رسائل الرئيس وانطلاق الجمهورية الجديدة
كنت أستعد لحضور احتفالية المؤتمر الأول لمؤسسة «حياة كريمة» الذى تم مساء يوم الخميس الماضى فى استاد القاهرة، وسألنى صديقى متى ستعود لكتابة حلقاتنا عن "الطريق إلى حلم وهتبقى قد الدنيا" .. أم أن ما طُرح خلال الحلقات الثلاث الماضية هو ما تحقق فقط؟ قلت له لعلنى أواصل معك الحديث هذا العدد خاصة وأن "مشروع القرن" الخاص بتطوير الريف المصرى هو جزء من الطريق إلى ذلك الحُلم.
فبادرنى متسائلًا قبل أن أغادر مكتبي: هل أنت مطمئن لما يحدث فى ملف سد النهضة، خاصة وأنه تهديد مباشر للأمن القومى المصري؟ وأنتم اليوم (يقصد الخميس الماضي) تحتفلون بإطلاق المشروع القومى لتنمية الريف المصرى "حياة كريمة".
قلت له يا صديقى كلى ثقة أن الدولة المصرية، بقيادتها وجيشها الأبي، لا يمكن أن تفرط أو أن تسمح بالمساس بالأمن القومى المصري، وجاءت كلمات الرئيس تؤكد ذلك.
فدولة 30 يونيو لديها رؤية واستراتيجية فى إدارة كافة ملفاتها بشكل متوازٍ، لقد استطاعت الدولة المصرية أن تواجه كافة التهديدات والتحديات خلال الفترة الماضية وحققت انتصارات متعددة خلقت لها حالة الاستقرار فى منطقة مضطربة والتنمية والازدهار فى منطقة تضرب بها محاولات تفكيك دولها.
تركته متجهًا إلى استاد القاهرة الدولى لحضور الاحتفال وخلال الطريق، عادت إلى ذهنى كيف استطاعت أفكار الشباب أن تغير وجه الوطن عندما وجدت دعمًا وتأييدًا واقتناعًا بها من الرئيس.
وكيف تحول حلم هؤلاء الشباب الذى بدأ فى يناير 2019 إلى حقيقة فى يوليو من نفس العام.
تلك المؤسسة التى كانت حُلم فى أذهان الشباب، انتقل إلى نموذج محاكاة الدولة المصرية خلال المؤتمر السابع للشباب، لتحتل التوصية رقم خمسة فى توصيات المؤتمر الذى استضافته العاصمة الإدارية نهاية يوليو 2019.
ولأن مؤتمرات الشباب لم تكن مثل المؤتمرات السابقة لما قبل دولة 30 يونيو مجرد احتفالات ولقاءات وجلسات حوارية وأرواق نقاش بعدها تصدر مجموعة من التوصيات لا تجد سبيلًا لها إلى الواقع، إنما الطريق الوحيد هو الأدراج، كانت توصيات مؤتمرات الشباب منذ البداية لا تعرف سوى طريق واحد تنطلق فيه مدعومة بثقة وتأييد القيادة السياسية وإيمان الدولة الجديدة بأن الشباب هم مستقبل مصر.
فقد تحققت توصيات مؤتمرات الشباب ليس انحيازًا من القيادة السياسية لتلك المقترحات لأنها صدرت عن تلك الفئة وإنما لأن ما طُرح من رؤى كان مشفوعًا بدراسات ومعلومات مدققة جاءت من الواقع، ليست معلومات تبتعد عشرات السنوات عن الحاضر.
فمنذ اللحظة الأولى لمؤتمرات الشباب، والتى جاءت كإحدى فعاليات عام الشباب 2016 لتحمل عنوانًا مهمًا «ابدع - انطلق»، كان المؤتمر الأول بمدينة شرم الشيخ بداية انطلاقة حقيقية للشباب للاستفادة من رؤى جديدة وبناء مجتمع جديد تتضافر فيه الجهود وتتكامل فيه الرؤى.
وجدت توصيات مؤتمرات الشباب السبع طريقها نحو الواقع، ولم لا وقد جاءت تلك التوصيات عقب نقاشات وورش عمل حضرها الوزراء والمسؤولون فى القطاعات والخبراء للخروج برؤية عملية متكاملة قابلة للتنفيذ.
وجاء إطلاق البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة كأحد التوصيات للمؤتمر الأول وأصبح المؤتمر أكبر منصة حوارية بين الرئيس والشباب وتحولت مؤتمرات الشباب إلى نموذج ملهم لشباب العالم فتم إطلاق منتدى شباب العالم؛ لتعتمد لجنة التنمية الاجتماعية بالأمم المتحدة فى فبراير الماضى منتدى شباب العالم كمنصة دولية.
تم إطلاق المشروع القومى لتنمية القرى الأكثر احتياجًا "حياة كريمة"، وتحقيق التكامل بينه وبين الاستراتيجية الوطنية للقضاء على الفقر ومن خلال النموذج المقدم من الشباب القائم على تحقيق التكامل بين الحكومة والمجتمع المدني.
وصلت إلى مقر الاحتفال فى الساعة الخامسة و20 دقيقة من بعد الظهر تركت سيارتى وترجلت وسط مدعوين من كافة محافظات مصر وكافة الفئات، شاهدت الشعب المصرى بأكمله يتقدم لحضور المؤتمر الأول لتلك المؤسسة التى ستغير وجه الريف المصري.
منظموا الاحتفال من شباب البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة يديرون الاحتفالية باحترافية شديدة، لم لا وقد اكتسبوا خبرات ضخمة على مدى خمس سنوات.
