كشف تقرير صادر عن الإدارة المركزية للاحتياجات و مواد البناء التابعة ل وزارة الإسكان عن ارتفاع أسعار مواد البناء والتشطيب فى يونيو الماضى، مقارنة بالشهور الماضية، تراوحت الزيادات من 13 إلى 51%.
ولا شك أن زيادة أسعار مدخلات صناعة العقارات ستؤثر على زيادة أسعار العقارات خلال الفترة القادمة، فالحديد الذى يبلغ سعر الطن منه نحو 15 ألف جنيه كان سعره 8 آلاف جنيه منذ عامين، ما يعنى زيادة بلغت 90%.
والنحاس كان سعر الطن 4 آلاف دولار وصل إلى 9500 دولار بزيادة 120%، وسعر طن الأسمنت يراوح الألف جنيه، كما أن تكلفة العمالة ارتفعت أيضا، ولا نُغفل ارتفاع أسعار الأراضى والذى يتم تسعيره من قبل الحكومة، فالأرض والحديد والعمالة كلها شهدت ارتفاعًا وبالتالى ستحدث تغييرات فى الأسعار كنتيجة مباشرة لهذا الارتفاع.
qqq
أسعار الوحدات السكنية ارتفعت لأضعاف ما كانت عليه قبل برنامج الإصلاح الاقتصادى، ونلاحظ كلنا الكثافة العالية لإعلانات العقارات فى التليفزيون وإعلانات الطرق ومواقع التواصل الاجتماعى والصحف، وكلها أو معظمها "كمباوندات" تابعة لشركات تطوير عقارى كبرى.. هذه الإعلانات الكثيفة تعكس حالة المنافسة الحادة بين هذه الشركات على اجتذاب العميل القادر على دفع مبالغ كبيرة، وملاءة مالية تستطيع دفع الأقساط المرتفعة لشراء وحدة سكنية فى هذه "الكمباوندات".
وقد وصلت حدة المنافسة للبيع بدون مقدم والتقسيط الذى تصل مدته إلى 10 سنوات.
أسعار العقارات التى ركبت الصاروخ جعلت المليون جنيه لا تشترى شقة مساحتها 100 م2 داخل كمباوند.
لذلك شهد السوق حالة من تراجع المبيعات بل فالركود بسبب تزايد الأسعار بشكل يفوق قدرة المواطنين على الشراء وسداد الأقساط.
وقد أثار ارتفاع أسعار العقارات بشكل مبالغ فيه، ودخول الحكومة بمشروعات سكنية كبرى المخاوف من تعرض القطاع العقارى لحالة ركود طويل.
ويظل المصريون فى الخارج هم الطلب القوى الذى ينقذ سوق العقارات لأن مدخراتهم بالعملة الصعبة – بعد التعويم – تمكنهم من الشراء بالأسعار الحالية، ويجدون فى شراء العقارات استثمارًا آمنًا لمدخراتهم، هذه الشريحة التى تشترى للاستثمار وتعتبر العقار مخزنا للقيمة فى المشروعات الجديدة كالعاصمة الإدارية والعلمين والمنصورة الجديدة وغيرها من المشروعات بمختلف مساحاتها، هذه الشريحة هى رمانة الميزان للسوق العقارى تسبب الرواج عند إقبالها على الشراء أو الركود عند إحجامها عن الشراء.
هذه الفئة تعيد حساباتها بعد المبالغة فى الأسعار، لأن المطورين العقاريين يبيعون الآن بأسعار 2030، نجيب ساويرس وهشام طلعت مصطفى يبيعون متر الشقق بالتقسيط بسعر يصل إلى 30 أو 40 ألف جنيه حسب نوعية التشطيب، وهذا هو سعر "الكاش" الذى سيكون عليه سعر المتر بعد 10 أعوام.
يعنى حضرتك هتشترى الآن بالتقسيط على 8 سنوات أو 10 سنوات، وعند استكمال سداد ثمن الوحدة، وعندما تريد بيعها لن تربح، لأن حضرتك تريد بيعها كاش بسعر السوق ساعتها، يعنى حضرتك اشتريت الترام.
فالمطور العقارى هو الرابح الأول والأخير وليس المستثمر الصغير الذى يريد أن يحقق ربحًا من شراء شقة بالتقسيط وبيعها بعد سنوات من أجل تحقيق ربح، فالعقار الذى كان وعاءً ادخاريًا استثماريًا تحول إلى وهم على يد المطورين الكبار، ولم يعد سوق العقار مجديا أو جاذبا للمستثمرين الصغار.
وقد أصبح هناك ضرورة لوجود دراسات تسويقية واقتصادية حقيقية للمشروعات العقارية الجديدة ولمستقبل القطاع العقارى من جانب هيئة المجتمعات العمرانية والمطورين العقاريين، لضمان عدم تأثر هذه المشروعات بأى متغيرات طارئة قد تحدث فى المستقبل، وحتى نجنب الاستثمار فى هذا القطاع أى مخاطر طارئة.