نشاط مكثف للخارجية المصرية فى بروكسل تضمن لقاءات واجتماعات متعددة جمعت وزير الخارجية سامح شكرى مع عدد من وزراء الخارجية الأوروبيين والمسئولين بالاتحاد الأوروبي، ثلاثة محاور رئيسية جميعها تصب فى صالح معارك مصر الدبلوماسية الهادفة لصون الأمن القومى المصرى وأيضا الإقليمي، حيث تضمن المحور الأول قضية سد النهضة والتى تم طرحها كقضية وجود بالنسبة للدولة المصرية.
أما المحور الثانى فهو المتعلق ببحث القضايا الإقليمية مثل القضية الفلسطينية والليبية، لهذا كان لقاء شكرى ب وزير الخارجية الإسرائيلى تأكيداً على عدم انشغال مصر عن القضية الفلسطينية حتى فى ظل عظم التحديات التى تواجهها الدولة المصرية، أيضا لقاء وزير الخارجية سامح شكرى بوزير خارجية مالطا لتنسيق المواقف بشأن القضية الليبية خاصة فى ظل محاولة سابقة لوضع مالطا كمنطقة دعم لوجيستى لدعم القوات الأجنبية الوافدة إلى ليبيا.
مصر واليونان وقبرص لقاء معتاد بين الشركاء لدعم القضايا محل الاهتمام المشترك أو على صعيد تعزيز العلاقات المشتركة وهو المحور الثالث الذى احتل نقاشات وزير الخارجية سامح شكرى بنظرائه من رومانيا وسلوفينيا وأيضا مفوضة الاتحاد الأوروبى للشراكات الدولية وغيرهم من الوزراء والمسئولين الأوروبين على قائمة لقاءات شكرى الذى التقى أيضا برئيس مجلس الاتحاد الأوروبى وسلمه رسالة من الرئيس عبدالفتاح السيسي تضمنت قضية سد النهضة والموضوعات الإقليمية محل الاهتمام المشترك وبالطبع تناولت العلاقات الثنائية بين مصر والاتحاد الأوروبي.
كما يعد اجتماع وزير الخارجية سامح شكرى بسكرتير عام حلف الناتو ينس ستولتنبرج أحد أهم محطات الزيارة، حيث تم التباحث بين الجانبين حول سبل تعزيز التعاون فى عدة مجالات من بينها مكافحة الإرهاب والهجرة غير المشروعة.
علاقات استراتيجية
كما عقد وزير الخارجية سامح شكري، خلال زيارته للعاصمة البلجيكية بروكسل، اجتماعاً مع «جوزيب بوريل» الممثل الأعلى للشئون الخارجية والسياسة الأمنية الأوروبية.
وصرح السفير أحمد حافظ المُتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، أن الوزير شكرى وبوريل أكدا خلال اللقاء على الطابع الاستراتيجى للعلاقات التى تجمع مصر بالاتحاد الأوروبي، وأهميتها فى ظل تزايد التحديات المشتركة إقليمياً ودولياً والفرص الكبيرة المتاحة للتعاون بين الجانبيّن، حيث اتفقا على تفعيل كافة آليات التعاون القائمة فى إطار اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية.
وقال أحمد رشدى، الباحث فى الشأن الإفريقى، إن الاتحاد الأوروبى يعد الشريك التجارى الأول لمصر وهو الشريك الاستثمارى الأول أيضا. والاتحاد الأوروبى له قدرات اقتصادية وأمنية وسياسية كبيرة، يستطيع من خلالها الحفاظ على حالة الاستقرار الأمنى فى القرن الإفريقى ومن ثم يتحقق الاستقرار الاقتصادى، ويضمن تدفقات السلع والخدمات من دول الاتحاد إلى إفريقيا، وكذلك تدفقات المواد الخام إلى أوروبا، وهو أمر فى غاية الأهمية فى ظل التنافسية بين التكتلات الاقتصادية الكبيرة، وجاء التحرك المصرى مواكبا لأهمية الاتحاد، وضرورة التنسيق المشترك بين مصر والاتحاد الأوروبى إزاء القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المتبادل وزيادة التبادل التجارى وجذب مزيد من الاستثمارات الأوروبية إلى مصر.
وأضاف رشدى أنه فى الفترة الأخيرة عملت مصر على جذب الاستثمارات الأوروبية، وفى مقدمتها شركة إينى الإيطالية العاملة فى مجال النفط، وكذلك شركات إسالة الغاز وتكرير البترول، وكذلك الاتفاقيات الاقتصادية مع فرنسا، واضطلاع مصر بتأسيس منتدى غاز شرق المتوسط، مؤكدًا أن هذا الزخم الاقتصادى يدعم موقف مصر السياسى والأمنى فى قضاياها الإقليمية، مصر دولة كبيرة فى دول حوض المتوسط (الدائرة الأوروبية).
وأشار الباحث فى الشأن الإفريقي، إلى دلالة لقاء وزير الخارجية سامح شكري، مع «جوزيب بوريل» الممثل الأعلى للشئون الخارجية والسياسة الأمنية الأوروبية. بأنه المعنى بالحفاظ على الأوضاع الأمنية فى النطاقات الجغرافية التى تتناول العلاقات التجارية بين مصر ودول الاتحاد الأوروبى، مؤكدًا أنها علاقات ذات طابع استراتيجي.
وأكد رشدى أن مجالات التعاون الاقتصادى بين مصر والاتحاد الأوروبى تواجه تحديات مشتركة، إقليميًا ودوليًا، منها ملف سد النهضة والهجرة غير الشرعية وظاهرة الإرهاب، وهى تحديات تقلص من الفرص الكبيرة المتاحة للتعاون بين الجانبين، وتقود من تفعيل آليات التعاون القائمة فى إطار اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية، والهادفة إلى تحقيق الازدهار لشعوب المنطقة.
وتابع رشدى، أن عرض وزير الخارجية سامح شكري، للموقف المصرى إزاء مسألة سد النهضة، أثناء لقائه سكرتير عام حلف شمال الأطلنطى (الناتو) «ينس ستولتنبرج»، جاء متماشيا مع دور الناتو فى التعامل مع التحديات الأمنية فى منطقة القرن الإفريقي. ويبرز استدعاء مصر للأطراف الدولية المعنية بالأوضاع الإقليمية فى قضية سد النهضة. بالإضافة إلى عرض الجهود المصرية فى مجال مكافحة الإرهاب والمقاربة الشاملة التى تنتهجها مصر فى هذا الإطار، مؤكداً التزام مصر بدعم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف.
وأشار إلى أن الجهود المصرية نجحت فى الحصول على دعم وزير خارجية النمسا، ألكسندر شالينبرج، الذى حذر من اللعب بالنار فى ما يخص قضية سد النهضة ومياه نهر النيل، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبى «منزعج من تصرفات إثيوبيا». ومؤكدًا أن «الأمر معقد ولا يجوز أن يلعب أحد بالنار».
وشدد ألكسندر شالينبرج على أن «مسألة المياه هى مسألة وجودية والخلافات قد تقود إلى ما لا يحمد عقباه، ونهر النيل ليس ملكا لدولة بعينها، ولا يمكن لدولة أن تتحكم فى تدفق نهر النيل». منوها إلى ضرورة الاحتكام إلى «القواعد والقوانين الدولية التى تحكم هذه الأمور، ولا يمكن لدولة أن تتحكم بمفردها فى مجريات الأمور».