في السابع عشر عام 1973 تتوحّد الكلمة العربية.. ويولد من قلب الأمّة العربية نبض واحد.. وتترنّم السماء بتراتيل القومية العربية..
وعلى آذان واحد لحماية الأمن العربي.. وتقديراً للدمّ المصري الطاهر.. الذى ينثال بصكّ الشهادة على رمال سيناء الذكيّة.. يجتمع الصفّ العربي..
ويصدر قرار مؤتمر الكويت بتخفيض انتاجية الذهب الأسود.. ويقلّ يمقدر 5% عن معدله الطبيعي.. شهرياً.. ويتجاوز القرار إلى الاستمرار؛ حتى تنسحب اسرائيل من الآراضى المحتلة..
ويدعو منادي الجهاد لمزيد من الضغط.. ويستشعر الإخوة العرب فداحة المسئولية؛ وخطورة الأثر؛ وحمى الحرب تشتد.. وبشائر النصر في الحرب؛ والضغط السياسى بمباركة الربّ تفيض وأكثر..
وفي أول نوفمبر 1973 يجتمع الأشقاء؛ وزراء البترول العربمرّة ثانية في الكويت.. ويقرّروا تصعيد الضغط بسلاح البترول.. ويتم تخفيض الانتاج إلى 25%..
ولايتوقف الأمر عند ذلك، بل وحظر تصديره إلى أمريكا وهولندا، وكل مايساند اسرائيل وسياستها العدوانيّة.. على أن يستمر التخفيض بالنسبة 5% إلى جميع الدول المستوردة مع استمرار الحرب..
وللتاريخ؛فإن ذلك يرجع لقرار الملك فيصل بن عبد العزيز ملك السعودية الراحل ـ رحمه الله ـ وينصّ على (عدم تصدير النفط لجميع الدول الغربية التي تساند اسرائيل، ويحظر النفط على أمريكا وهولندا..!)
ويجري تخفيض انتاج النفط بنحو 340 مليون برميل تقريباً؛ اعتبارا من أكتوبر حتى ديسمبر 1973م..
وتبلغ نسبة التخفيض بمعدل 6 ملايين و209 ألف برميل في اليوم الواحد، بمساهمة ثمان دول عربية كالتالي:
ـ المملكة العربية السعودية 3 مليون و719 ألف برميل
ـ الكويت 875 ألف برميل
ـ ليبيا 600 ألف برميل
ـ الإمارات العربية المتحدة 400 ألف برميل
ـ الجزائر 277 ألف برميل
ـ سوريا 120 ألف برميل
ـ قطر 150 ألف برميل
ولاتهمّ الأرقام؛ بقدر ماتنمّ عنه من التزام عربي موّحد، وترابط أخوي؛ فهم وإدراك لخطورة الموقف على أمن الأمّة العربية والإسلامية؛ والاستجابة السريعة للشعور بإلحاح المسئولية تجاه مستقبل الأمّة العربية.. دون تشوّش المصالح الفردية.. ولا لعبة الجَزَرة المُغْرية وعصا الضغط الأمريكيّة بالحجرات المظلمة.. لعُزلة الوحدة العربية..
ويسفر ذاكّ الضغط العربى النبيل؛ عن تحرك دول أوروبا الغربية؛ غير عابئة بالسير فى ركب الولايات المتحدة الأمريكية؛ وتأييدها لإسرائيل؛ وموقفها غير الحيادى من مصر وسوريا.. ومنطقة الشرق الأوسط عموماً..
وتصدر دول أوروبا قراراً جماعياً؛ بانسحاب إسرائيل من جميع الآراضى المحتلة المصرية والسورية.. وتنحاز اليابان للعرب..
ويندفع العالم شرقاً وغرباً إلى تخزين النفط..
وأمام النقص الفعلى في الانتاج، واستمرار الحظر حتى مارس 1974، وتحكم الدول العربية في الامدادات النفطية؛ لتعزيز الضغط السياسي الحكيم، تحصد سياسة الضغط العربي ثمارها..
وتقفز أسعار البترول من دولارين و9 سنتات؛ وهو سعره في أول يونية1973 إلى 5 دولارات و12 سنتاً في 16 أكتوبر.. ثم إلى 11 دولاراً و65 سنتاً في أول يناير 1974م..
وهو الأمر الذى جعل الكاتب الغربي (إيجال آلون) يقول في كتابه (ستار على الرمال):
(بأن العرب أداروا معركة البترول باستراتيجية واعية..!)
وكان من أطلق شرارتها، وملك زمام الأمر، ومنحها الحصانة والقوّة؛ ومدّها بروح الاستمرارية؛ هو ـ رحمة الله عليه ـ الملك فيصل بن عبد العزيز.. الذي صرح من خلال جملته المشهورة؛المزدان تاريخ العرب بتسجيلها:
ـ إن مانقدّمه هو أقلّ القليل؛ مما تقدّمه مصر وسوريا؛من تقديم أرواح جنودها في معارك الأمّة المصيريّة..
وإننا قد تعوّدنا على عيش الخيام.. ونحن على استعداد للرجوع مرّة أخرى، وحرق آبار البترول بأيدينا، ولاتصلّ إلى أيد أعدائنا..)
رحم الله القائد الحكيم.. وأعاد للأمّة العربيّة رُشد بصرها وحكمة ويقين بصيرتها..
وكلّ عام ومصر والأمّة العربية دوام نصر..
يارب..
* الكاتب
- بكالوريوس اعلام – قسم صحافة – جامعة القاهرة مايو 1985م.
- عمل بجريدة الوفد 86 – 88 .
- عضو اتحاد الكتاب .
- عضو النقابة العامة للصحافة والإعلام .
- محرر صحفى بالشركة العربية لخدمات المعلومات الرياض 1989 – 1991 م .
- مدير القسم الصحفى – الملف رقم واحد ( دار البيان للدعاية والإعلان ) الرياض 1991 – 1993 م .
- مسؤول الإعلام ( دار طوايق للخدمات الإعلامية والنشر والتوزيع ) الرياض 1991 – 1993 م .
- مدير التحريرمجلة ( بتروبل ) سابقاً .
- حالياً مدير عام مساعد بالاعلام ( شركة بترول بلاعيم ) .