القاهرة كانت دائما حاضرة وفاعلة.. وثائق وأسرار المصالحة الوطنية الفلسطينية

القاهرة كانت دائما حاضرة وفاعلة.. وثائق وأسرار المصالحة الوطنية الفلسطينيةالقاهرة كانت دائما حاضرة وفاعلة.. وثائق وأسرار المصالحة الوطنية الفلسطينية

* عاجل9-10-2017 | 23:09

كتب: عاطف عبد الغنى

مساء - الاثنين 9 أكتوبر 2017- حل على القاهرة ضيوف أعزاء، من وطن شقيق، اسمه فلسطين، ووسمه فى القلب جرح، جاءوا من رام الله مقر الحكم الفلسطينى ومعقل فتح رمز المقاومة التاريخى، وصحبتهم أشقائهم من غزة المحاصرة تحت جمر المعاناة، المخنوقة بفعل من لا يرحم، المأزومة، المكلومة، الباحثة عن الخلاص.

جاء الضيوف الأهل إلى القاهرة، عاصمة مصر التى كانت ومازالت الحصن الأول والأخير لهم، والحضن الدافئ، والشقيق الأكبر، والملاذ الآمن، الذى تصدى لقضية فلسطين منذ أول صيحة انطلقت تحذر من ضياعها، وأول طلقة أطلقت تجاه أعدائها، ومغتصبيها.

مصر التى خاضت لأجل فلسطين وحقها السليب المعارك، وفقدت من أبنائها الآلاف من الشهداء والجرحى، وتحملت قدرها راضية، غير شاكية أو باكية، صابرة على مر سنوات طويلة تزيد على ثلاثة أرباع القرن منذ ما قبل حرب التحرير فى عام 1948، ومرورا بمعارك الانكسار، وصولا إلى معركة التحرير والكرامة التى احتفلنا بذكراها الـ (44) هذا الأسبوع.

.. هذا الأسبوع الذى شهد دخول اتفاق المصالحة الوطنية الفلسطينية مراحله الحاسمة التى تتطلب المكاشفة والمصارحة وتغليب المصلحة الوطنية، على ما عداها من مصالح.

ليست الأولى ونريدها الأخيرة

وبعد أسبوع من وصول رئيس وزراء السلطة الفلسطينية رامي الحمد الله إلى قطاع غزة وإعلانه أن الحكومة (حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية) بدأت بممارسة مهامها في غزة، جاء الضيوف إلى القاهرة ليبدأوا في القاهرة حوارا مفتوحا من المفروض أن ينتهى إلى إعلان المصالحة الوطنية الكاملة بين "رام الله وغزة" أو "فتح وحماس ومعها باقى فصائل المقاومة".

 وعلينا أن نذكّر بعض ونذكّر أنفسنا أن هذه ليست المرة الأولى ولا المحاولة الولى للمصالحة بين الأشقاء،  فهناك تاريخ لمحاولات المصالحة الفلسطينية، يجب أن نستعيده آملين أن يكتب فيه الأشقاء السطر الأخير معلنين انتهاء الخلاف والانقسام.

محطات تاريخية

بدأ هذا التاريخ على إثر فوز حركة “حماس” في الانتخابات التشريعية في مطلع عام 2006م، وتشكيلها في شهر مارس من ذات العام للحكومة برئاسة إسماعيل هنية؛ قوبلت تلك الحكومة بحصار شديد من إسرائيل التى تخوفت منها، ومن توجهاتها المتشددة، وقابلت ذلك بعرقلة عملها، وبمحاولات من قِبل السلطة الفلسطينية وحركة "فتح" للإطاحة بها ، وتجلى ذلك من خلال سحب كثير من صلاحياتها، وعبر رفض الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة التعاطي معها، ما أدى إلى حدوث صدامات في غزة بين الأجهزة الأمنية لـ "حماس وفتح".

وفي مايو  2006م كانت أولى محاولات المصالحة؛ حين أطلقت قيادات الأسرى الفلسطينيين وثيقة للمصالحة سميت لاحقاً بـ”وثيقة الأسرى” التي لاقت ترحيباً من جميع الأطراف، ومع ذلك ظل الانقسام قائما ولم تتوقف الاشتباكات المسلحة.

 في شهر فبراير 2007م ظهر "اتفاق مكة" بمبادرة من ملك السعودية الراحل عبد الله بن عبد العزيز، والذي نتج عنه تكليف رئيس السلطة محمود عباس لإسماعيل هنية بتشكيل "حكومة الوحدة الوطنية"؛ إلا أن الاتفاق فشل بعد عدة أشهر، وتجددت الاشتباكات بين مسلحي "فتح و حماس؛ لينتهي الأمر بسيطرة "حماس" على قطاع غزة في ما عُرف باسم "الحسم العسكري"، وذلك في 14 يونيو من عام 2007م.

