أصبح مسلسل «ميل العقارات» فى الإسكندرية أحد الظواهر الملحوظة والمألوفة فى السنوات الأخيرة، حيث اعتاد الإسكندرانية على ميل أحد العقارات بين الحين والآخر.. وكان آخرها ميل عقار بمنطقة الأنفوشى رابع أيام عيد الأضحى الماضي، مكون من 17 طابقا والمبنى فى عام 2016؛ أى إنه مر على بنائه 5 سنوات فقط، مما أعاد للأذهان الكثير من وقائع ميل العقارات التى شهدتها الإسكندرية مؤخرًا، ولعل أشهرها وأبرزها عقار الأزاريطة المائل فى عام 2017 والذى كان شبيهًا فى ميله ببرج إيفل المائل واستغرق حوالى أسبوعًا لهدمه نظرًا لملاصقته لعقارات مجاورة له، ثم تبعه ميل عقار كوم الشقافة بغرب الإسكندرية فى فبراير الماضى.. لتصبح الإسكندرية شهيرة بمدينة العقارات المائلة!!
وإحقاقًا للحق فهى كلها عقارات تم بناؤها عقب ثورة يناير 2011 وما شهدته من فوضى فى البناء.. ولكن ما لا أعرفه لماذا اختصت هذه الظاهرة محافظة الإسكندرية دون غيرها من المحافظات الأخرى؟!
بالتأكيد «فيه حاجة غلط» هناك.. وإن كنت أرى أن السبب الرئيسى وراءها هو تفشى الفساد فى المحليات والأحياء «بزيادة شويه» فى الإسكندرية، حيث أصبح بالمال تستطيع أن تشترى ذمم المسئولين عن تراخيص البناء بالأحياء والتجاوز عن المخالفات «على عينك يا تاجر».. والذى كان من نتاجه ما نشهده حاليًا من مخالفات صارخة فى البناء ومنها «ميل العقارات».
فالفساد قد استشرى فى الأحياء بشكل مخيف فى الـ 35 سنة الأخيرة حتى تجاوز الركب ووصل إلى حد «الحلقوم» وبحيث إذا أردت أن تقضى أى مصلحة أو خدمة فى أحد الأحياء فإن عليك أن تدفع من «تحت الترابيزة» حتى تستطيع أن تنجز المصلحة.
فقد ثبت أن السبب الرئيسى وراء ميل العقار الأخير عدم قدرة الأساسات على تحمل الأحمال.. وهذا ما أكدته اللجنة الهندسية التى تم تشكيلها لمعاينة العقار المائل والوقوف على أسباب ميله.
وما استفزنى أنه تم إلقاء القبض على مالك العقار ولم يتم القبض على رئيس الحى الذى تم فى عهده بناء هذا العقار، وكذلك المهندس الذى أعطى ترخيص البناء.. فأين كانت المحافظة والحى من أن الأساسات لا تقدر على تحمل الأحمال.. ولماذا أغمضوا أعينهم وتركوا هذه المخالفات حتى وصل الأمر إلى «ميل العقار».
فمسلسل «ميل العقارات» لن ينتهى أو يتوقف مادام الفاسدون والمرتشون موجودين دون رقابة ودون عقاب.
وحتى نكون جادين.. فإن الأمر يحتاج لوقفة جادة وحازمة بإعادة النظر فى منظومة المحليات من أولها لآخرها وأن يكون اختيار رؤساء الأحياء - على الفرازة - ممن يتمتعون بالنزاهة واستبدال الموظفين القدامى بالأحياء بدماء أخرى جديدة تتمتع بالنزاهة مع تفعيل الدور الرقابى عليهم وعلى الأحياء.