«مذكرات عمر الشريف.. والنوم مع الغرباء».. كتاب جديد يضع النجم السينمائي العالمي بين السياسة والفن

«مذكرات عمر الشريف.. والنوم مع الغرباء».. كتاب جديد يضع النجم السينمائي العالمي بين السياسة والفنصورة الغلاق

فنون14-7-2021 | 14:48

ـ المنتج مصطفى العقاد تصور أنني أستغل ضد وطني، ولم يعلم أنني وضعت نفسي دائما للاستغل لصالح وطني.

ـ توقفت نهائيا عن لعب البريدج (القمار) لأنه استنزف كثيرا من حيات وأموالي وصحتي، وجعلني أتنازل وأقبل أعمالا فنية دون المستوى.

ـ أحببت الملك فاروق، وتحفظت على حكم عبد الناصر، ودعمت أيام السادات، وفرحت بالثورة على مبارك، وحزنت بوصول الإخوان للحكم، ورحبت وشجعت ببيان 3 يوليو.

صدر حديثاً كتاب "مذكرات عمر الشريف.. والنوم مع الغرباء" للكاتب الصحفي والباحث السياسي "السيد الحراني" عن دار زين للنشر والتوزيع في 300 صفحة من القطع الكبير.

يستعرض الكتاب حياة النج السينمائي العالمي عمر الشريف على لسانه من خلال المصادر الإنجليزية والفرنسية والعربية سواء كانت لقاءات تليفزيونية أو إذاعية أو صحفية أو كتب صدرت على لسانه أو عنه.

ويطرح السيد الحراني المعلومات في سياق وقالب مختلف عما كتب ونشر من قبل عن الشريف حيث وضع علاقة عمر الشريف مع (الغرباء) في الميزان، وقيم من خلالها سلوكه تجاه زوجته وأبنائه وأحفاده وعائلته وأصدقائه، والمقربين له، وانتهى إلى وضع تحليل دقيق لتلك العلاقات التي احتلت فيها النساء مساحة كبيرة من حياته.

لذلك جاء النصف الثاني من عنوان الكتاب صادم ومباشر (النوم مع الغرباء) وصفه المؤلف أنه نتيجة طبيعية لحياة عمر الشريف التي اتصفت بالبزح والمرح، وأيضا تكريمًا للروائي الراحل "بهاء عبد المجيد" صديق المؤلف والذي كان نشرت له رواية تحمل هذا الاسم عن دار أكتب للنشر والتوزيع، لذلك أهدى المؤلف كتابه عن عمر الشريف إلى روح عبد المجيد الذي غدرت به الكورونا واصفا روايته بأنها التي ألهمته بتلك الرؤية.

أما عن الكتاب فهو يطرح ويجيب على الكثير من الأسئلة حول الحياة الأخرى للفنان العالمي وجاء جزء منها: لماذا زار صلاح نصر رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية عمر الشريف في منزله بالزمالك؟، لماذا طلب منه رجال المخابرات في الخارج الإستغلال العاطفي لابنة أحد السياسيين العرب؟، لماذا رفض الإقتناع بجملة (من أجل مصلحة الوطن) ولم يساهم في التمهيد للتصفية الجسدية لشخصية عربية شهيرة؟.

وأيضا: لماذا وجهت له إتهامات السب والإسائة إلى شخص الرئيس جمال عبد الناصر؟، لماذا تم مقاطعة أفلامة بقرار من جامعة الدول العربية؟، لماذا طلب منه السادات العودة إلى مصر؟ وما الدور الذي لعبة في عقد اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل؟.

كما دخلت الأسئلة إلى عمق الحياة الخاصة لعمر الشريف فاستطردت حول لماذا لعب عمر الشريف البريدج (القمار) مع الإمبراطورة الإيرانية؟ وما الهدية التي قبلها من الملك الأفغاني؟ ولماذا أهداه ملك المغرب (ياسمينة)؟، لماذا ثار وغضب في وجه وزير خارجية فرنسا؟ ولماذا لعن الثورة البلشفية، وحكم النازية الهتلرية في ألمانيا؟.

كما فتح الكتاب جرح عمر الكبير حول انانيته التي اعترف بها هو بنفسه في تعامله مع حب فاتن حمامه وهجرها إلى أحضان الغرباء في أوروبا.

ويفتش الكتاب في قلب عمر الذي لم تدخله امرأة اخرى بعد فاتن، رغم كل من قابلهن وعاش بين احضانهن في الغرب.

كما يستعرض الكتاب تفاصيل تجيب على سؤال لماذا أحب الملك فاروق، وتحفظ على حكم عبد الناصر، ودعم أيام السادات، وفرح بالثورة على مبارك؟!