في سبتمبر 2009م ظهرت "الورقة المصرية" التي وافقت "فتح" عليها، إلا أن "حماس" قالت إنها بحاجة إلى وقت لدراستها قبل أن تطلب إدخال تعديلات عليها، لكن السلطات المصرية رفضت الطلب، وهو ما أدى إلى تجميد الأمور من جديد.

  في أواسط 2010م عُقد لقاء بين رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" آنذاك خالد مشعل ورئيس المخابرات المصرية حينها عمر سليمان، وعلى أثره تم عقد لقاء بين "فتح و حماس" بالعاصمة السورية دمشق، وذلك في التاسع من نوفمبر 2010 م، وبالرغم من الإعلان عن جلسة جديدة أواخر ديسمبر 2010م؛ فإن اللقاء لم يعقد، وتبادلت الحركتان الاتهامات بالمسؤولية عن تعطيله.

 في شهر مايو  2011م، وعلى الرغم من انشغال القاهرة بأحداث جسام تمثلت فى تداعيات ثورة 25 يناير إلا أنها لم تتخل عن دورها تجاه الأشقاء، واستضافت القاهرة الفصائل الفلسطينية، التى وقعت على ورقة مصرية عرفت بـ "وثيقة الوفاق الوطني للمصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني"، وذلك فى حضور الأمين العام لجامعة الدول العربية – آنذاك - عمرو موسى، ووزير الخارجية نبيل العربي، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل؛ لكن على أرض الواقع لم يسفر ذلك عن شيء.

 في شهر فبراير 2012م ظهر "إعلان الدوحة للمصالحة الفلسطينية" بين "فتح و حماس" عبر اتفاق تم توقيعه بحضور أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ، مستلهما الاتفاق السابق عليه "ورقة القاهرة" ومنطلقا منه، وكان الهدف من القطرى كما أعلن وقتها تسريع وتيرة المصالحة الوطنية الفلسطينية التي لم تحدث أو حتى تتسارع.

في أبريل  2014م انعقد فى غزة اجتماعا اسفر عن ما يسمى "اتفاق الشاطئ" بين "فتح و حماس" الذى يقضى بالمصالحة بين الطرفين، والالتزام باتفاق القاهرة، والعمل على إنشاء حكومة توافق وطني تعلن خلال 5 أسابيع، وإجراء إنتخابات بعد 6 أشهر على الأقل من تشكيل الحكومة رئاسية وتشريعية وللمجلس الوطني الفلسطيني، وفي يونيو من ذات العام 2014م أدت "حكومة الوفاق الوطني"، اليمين القانونية؛ لكن الحكومة التي ضمت في عضويتها وزراء من الضفة الغربية وقطاع غزة، لم تتحرك بالشكل المطلوب، مع بروز مشكلات جديدة كأزمتَيْ الرواتب والكهرباء، في ظل تبادل للاتهامات بين الحركتين عن من يتحمل مسؤولية ذلك كله.

وفي شهر أكتوبر الحالى أعلن رئيس وزراء السلطة الفلسطينية رامي الحمد الله، من غزة، انتهاء الانقسام، فهل يكون ذلك بالفعل أم سيحال الاتفاق إلى ما سبقه فى قائمة اتفاقات المصالحة غير المتحققة ؟

ما الجديد؟

 حوار القاهرة الذى ينطلق هذا الأسبوع، سوف يناقش ما تم الاتفاق عليه من بنود فى اجتماع وفدي "حماس وفتح" مع قيادة المخابرات في مصر، والتي نتج عنها اتفاق المصالحة هذا، وتشمل هذه البنود:

 - الموافقة على دمج موظفي “حماس” على سلم رواتب السلطة وفق الورقة السويسرية.

  - رفع العقوبات عن قطاع غزة وإنهاء إجراءات الخصومات لموظفي السلطة.

- إعادة ربط كهرباء قطاع غزة بالشركة الإسرائيلية وبالشركة المصرية إلى أن يتم إنشاء محطة جديدة أو تطوير المحطة الحالية.

- فتح معبر رفح على أن يتولى حرس الرئيس داخل المعبر وأمن “حماس” خارج المعبر، وفي المعابر الإسرائيلية أيضا يطبق ذلك الاتفاق.

