدول والحكومات الإفريقية المعنية بتغير المناخ، واختيارها لرئاسة الاتحاد الإفريقي كما توثقت علاقات مصر بدول العالم وقواه الكبرى.

ثمار تعكسها أنظار العالم التى تتجه صوب مصر دومًا كلما تصاعدت حدة الأزمات والقضايا التى تشهدها المنطقة أو عندما يبحث المجتمع الدولى عن صوت الحكمة لإدراك الجميع أن الحلول لابد أن تمر عبر القاهرة وقيادتها.

ومن هذا المنطلق جاءت الزيارات الخارجية المتعددة والمنسقة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي، على مدى السنوات الماضية وحرصه على المشاركة فى القمم والمحافل الإقليمية والدولية بخلاف زياراته الثنائية لدول العالم لتصب فى مصلحة مصر سياسيا واقتصاديا بل فى مصلحة محيطها الجغرافى انطلاقا من المسئولية التى حملتها مصر على عاتقها منذ فجر التاريخ.

وبرزت جليًا فى هذا الإطار المواقف الثابتة التي تتبناها السياسة الخارجية المصرية، خاصة حيال القضايا الإقليمية فى الشرق الأوسط وعلى رأسها الاوضاع فى سوريا وليبيا واليمن والعراق.

القضية الفلسطينية

تظل القضية الفلسطينية تحتل مكانتها على رأس الأولويات المصرية، للإيمان المصري الراسخ بحق الشعب الفلسطيني فى الحصول على حقوقه المشروعة المسلوبة وإقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

ومنذ انتخابه لم يأل الرئيس السيسي جهدا من خلال اتصالاته الدولية واجتماعاته مع قادة العالم وأيضا زياراته الخارجية، فى التأكيد على ضرورة حل القضية الفلسطينية حلًا عادلًا وتشديده على ضرورة اتخاذ التدابير كافة، من قبل المجتمع الدولي لإنهاء هذا الصراع وتمكين الفلسطينيين من العيش بحرية وكرامة، وأيضا تشديده على استعداد مصر لبذل الجهود كافة فى هذا الإطار.

وجاء التدخل المصرى الفعال خلال الحرب الأخيرة التى شهدها قطاع غزة لتحقيق الهدنة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ليعطى شهادة نجاح وتفوق للسياسة الخارجية التى يقودها الرئيس السيسى.. حيث كشفت تلك الأحداث إخفاق كل القوى الكبرى والإقليمية المعنية فى وقف النار لتتمكن مصر من التوصل إلى الاتفاق لوقف إراقة دماء الأشقاء الفلسطينيين، وهو الأمر الذى عكس مجددا قدرة وقوة مصر على ممارسة التأثير والنفوذ على كل أطراف النزاع.

جهود مضنية بذلتها مصر واتصالات مكثفة مع كل الأطراف المعنية لوقف معاناة الشعب الفلسطينى وضمان تمتعه بحقوقه المشروعة تكللت بالنجاح فى وقف إطلاق النار، ولم تقف مصر عند هذا الحد بل وبتوجيهات من الرئيس السيسي قامت مصر بفتح معبر رفح لنقل المصابين من أبناء الشعب الفلسطيني لتلقي العلاج، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، كما أعلن الرئيس السيسي عن تخصيص ٥٠٠ مليون دولار لإعادة إعمار قطاع غزة.

وتواصل الدولة المصرية الدفع قُدماً بالموقف المصري الثابت من القضية الفلسطينية، ودعم كل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، وذلك فى كل الاتصالات مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، وكذا داخل المحافل الدولية استنادًا إلى القرارات الأممية والمرجعيات الدولية ذات الصلة، فضلاً عن مساندة دور المنظمات الإقليمية والدولية الداعمة للحقوق الفلسطينية.

وتهدف السياسة المصرية إلى خلق المناخ الملائم والأرضية المناسبة بغية الدفع بإعادة إحياء عملية السلام على أساس حل الدولتين والمبادرة العربية للسلام ومقررات الشرعية الدولية ذات الصلة، وصولاً إلى استعادة الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة دولة فلسطينية مُستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

خط أحمر

لم تأل السياسة الخارجية المصرية جهدا لوضع نهاية لمعاناة الشعب الليبى الشقيق، وتحركات مُكثفة للدولة المصرية مثّلت نقطة تحول فارقة فى مسار الأزمة الليبية، عبر «إعلان القاهرة» الذي أعاد لُحمة معسكر الشرق الليبي، وكان بمثابة دعوة صريحة للتمسك بالحل السياسي للأزمة ووقف العمليات والتصعيد العسكري، وهو ما أكد عليه رئيس الجمهورية خلال خطابه فى قاعدة «سيدي براني» العسكرية الذي تضمن تحديد الخط الأحمر المصري (سرت/الجفرة) داخل ليبيا، الأمر الذي أعقبه قيام مصر بتكثيف الاتصالات والاجتماعات مع كل الأطراف الإقليمية والدولية المعنية للبناء على المساعي المصرية، وكذلك مع العديد من الأطراف الليبية لحثهم على العودة للمسار التفاوضي من أجل التوصل لتسوية شاملة للأزمة الليبية والتصدي لكل أشكال التدخلات الخارجية الهدّامة بها.

وكانت مصر قد وضعت الأزمة المريرة والأوضاع المتردية التي شهدتها الشقيقة ليبيا، فى مقدمة أولويات سياستها الخارجية، نظرا لعمق العلاقات التاريخية والاستراتيجية التي تربط البلدين، وهو ما أكدته القاهرة من خلال مبادرتها التي سبق أن أطلقتها وعبرت فيها عن موقفها الثابت والواضح من تطورات الأوضاع فى ليبيا، والتي ارتكزت على ثلاثة مبادئ تكمن فى احترام وحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، عدم التدخل فى الشئون الداخلية لليبيا، الحفاظ على استقلالها السياسي، علاوة على الالتزام بالحوار الشامل ونبذ العنف.

استعادة الاستقرار

واستضافت مصر وعقدت العديد من الاجتماعات مع مختلف الأطراف الليبية، خاصةً البرلمانيين الليبيين، وكذا القوى الإقليمية والدولية المعنية بالأزمة فى ليبيا، فضلاً عن المشاركة بالمؤتمرات الإقليمية والدولية حول ليبيا، بهدف تناول الجهود المصرية الرامية لاستعادة الأمن والاستقرار هناك، والانخراط فى عملية برلين فى إطار السعي نحو إيجاد حل شامل يتضمن التعامل مع كل عناصر الأزمة الليبية من النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية وغيرها، وبما يسمح بالتوصل إلى تسوية مُستدامة للأزمة، ويُحافظ على وحدة ليبيا وسلامة أراضيها، بالإضافة إلى تنظيم مؤتمر لزعماء القبائل الليبية بهدف التوصل إلى حل سلمي يدعم الاستقرار ويسهم فى دفع جهود التنمية والتعاون فى شتى المجالات، فضلا عن محاربة الإرهاب. وفى إطار حرصها على العمل على استعادة الأمن والاستقرار فى ربوع ليبيا، قامت مصر بتشكيل اللجنة الوطنية المعنية بالأزمة الليبية.

أضف تعليق