ويكشف الكتاب بالتفاصيل حزن الفنان العالمي عندما حكموا الإخوان مصر، ومغادرته لمصر رغم خوفه الشديد عليها وعلى شعبها، وتعاملاته مع الإخوان في هوليوود، ونيويورك، ولندن، وفيينا، وأيضا يعرض دعمه وتشجيعه لثورة 30 يونيو وبيان 3 يوليو.

يؤكد الحراني مؤلف الكتاب أن من أجل كل ذلك وأكثر .. في هذا الكتاب على لسان عمر الشريف نستعرض أسرار وتفاصيل وكواليس كثيرة وخطيرة في حياته، وأيضا نغوص في مشاعره النفسية والإنسانية وعلاقاته العاطفية والإجتماعية.. خاصة وأنه هنا يعترف بأنانيته في التعامل مع النساء، ويعترف بأمجاد البريدج (القمار)، وسباق الخيول الذان تسببا في خسارته ثروته بكاملها، مما جعله يقبل الكثير من الأعمال الفنية التي لم يرضى عنها إلا لإحتياجه للمال.

وحول تبنى الفنان للقضايا السياسية يؤكد الحراني أن عمر الشريف قال في تلك الجزئية: لا أعتقد شخصيا أن تبني فنان ما لقضية من القضايا سيعود عليها بنفع كبير حتما .. مثلا (إليزابيث تايلور) أخذت على عاتقها مهمة مكافحة الإيدز .. كما كرس (مايكل بيكادي) نفسه لقضية صربيا، فهل أدت جهودهما إلى إيقاف الحرب أو إلى تسريع وتيرة البحث عن وسيلة لمعالجة الإيدز؟.

وكي أكون أكثر صدقا لا أخفي أن بعض الشك يتسلل إلى قلبي حين أرى فنانين مشهورين يجوبون العالم مع فريق من المصورين والصحافيين، هم يبحثون من خلال نشاطهم الإنساني عن مزيد من الشهرة التي لم يعد بعضهم قادرا على الفوز من خلال أفلامهم .

إنني أعتقد أن أخطر مشكلة تهدد عالمنا هي الفقر. إنه الرحم التي تتكون فيه الأوبئة كلها من الشيوعية إلى الفاشية إلى التطرف الديني، ولابد من معالجة الفقر مصدر المشاكل، قبل أن يستطيع المرء أن يحلم بحياة أكثر سعادة.

وهذا يعني أن حملة العنف التي تعاني منها مصر ناجمة أساسا عن الفقر إن هذه الموجة التي تجتاح البلاد عائدة إلى الفقر المتفشي والتضخم الآخذ في الارتفاع، وهذا ما يجعل من السهولة بمكان أن تجنيد بعض المأجورين لزرع قنابل هنا وهناك والعبث بأمن المواطنين، لقاء إغرائهم بمبلغ من المال .. ومن الضروري أن ندرك أن الدين هو وسيلة للخلاص من البؤس، قادرة على منح المؤمن الأمل الكبير بحياة أفضل.

وعندما أعلن ارائي بمنتهى الصراحة لا أغضب من نقدها.

وأضاف عمر الشريف أنه قرأ ما كان قد كتبه المخرج السوري (مصطفى العقاد) في مواجهة ارائه التي اعلنها حيث طالبه العقاد بتحديد اتجاهه في ما أسماه القضايا القومية بعدم المقاومة وأن يلتزم عمر بموقف وألا يجعل الغير يستغله للإساءة للعرب والقومية العربية .. وأجاب (عمر الشريف داخل مذكراته مع الغرباء) قائلا:

هكذا تصور مصطفى العقاد أنني أستغل ضد وطني .. لم يعلم أنني وضعت نفسي دائما للاستغل لصالح وطني.

وضمن صراحة الإعترافات التي جاءت بها المذكرات ما جاء تحت عنوان قـــرارات اخــــيرة، حيث قال عمر:

بعد سنوات العمل الطوال من الشهرة والاغتراب أصبحت مرهقا جدا وبدأت أشعر بوحدة كبيرة بلا رفيق أو صديق أبوح له بأوجاعي، فقررت تأمين السنوات القادمة في حياتي ماليا، فقررت أن أعمل بجدية ونشاط حتى أستطيع أن أجمع أكبر قدر من العائد المادي.

وبالفعل فقد أمنت نفسي خلال السنوات الماضية تماما فقد عملت كثيرا ولم يكن لدى لحظة فراغ واحدة وادخرت جزءا كبيرا جدا من المال.

كما توقفت نهائيا عن لعب البريدج (القمار) لأنه استنزف كثيرا من حيات وأموالي وصحتي، لذلك قررت أن أكون نصف معتزل، أقبل ما هو على مزاجي وأرفض ما لا أشتهيه وأنا ظهري محمي بالأموال أطوف بها دول العالم وأذهب إلى أي مكان أجد نفسي تهفو إليه.

