تقارير دولية تؤكد: الاقتصاد الإثيوبى..الصعود إلى الهاوية

تقارير دولية تؤكد: الاقتصاد الإثيوبى..الصعود إلى الهاويةتقارير دولية تؤكد: الاقتصاد الإثيوبى..الصعود إلى الهاوية

عرب وعالم8-8-2021 | 21:27

تشهد إثيوبيا حالة غير مسبوقة من تراجع مؤشرات الأداء الاقتصادي، نتيجة الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي تعانيها البلاد، انعكاسا لاتساع دائرة الصراعات العرقية المسلحة وما يصاحبها من تدمير البنية التحتية وشلل لحركة الإنتاج فى كافة القطاعات.


وبحسب تقارير صادرة عن مؤسسات التصنيف الإئتماني الدولية، ومنظمات دولية معنية بمراقبة وتحليل النشاط الاقتصادي للدول، وإحصائيات رسمية صادرة عن جهات حكومة إثيوبية وتصريحات كبار المسئولين فى حكومة آبي أحمد، وتقارير الصحف الإثيوبية، أدت الأوضاع الاقتصادية المضطربة التي تشهدها البلاد إلى تراجع غير مسبوق للتصنيف الائتماني، وتهاوي للعملة واتساع نشاط السوق السوداء، وأزمات فى القطاع المصرفي، علاوة على ارتفاع معدلات التضخم، وإغلاق المصانع، وتجميد حسابات شركات متعددة الجنسيات، وتعطل 95% من التجارة البحرية، وخلل منظومة التجارة غير الساحلية، وتقلص واردات السياحة وقطاع الطيران.

أشارت التقارير أيضا إلى أن هذه الأوضاع أدت إلى ارتفاع جنونى للأسعار، وعجز الجهات الحكومية عن الوفاء بالتزاماتها الخدمية للمواطنين رغم التحصيل المسبق لرسوم الخدمات، مشددة على أن الأزمة تجاوزت الـتأثيرات الاجتماعية إلى تقليص التواجد الدبلوماسى الإثيوبى إلى أقصى درجة ممكنة لتقليص النفقات.


أكدت وكالة بلومبرج الأمريكية، عبر عدد من التقارير التحليلية لتطورات الصراعات المسلحة فى إثيوبيا، وانعكاساتها السلبية على الاقتصاد الإثيوبي، أن اتساع نطاق الصراعات المسلحة فى إثيوبيا، والتى تجاوزت منطقة تيجراى لتشمل مناطق أخرى فى ولاية عفر المجاورة والعديد من المناطق الأخرى، أدت إلى تدهور اقتصاد البلاد ونقص الإنتاج بمعدلات مثيرة للقلق والمخاوف على المستوى الدولى.


ولفتت الوكالة إلى أن العنف المسلح فى شمال إثيوبيا أجبر 54 ألف شخص على الفرار من ديارهم فى ولاية عفر، إلى جانب نزوح أكثر من مليونى شخص منذ بداية اندلاع الحرب فى تيجراى فى نوفمبر الماضي.


خفضت وكالة التصنيف الائتمانى العالمية «فيتش» تصنيف إثيوبيا من B إلى CCC بسبب تعثر إثيوبيا عن سداد ديونها الخارجية، وغياب أى مؤشرات تدل على وجود آليات لمواجهة هذا التعثر، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن تضطر إثيوبيا إلى دفع 5 مليارات دولار أمريكى على ديونها الخارجية المستحقة التى تبلغ حوالى 30 مليار دولار أمريكى بحلول عام 2022 مقابل ضخ 3 مليارات دولار أمريكى من الاحتياطيات الأجنبية فى القطاع المصرفى، خاصة فى البنك المركزى الإثيوبى.


وأكدت وكالة فيتش للتصنيف الائتمانى فى تقريرها الصادر مؤخرًا أن حالة من الغموض غير المسبوق التى تهيمن على الاقتصاد الإثيوبي، جاءت نتيجة لتفاقم حدة الصراعات الإثيوبية المسلحة.


