الاعتراض على الامتحان!

الاعتراض على الامتحان!بهاء زيتون

الرأى25-7-2021 | 14:16

من الظواهر المؤسفة التى أصبحت مصاحبة لامتحانات الثانوية العامة الاعتراض على الامتحان من قبل الطلبة وأولياء الأمور، ووصف أسئلة الامتحانات بأنها صعبة وتعجيزية.. وأنها من خارج المقرر.. وأنها أطول من الوقت الزمنى المخصص للإجابة.. وغيرها.

وللأسف فإننى أراها ظاهرة خطيرة.. فلا يصح للذين يتم تقييمهم ومعهم أولياء الأمور التدخل فى شئون الامتحانات.. فتقييم الامتحان من اختصاص الخبراء وليس من اختصاص الذى يتم تقييمه.

هذه الظاهرة بدأت تتفشى فى الـ 35 سنة الأخيرة فأصبحنا نشاهد الصراخ والعويل من الطلبة وأولياء أمورهم عقب كل امتحان إذا لم تأت أسئلة الامتحانات على هواهم، حتى أصبح حقًا مكتسبًا لهم الاعتراض على الامتحان إذا لم يجئ على هواهم.

فعلى أيامنا عندما كنا طلبة فى الثانوية العامة فى السبعينيات لم نسمع أو نشاهد مثل هذا الكلام ولم نسمع صوتا واحدا يعترض على الامتحان أو يصفه بالسهل أو الصعب.. وإنما كنا نتعامل على أنه امتحان معمم على الجميع لا فصال فيه.

ولكن الأمور اختلفت فى السنوات الأخيرة وبدأت تعلو أصوات الطلبة وأولياء أمورهم بالاعتراض إذا جاءت بعض الأسئلة بالورقة الامتحانية غير مباشرة أو بها «لف ودوران» أو تحتاج للتفكير والفهم للتفريق بين الطالب العادى والمتميز.. وبين الطالب «الفاهم» والطالب «الحافظ».. وهذه ليست بدعة وإنما معمول بها فى جميع الدول المتقدمة، بأن تكون هناك نسبة من الأسئلة لكى تقيس المستويات العقلية العليا.

وقد ساعد على تفشى هذه الظاهرة المرضية أن وزارة التربية والتعليم هى الأخرى تعاملت مع هذه الظاهرة بأسلوب وكأن على رأسها «بطحة» بأن رضخت واستجابت لشكوى الطلبة و أولياء الأمور بحذف الأسئلة الصعبة وتوزيع درجاتها على الأسئلة الأخرى إرضاءً لهم مما أدى إلى تفريغ الامتحان من مضمونه ومن الهدف منه وهو قياس قدرات الطلاب التحصيلية ومدى فهمهم وكذلك التفريق بين الطالب العادى والمتميز.

وما جعلنى أتوقف عند هذه الظاهرة ما أعلنه د. طارق شوقى وزير التربية والتعليم – مؤخرًا – عن تصحيح عينة عشوائية لمادة اللغة العربية (علمى) والتى اشتكى منها بعض الطلاب.. مما يعنى أن الوزارة مستمرة فى سياسة إرضاء المجتمع على حساب الامتحان ومواصفاته!!

وكأن المفروض أن تأتى الامتحانات على طريقة «ما يطلبه المستمعون» بأن نسأل الطلبة عن نوعية الأسئلة التى يحبون أن تأتى فى الامتحانات (!!).. وإذا كان الأمر كذلك.. فما لازمة الامتحانات إذًا؟!

فالامتحانات لم توضع اعتباطًا وإنما وضعها خبراء وفق معايير ومواصفات.. ومستويات صعوبة مدروسة للتمييز بين الطالب العادى والمتميز.. وهذا معمول به فى دول العالم.. وإلا فلن يكون للامتحانات أى لازمة..

فإننى أعتبر الامتحانات بمثابة حكم المحكمة الذى لا ينفع فيه التعقيب أو الاعتراض.. فهل يمكن لمجرم أو مرتكب جريمة أن يعترض على حكم المحكمة؟.. بالطبع لا.

عمومًا إذا كنا نريد إصلاح حال التعليم والمنظومة الامتحانية فإن علينا أن نودع موضة الاعتراض على الامتحانات.

أضف تعليق