فمكان إقامتي الرسمي ظل دائما وابدا باريس في بيت أمتلكه منذ سنوات طويلة وأحضر للقاهرة في أوقات متفاوتة ومتقاربة كلما أشتاق إليها أعود لأنعم بالدفء في رحابها، إلى جانب أني مساهم في بعض المشروعات السياحية بالقاهرة، وهو وضع أفضل من بيع نفسي لأي جهة أو شخص ثري.

لقد مررت بمراحل عسيرة جدا في حياتي العملية جعلتني أتنازل وأقبل أعمالا فنية دون المستوى، وعندما أجد نفسي أقوم بتمثيل هذه الأعمال أفقد روحي المرحة وأعيش بشخصية غريبة وكئيبة منفرة وأجد كل أصدقائي يبتعدون عني لسوء طبعي وأخلاقي، فما أقسى وأبشع من أن يعيش الإنسان لحظات مفروضة عليه وليست باختياره لكن ما باليد حيلة ف الفن هو مصدر رزقي!.

ويبقى القول أن جملة أحلامي أن أنعم براحة البال ولا يصادقني القلق والتوتر مرة أخرى، فلقد تعبت من أن ألهث خلف الأمان للحصول عليه.

مرة اخرى لقد نلت شهرتي الحقيقية في مصر قبل سفري وانطلاقي للعالمية، فشهرتي المصرية جعلتني أشعر بمهنتي الثقة بالنفس والسعادة فماذا أريد أكثر من ذلك؟

فقد مثلت أفلاما حققت شهرة عظيمة وعالمية .. وحظيت بجوائز عديدة واشتركت في مهرجانات لا تعد ولا تحصى أي أني حصلت على ما يطمع فيه الفنان وزيادة .. إن تمنى أكثر من ذلك إنما هو الطمع والأنانية والنرجسية إذ يكفيني فخرا واعتزازا أني لم أنطلق إلى العالمية ولم أبحث عنها وإنما السينما العالمية هي التي سعت إلي وهي التي أخذتني إليها وقدمت إلي كل المساعدات.

وكل واحد من أفلامي له مزاياه المختلفة التي تجمع بين الحسن والسيء، لم أكن قط راضيا عن أي منها كل الرضى .. خاصة أنني أرى بوضوح جوانبها الجيدة والرديئة، وككل الممثلين أراقب نفسي عن كثب حين يعرض أحد أفلامي على شاشة التليفزيون، وعادة لا أعير الممثلين الآخرين أي اهتمام، لانشغالي بمراقبة أخطائي ولا تزعجني هذه الأخطاء لأني أعتبرها دروسا أطمح إلى الاستفادة منها، فأحرص على تذكرها دوما كي لا أكررها مرة أخرى .

ووراء كل فيلم عظيم مخرجا مبدعا هو أهم من الممثل.

وهناك أراء يجب الأخذ بها ففي السينما لا يجب على الإنسان أن يأخذ أكثر مما يستحق فيها وإلا أصبح عبئا على مشاعر الجمهور .. فالسينما تجارة يحكمها قانون العرض والطلب ولا يوجد واقع يجعل المنتج أو شركات الإنتاج تلهث خلف نجم بدأ يفقد بريقه.

وقال السيد الحراني أنه كتابه عن عمر الشريف مزود بقائمة مفصلة بالمصادر المختلفة الذي لجأ إليها المؤلف، وملاحق بأسماء وتواريخ إنتاج الأعمال التي قدمها عمر الشريف على الشاشات العربية والعالمية، وأيضا أهم الجوائز التي حصل عليها، وصور خاصة من المهد إلى اللحد.

الجدير بالذكر أن السيد الحراني، تخرّج في كلية الإعلام بجامعة القاهرة، كاتب صحفي وباحث سياسي وروائي مصري، صحفي بمؤسسة أخبار اليوم، وعضو لجنة الإعلام بالمجلس القومي للمرأة، وعضو سابق بلجنة رصد مخالفات وسائل الإعلام بالهيئة الوطنية للإعلام.

عمل بالعديد من الصحف المصرية من بينها «الفجر، البوابة، مصراوي، المصري اليوم، الوطن، الأهرام، أخبار اليوم».

قام بكتابة مذكرات «الدكتور مصطفى محمود»، و«الدكتور سعد الدين إبراهيم»، و«الدكتور رفعت السعيد»، ورجل الأعمال «أحمد الريان» بعد خروجه من السجن، والمفكر «جمال البنا»، و«الفنانة ماجدة الصباحي»، و«الفنانة فاتن حمامة»، و«الفنان نور الشريف».

قدم برنامجًا تليفزيونيًّا باسم «مسافر بين الشك واليقين».

له العديد من المؤلفات، من بينها: رواية «مارد»، «الجماعات الإسلامية من تانى»، «الفيلسوف المشاغب»، «الوثائق المجهولة للإخوان المسلمين»، «ملعون أبو الواقع»، «فلسفة الموت»، و«الإخوان القطبيون».

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2