بالطبع سيمثل إعلان الرئيس السيسي عن تحريك سعر رغيف الخبز المدعم فرصة ثمينة لهواة التسخين والشحن الجماهيري فالأمر لا يحتاج إلى جهد أن تصرخ وتقول " حتى رغيف الغلبان ما سبهوش" وبالطبع ليس هناك من سيدخل السرور على قلبه أي زيادة في نفقاته لكن الرئيس السيسي على عهده مع المصريين وأنه لن يحل مشكلات مصر إلا المصريون أنفسهم وبالفعل قطع المصريون مع الرئيس السيسي مشوار ضخما نحو ترشيد الدعم وإعادة توجيه أمواله لإحداث تغيير حقيقي في حياة الملايين التي كانت تظن أن تضخم فاتورة الدعم نوع من الحنو لكنها سرعان ما أدركت أنها محاولة تسكين يلجا إليها مرتعش يعجز عن إيجاد الحلول لعلاج أمراض متوطنة تستنزف اية موارد تحققها الدولة وبالتالي تبقى دائرة الفقر ويتفاقم عجز الدولة يوما بعد يوم إلى الوصول إلى حد الانفجار والدولة الفاشلة التي يتطلع إليها أعداء مصر وحينها لن تجد رغيفا لا مدعوما ولا غير مدعوم.
وحين استخدم الرئيس السيسي جملة "حان الوقت" كانت عبارة غاية في الدلالة أي أن المصريين اليوم أكثر قدرة على فرز الخطاب البناء من نظيره العاطفي المزيف و باتوا على قدر من الوعي والتفهم لهذا التحرك ويستوعبون تحت مظلة الثقة التي أظلتهم خلال الأعوام الثمانية الماضية أننا سائرون على طريق صعب لكنه الخيار الوحيد لكي تكون للمصريين دولة قوية قادرة على تلبية مواطنيها تؤمن لهم ولأبنائهم مستقبلا لأجيال مقبلة.
وقبل أن نصاب بتشتت الخطاب العاطفي المنتظر لمحاولة التعمية على القرار لأهداف سياسية نعرفها جميعا وبات المصريون يفهمونها جيدا اليوم
من الممكن أن نختلف على أسلوب التعامل مع تخفيف اعباء فاتورة دعم الخبز لكننا جميعا نتفق على أنها لا يجب أن تستمر كما هي الآن ولأن الأرقام هي اصدق الحديث عند مناقشة دوافع أي قرار اقتصادي فقد كشفت دراسة أن المتوسط العام لاستهلاك المواطن للخبز هو 3.66 رغيف يوميًا، وأن أكثر من ثلث المسجلين في بطاقات الخبز هم أطفال أقل من 10 سنوات والثلث هم مواطنون أكثر من 50 سنة، ولا يمكن أن يكون الطفل يستهلك 5 أرغفة خبز في اليوم إذن هناك هدر في أموال دعم الخبز تحتاجه بنود أخرى في ميزانية الدولة التي نجحت من خلال استبعاد غير المستحقين تقليل قيمة دعم السلع التموينية ورغيف الخبز في موازنة العام المالي 2020/2021 لتبلغ نحو 84.5 مليار جنيه في مقابل 89 مليار جنيه خلال العام المالي 2019/2020 بانخفاض 5%. ويبلغ دعم الخبز بموازنة 2020/2021 نحو 42.6 مليار جنيه للمستفيدين البالغ عددهم 65.3 مليون فرد مستفيد بواقع 5 أرغفة للمواطن يوميا، تتحمل الدولة 3.2 مليار جنيه فرق نقاط الخبز.
إذن نحن أمام بئر تبلع كل مورد للدولة في منظومة دعم للخبز الذي لم ينل رضا المواطن من حيث جودته ووزنه ويشترى المواطن ذات الرغيف بخمسين قرشا واحيانا بجنيه من المخابز الخاصة باريحية تامة وقناعة أن هذه هي تكلفته الحقيقية إذن اين المفاجأة ولماذا الضجيج؟!
بالطبع سينطلق الضجيج بدعوى حماية الفقراء وأن رغيف العيش هو قوت الغلبان وغير ذلك من العبارات التي يرددها تجار الدقيق المدعوم المهرب ويرددها أيضا دعاة الفوضى من أصحاب المليارات الذين لم يشهدوا في حياتهم الرغيف أبو خمس قروش ولا يعرفون ما هو شكل طابور العيش في الأساس
وإلى هؤلاء الزاعقين تزعمون أن الدولة تتخلى عن الفقراء وأقول لكم كذبتم فإن مثل هذه الإجراءات ما اتخذت إلا للحفاظ على الدولة التي مازالت هي المظلة الأبرز بل الوحيدة في حماية الفقراء ومحدودي الدخل وتعالوا نذكركم ونذكر أنفسنا .. برنامج تكافل وكرامة يضم 3.6 مليون أسرة تضم حوالي 15 مليون فرد بدعم 18.5 مليار جنيه لعام 2019/2020 .
هل نسيتم دعم الاسكان الاجتماعي الذي ارتفع من 3.9 مليارجنيه عام 2019/ 2020 إلى 5.7 مليار جنيه عام 2020/2021 بزيادة تبلغ 1.8 مليار جنيه
أيضا مبادرة سكن كريم التي استهدفت تحسين الأوضاع السكنية والمعيشية والبيئية و تحسين المؤشرات الصحية للأسر المستفيدة الذين يتلقون معاش تكافل وكرامة في المناطق الفقيرة والمحرومة من الخدمات كذلك المبادرة الإنسانية الأعظم حول العالم حياة كريمة التي تستهدف مرحلتها الأولى 600قرية في عشرين محافظة بما يقرب من 60 مليون مواطن تتغير حياتهم إلى الأفضل .
وكيف لنا أن نتجاهل البرنامج القومى لحماية الاطفال والكبار بلا مأوى
الذي انطلق عام 2017 في 10 محافظات ويضم المزيد أيضا برنامج حماية حيث اهتمت الدولة بالعمالة غير المنتظمة ورصدت 100 مليون جنيه لتوزيع شهادات “أمان” تذكروا أيضا برامج الرعاية الصحية لغير القادرين وزيادة دعم التأمين الصحي والادوية وعلاج غير القادرين علي نفقة الدولة لتصل الي 10.6 مليار جنيه .
نذكر هذا ليس من باب المنة على الشعب المصري فهذا حقه وإن جاءه متأخرا لكن نذكره لنؤكد ان مع تنامي قدرة الدولة المالية تستطيع أن تعالج وجع عقود مضت وأن تكون حاضرة حضورا حقيقيا لمساندة الفئات الأولى برعايتها فلا تزايدوا علينا ولا تضللوا بسيطا يرى الصورة ناقصة فينبني له وعي مزيف أول ما يدمر يدمر حاضره ومستقبله.
إن المرض العضال يلزمه دواء مر أما الاكتفاء بالمسكنات وغض الطرف طلبا للبقاء في منصب أو التمتع بشعبية مزيفة لم يكن يوما هدفا على اجندة الرئيس السيسي بل يرى الرئيس ان التصرف بغير هذا السلوك مع مزمنات الاقتصاد المصري نوع من الخيانة وتضييع الأمانة فلا تتاجروا بعقول البسطاء فإن دور الطبيب أن يصف الدواء حتى ولو كان مرا وغير ذلك خيانة دفعنا ثمنها لعقود مضت.