مروة محمود وأمثالها !

مروة محمود وأمثالها !أميرة خواسك

الرأى1-8-2021 | 23:29

فى معرض «ديارنا» الذى يقام فى الساحل الشمالى كنت أتجول بين العارضين، حتى توقفت أمام بعض المصنوعات الخشبية الجميلة، كانت الفتاة البائعة التى تقف عند هذا الجناح تبدو كأى فتاة مصرية مكافحة، لكنها تتسم بحماس وأمانة، انتقيت قطعتين وكان بإحداهما خدش بسيط، وحين لمحت الفتاة ترددى قالت لن تجدى له أثر بعد دقائق سأعالجه فورا. استجبت لها وتجولت لبعض الوقت وعدت لها فوجدتها تقوم بنفسها بطلاء القطعة بالكامل وتمسك بها وتقلبها وتصلح العطب كأفضل أسطى!

حين أبديت دهشتى فقد توقعت أنها بائعة فقط، لكنها تحمست وهتفت وهى تفتح صور وڤيديو على هاتفها وتدعونى لمشاهدتها: انظرى هذه وأنا أقف فى الورشة الخاصة بي! دهشت مرة أخرى وقلت هل أنت من تصنعين هذه القطع ؟!

لم أستطع أن أتركها وأذهب فقد كان فضولى قد وصل إلى منتهاه، وأخذت أطرح عليها الأسئلة وهى تجيب وتحكى وتستفيض، مروة تحمل دبلوم تجارة ومتزوجة من أسطى نجار مسلح ماهر فى حرفته تزوجا بعد جهاز وفرح وديون، عاشا حياة هادئة مستورين يسددان ديون زفافهما، وقد رزقهما الله بفتاة ملأت حياتهما الهادئة، حتى جاء يوم وسقط زوجها من على السقالة ليصاب بكسر فى الحوض وإصابات أخرى فى الساق والظهر، وما بين التردد على المستشفيات والعمليات الجراحية وما يترتب على مثل هذه الحوادث تراكمت الديون مرة أخرى، وكان على مروة الفتاة الصغيرة أن تتحمل مسئوليتها وتعيل الأسرة، نزلت إلى العمل ورزقها الله بسيدة فاضلة هى السيدة سامية مصطفى وهى عضوة بأحد نوادى اللوينز، وقد شجعتها على تعلم حرفة صناعات من الأخشاب، وقد تلقت عدة دورات تدريبية حتى أتقنتها ثم فتحت ورشة صغيرة، بمساعدة جهاز تنمية المشروعات الصغيرة، وهى الآن يعمل معها زوجها وأربعة عشر سيدة يتدربن معها هن وأطفالهن فى ورشتها، وقد استطاعت المشاركة فى الكثير من المعارض والتصدير للخارج، ووصل آخر ما صدرته إلى ست آلاف قطعة.

لم تكن السنوات سهلة، ففى هذه الأثناء زاد عدد أسرتها وأصبح لديها ثلاثة أطفال، وواجهت الكثير من المتاعب والاتهامات والطعنات لا يتسع المقام لذكرها.

الحقيقة أننى لم أترك مروة تلك السيدة الصغيرة إلا وأنا أشعر باحترام شديد وتبجيل لهذا النموذج الرائع الفاخر لأى سيدة مصرية وهن بالملايين يعملن ويكافحن ويصمدن أمام عواصف الزمن، ويقفن وراء الزوج كحائط صد وراء كل ما يواجهه، هذه هى النماذج الحقيقية وهذه هى القاعدة للمرأة المصرية المحترمة، وهذا أيضا نموذج يرد به على كل من يريد تشويه صورة الزوجة المصرية بحصرها فى دور القاتلة لزوجها، أو المدللة أو المستهترة أو الأنانية، ولهؤلاء أقول: اتقوا الله وابحثوا عن مروة وأمثالها.

أضف تعليق