وَلَيَالٍ عَشر

الرأى9-7-2021 | 14:35

بارك الله لكم فى قدوم أول العشر من ذى الحجة.. فمن رحمة الله بالعباد أن فاضل بين الأوقات، فاختار منها أوقاتًا خصها بمزيد من الفضل وزيادة الأجر، ليكون ذلك أدعى لشحذ الهمم والتسابق فى الخيرات، والتعرض للنفحات، ومن هذه الأوقات الفاضلة الأيام العشر الأوائل من ذى الحجة.. وهى أيام أقسم الله عز وجل بها فى القرآن الكريم، والله تعالى لا يقسم إلا بشىء عظيم، قال الله تعالى: "وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ"، والمقصود بالليالى العشر، العشر من ذى الحجة على الصحيح مما ورد عن المفسرين والعلماء.

وهى أيام ينتظرها الكثيرون لصيامها حتى يوم عرفة اقتداء بسُنّة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهى أيام فضّلها الله وميّزها بالعديد من الفضائل شحذًا للهمم والعزائم، وسعيًا لزيادة الأجر، إذ تجتمع فيها أمهات العبادات من صلاة وصيام وحج، ولا يكون ذلك فى غير العشر الأوائل من ذى الحجة، والتى تشمل أفضل الأيام وهو يوم عرفة وهو يوم الحج الأكبر الذى تُغفر فيه الذنوب وتُعتق فيه الرقاب من النار، ومنها أيضًا يوم النحر.

والعبادة فى العشر الأوائل من شهر ذى الحجة أفضل من العبادة فى أى وقت آخر، حتى إن العبادة من صلاة وصيام وذكر وصدقة فى هذه الأيام أفضل من الجهاد فى سبيل الله، فمن حديث ابن عباس رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، يعنى أيام العشر)، قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد فى سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد فى سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشىء.

وقد دل هذا الحديث على أن العمل فى الأيام العشر هو الأفضل فى الدنيا من غير استثناء شىء منها، وإذا كان أحب إلى الله فهو أفضل عنده.

وقد روى فى حديث ابن عباس رضى الله عنهما: "هذا زيادة والعمل فيهن يُضاعف بسبعمائة"، وقد ورد فى قدر المضاعفة روايات متعددة منها أن صوم كل يوم من العشر يعدل سنة.

وكان النبى صلى الله عليه وسلم لا يدع صيام تسع ذى الحجة، وقيام ليالى العشر مستحب، واستحباب الإكثار من الذكر فيها دل عليه قول الله عز وجل: " وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فى أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ" هى أيام العشر عند جمهور العلماء.

وعن ابن عمر رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "ما من أيام أعظم ولا أحب إليه العمل فيهن عند الله من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد".

ولا ننسى أن يوم عرفة هو يوم إجابة الدعاء، وهذا ما أخبرنا به النبى صلى الله عليه وسلم حيث قال: "خير الدعاء، دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلى لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير".

والراجح أن الدعاء يوم عرفة عام وليس خاصًا بمن كان فى عرفة، لأن الفضل خاص باليوم وليس بالمكان، ويميز من كان فى عرفة أنه قد جمع بين فضل المكان والزمان، ومن لم يستطع الحج يستطيع أن ينال الثواب والأجر الكبير من خلال العمل الصالح كصوم يوم عرفة، فقد روى عن قتادة أن النبى قال: "صيام يوم عرفة احتسب على الله أن يكفر السنة التى قبله والسنة التى بعده".

والعتق من النار فى يوم عرفة لجميع المسلمين من وقف بعرفة ومن لم يقف به، فلا طلعت الشمس ولا غربت على يوم أفضل منه، فيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يدعو بالخير إلا استجاب الله له ولا يستعيذ من شىء إلا أعاذه الله منه، والأرجح أن هذه الساعة بعد العصر، والله تعالى أعلم.

اللهم برحمتك التى وسعت كل شىء، نسألك أن تغفر ذنوبنا وتستر عيوبنا وتيسر أرزاقنا وأن تحسن أخلاقنا وتشفى مرضانا وترحم موتانا وتوفقنا لما تحبه وترضاه يا أرحم الراحمين.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2