- إقامة منطقة تجارة حرة بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.

هذه هي البنود الخاصة بماذا سيجنيه سكان قطاع غزة التي رشحت عن الاتفاق بين مصر و”حماس” و”فتح”، والتي بناء عليها تم الإعلان عن اتفاق المصالحة الفلسطينية

السؤال الصعب

ويبقى سلاح المقاومة هو السؤال الصعب فى هذه المصالحة، والمعضلة التي، يقول العارفون ببواطن الأمور إن المفاوضات والحوارات بين "فتح و حماس" تكسرت على صخرته أكثر من مرة.

وفي هذا الشأن تحديدا هناك 5 سيناريوهات:

السيناريو الأول: ما جاء في ورقة الاتفاق بين مصر و حماس فى البند الثالث عشر الذى ينص على: "يمنع المس بسلاح المقاومة في غزة من مختلف التشكيلات العسكرية."

السيناريو الثاني: تصريح رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في حواره مع عمرو أديب، حين سأله الأخير: هل ستسلم "حماس" سلاحها لحكومة الوفاق الفلسطيني؟ أجاب هنية:

" أن السلاح هنا سلاحان؛ سلاح الشرطة وهذا سيُسلَّم للحكومة ليكون سلاحاً واحداً، وسلاح المقاومة وهذا لن يمسه أحد."

ثم عاد هنية مستدركا ليقول إن: "حماس على استعداد للتحاور مع السلطة في وضع استراتيجية هذه المقاومة، وكيف تقاوم، ومتى تقاوم، ومن يملك قرار المقاومة"

السيناريو الثالث: ويحمل هذا السيناريو قول رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، عن موضوع سلاح الفصائل بما في ذلك حماس، حيث صرح في مقابلة تلفزيونية مع قناة مصرية أنه "يجب أن يعالج (موضوع السلاح) على أرض الواقع؛ وهناك دولة واحدة بنظام واحد بقانون واحد بسلاح واحد”، مؤكداً أنه " لن يستنسخ تجربة حزب الله  في لبنان".

السيناريو الرابع: ويحمل هذا السيناريو تصريحات رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو حول اتفاق المصالحة الفلسطينية، والذي أكد فيه أن " فهمنا لهذه المصالحة بسيط جدا : اعترفوا بدولة إسرائيل وقوموا بحل الجناح العسكري لحركة حماس، واقطعوا العلاقات مع إيران التي تدعو إلى إبادتنا"

هذا هو فهم نتنياهو للمصالحة الفلسطينية – الفلسطينية، مؤكد حسب قوله: "إن هذه الخطوات واضحة جدا، ونقول هذا الكلام بشكل واضح للغاية".

وبالتأكيد فهم الفلسطنيون كلام نتنياهو الواضح الذى أراد ان يقول فيه إن  إسرائيل لن تقبل بمصالحة تهدد مصالحها.. لقد كانت هانئة آمنة بالتحارب الفلسطينى الداخلى، ويضيرها جدا أن يتصالح الفلسطنيون الآن.

السيناريو الخامس: ويحمله مبعوث الولايات المتحدة الأميركية إلى الشرق الأوسط "جيسون جرينبلات"، ولا يبعد كثيرا عما تراه إسرائيل ويراه نتنياهو عن المصالحة، حيث شدد "جرينبلات" على أن أية حكومة فلسطينية سوف تنشأ على أثر المصالحة يجب أن تلتزم بشكل لا لبس فيه باللاعنف، والاعتراف بدولة إسرائيل، وقبول الاتفاقيات والالتزامات السابقة بين الطرفين، والدخول في مفاوضات من أجل السلام".

إذاً نزع سلاح المقاومة، والاعتراف بدولة الاحتلال، هما مطلبان مهمان بالنسبة لإسرائيل وأمريكا، لكن من وجهة نظرنا أن هذا لا يجب أن يعطل مصالحة الأشقاء والدفع نحو عملية السلام التى ترعاها مصر، السلام الفلسطينى الداخلى، والسلام فى المنطقة برمتها.

 

اللواء خالد فوزى فى لقاءات ومشاورات دائمة مع الرئيس الفلسطينى محمود عباس ومعاونيه

السيسى وأبو مازن

بيان من اللواء خالد فوزى حول المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية

رئيس المخابرات المصرية اللواء خالد فوزى

يدلى بتصريحات لوسائل الإعلام أثناء حضوره اجتماعا للفصائل الفلسطينية

رامى الحمدالله رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطنى

    أضف تعليق

    إعلان آراك 2