حالة السعادة التى شاهدتها على وجوه الحضور تنسيك أجواء الصيف وارتفاع الرطوبة، فقد أعادت الاحتفالية إلى استاذ القاهرة الحياة بعد أن غابت عنه الجماهير بسبب جائحة كورونا.
ففى الوقت الذى تعود فيه بعض الدول إلى الإغلاق بسبب المتحور من فيروس كورونا المستجد، تشاهد هذا العدد الضخم والتنظيم الرائع.. تدرك أنك أمام دولة ترسم مستقبل المنطقة.
إنها جمهورية شابة فتية قادرة على صناعة المعجزات بما تمتلكه من أفكار شبابها وخبرات الكبار وقوة علمائها.
جمهورية لا تعرف سوى لغة البناء والتنمية فى كافة قطاعاتها وعلى كافة محاورها.
جمهورية تستهدف بناء الإنسان، وتحقق له جودة الحياة.
بدأ الاحتفال بكلمة رئيس الوزراء حول مشروع "حياة كريمة" مشيرًا إلى أن تكلفة ما تم من عمليات بناء وتنمية فى الدولة المصرية خلال الأعوام السبع الماضية تجاوزت الـ 7 تريليون جنيه ليعيد رسم خريطة الدولة المصرية وتوزيع البشر عليها لتشمل التنمية كافة ربوع مصر ويتم تجنب أى مشكلات فى المستقبل.
فبعد الانتهاء من تثبيت أركان الدولة وإعادة بناء مؤسساتها وتطويرها بدأت مرحلة بناء الإنسان.
ولم يكن ذلك ليتحقق ما لم تكن هناك رؤية متكاملة ودقيقة وحلم يستند على عمل متواصل.
وهو ما يؤكد عليه الرئيس دائما "أن الدولة المصرية تحتاج إلى العمل ثم العمل ثم العمل."
عقب استعراض رئيس الوزراء لما تم من إنجاز، وما يستهدف مشروع تطوير الريف المصرى "حياة كريمة" تحقيقه خلال السنوات الثلاث والذى تتجاوز تكلفته 700 مليار جنيه، استعرض شباب "مؤسسة حياة كريمة" حكاية الحُلم وكيف بدأ؟ وكيف تحول وتطور ليصبح واقعًا ملموسًا تشهده قُرى مصر، لتبدأ مع ميلاد جمهورية جديدة فلسفتها مستندة على القوى الشاملة للدولة التى تم تطويرها.
جمهورية لا تعرف سوى البناء والتنمية من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة، لتحافظ على دوائر أمنها القومي.
ومع استعراض شباب مؤسسة حياة كريمة أسلوب إدارة العمل بالمشروع أدركت أن الثقة التى منحها الرئيس للشباب لم تكن من فراغ فالمتابعة المتواصلة لعمل المشروع وتدقيق البيانات ودراسة الحالات على أرض الواقع والتواصل مع الجماهير وغرفة العمليات التى تتواصل مع كافة نقاط العمل بالمشروع على الأرض تجعلك تدرك حجم ما تمتلكه تلك العقول من فهم لإدارة ملفات الدولة، وتطمئن للمستقبل.
ولأن بناء الانسان هو محور ارتكان الجمهورية الجديدة وصون كرامته أحد أهم أولوياتها، فقد دعا الرئيس عبد الفتاح السيسى الأستاذ محمد رشاد مصطفى، صاحب واقعة كمسرى قطار ركاب منوف طنطا، لحضور حفل مبادرة حياة كريمة.
وجاءت كلمة الرئيس عقب تكريم عدد من المتميزين فى مبادرة "حياة كريمة" تحمل عدة رسائل:
أولًا: أن الجمهورية الجديدة التى أعلن الرئيس تدشينها بحضور كافة أطياف وفئات الشعب المصري، ومن كل محافظات مصر لديها هدف وفلسفة ومنهج هو خلق حياة كريمة للشعب المصرى تليق بمستقبله وتتناسب مع حضارته الضاربة فى عمق التاريخ.
ثانيًا: الدولة المصرية دولة كبيرة، تمتلك الأدوات السياسية والقدرات الاقتصادية والقوة العسكرية التى تمكننا من إنفاذ إرادتنا وحماية مقدراتنا.
فالمساس بأمن مصر القومى خط أحمر لا يمكن اجتيازه شاء من شاء وأبى من أبى، كما أن مصر تدير علاقاتها الخارجية إقليميًا ودوليًا بثوابت راسخة ومستقرة قائمة على الاحترام المتبادل والجنوح للسلام وإعلاء قواعد القانون الدولي.
ثالثًا: لا يليق بنا أن نقلق أبدًا، فلدينا جيش قوى رشيد وقائد حكيم يزن كل شيء بميزان الذهب، فلن يقترب أحد من مياه مصر، ودعا الرئيس السيسى كلا من إثيوبيا والسودان لاتفاق قانونى ملزم بشأن سد النهضة.
رابعًا: إن عقد الاحتفالية الضخمة بهذا الشكل وفى ذلك التوقيت يؤكد أن الدولة المصرية تدير ملفاتها باحترافية واقتدار خاصة أن الرئيس ذكر خلال كلمته أن هناك خيارات عديدة مدروسة بدقة لمواجهة أى أزمات أو تهديد فلن يسمح أبدا بالمساس بأمن مصر القومي.
خامسًا: جاءت كلمة الرئيس لتطمئن الشعب المصرى وتؤكد للعالم أن مصر 30 يونيو تختلف كثيرًا عن مصر يناير 2011، وأنها تجنح للسلم لأنها لا تعرف سوى لغة البناء وإن كان الأمر غير ذلك فلكل حادث حديث.
إن المشروع القومى لتنمية الريف المصرى انطلاقة كبرى لجمهورية جديدة أكثر قوة ولا تعرف سوى لغة الكبار.