ووصفت الوكالة الدولية، الإجراءات التى اتخذتها الحكومة الإثيوبية، لوضع حلول للمشكلات الاقتصادية، بالمتأخرة والمحدودة وأن نجاحها مرهون بتسوية الصراعات المسلحة، وهو الأمر المستبعد بحسب مراقبين، وتتضمن هذه الإجراءات الموافقة على موازنة السنة المالية 2021-2022، وبيع الحكومة ترخيصًا للهاتف المحمول فى مايو الماضى مقابل 850 مليون دولار أمريكى إلى كونسورتيوم بقيادة شركة Safaricom، بهدف تعزيز تدفقات النقد الأجنبى وإطلاق الحكومة أيضًا مناقصة لبيع حصة 40٪ فى شركة Ethio Telecom المملوكة للدولة، لقد تأخرت كثيرًا هذه الخطوات لفتح قطاع الاتصالات، لكنها تشير إلى إمكانية الإصلاح الاقتصادى الإيجابى إذا أمكن احتواء التحديات السياسية.


السوق السوداء


حذرت وسائل إعلام إثيوبية من أزمة تقلص تدفقات النقد الأجنبى وتأثيرها على العملة الإثيوبية (البر)، مؤكدة أنها فى حالة سقوط حر نظرًا لاتساع نشاط السوق السوداء، حيث انخفضت إلى ما يصل إلى 55 برا لكل دولار أمريكى خلال الأسابيع الأخيرة.
وحذر الإعلام الإثيوبى من استمرار أزمة العملة، خاصة فى ظل ارتفاع معدل التضخم السنوى الذى يتراوح ما بين 25% إلى 30%، واتجاه منحنى الاستثمار المحلى والأجنبى المباشر نحو الانخفاض، فضلا عن التوقعات بتضاؤل الاحتياطيات الأجنبية خلال الأسابيع والأشهر المقبلة.


تعطل حركة التجارة


قطع الطرق بين جيبوتى و أديس أبابا بسبب النزاعات العرقية المسلحة أدى إلى تعطل 95% من تجارة إثيوبيا البحرية، ويهدد بتدمير البنية التحتية وشرايين التجارة الرئيسية ل إثيوبيا الدولة الحبيسة التى تعتمد على ميناء جيبوتى فى 95 ٪ من تجارتها البحرية، هذا ما أكده معهد الدراسات الأمنية ومقره بريتوريا بجنوب إفريقيا ولديه أفرع فى نيروبى بكينيا و أديس أبابا بإثيوبيا.


وأضاف المعهد أن الأمور لم تتوقف عند هذا الحد بينما أدى قطع الطرق بين أديس ابابا وجيبوتى إلى إحداث خلل فى منظومة الصادرات والواردات الإثيوبية غير الساحلية، مما ينعكس سلبيا على توفير احتياجات المواطنين الضرورية، ويؤدى أيضا إلى شلل فى حركة المصانع نظرا لعدم توافر مدخلات الإنتاج ، مما أدى لأزمات شديدة فى قطاع الصناعة ومعاناة المصانع ، بما فيها مصانع المعادن والمنسوجات، من أجل استمرار حركة سير العمل مع صعوبة استيراد المواد الخام ، وأدت هذه الأزمات إلى خسائر فادحة بالمستوردين أجبرتهم على تعليق رحلات الأعمال للموردين الرئيسيين فى الصين، المسئولة وحدها عن ربع الواردات الإثيوبية.


تراجع السياحة


ألقت هذه الأزمات بظلالها على قطاع السياحة، الذى أصبح شبه متوقف من واقع تراجع الإيرادات، علمًا بأن السياحة حقَّقت 10% من الناتج المحلى الإجمالى فى العام 2018، ومسئولة عن نحو نصف إجمالى الصادرات ل إثيوبيا بفضل أديس أبابا، العاصمة الدبلوماسية لإفريقيا، وبالتوازى مع أزمات قطاع السياحة، أدت الصراعات المسلحة إلى إحداث أزمات مشابهة فى الخطوط الجوية الإثيويبة، والتى كانت مصدر فخر متزايد لدى الإثيوبيين مع توسعها السريع لتصبح أكبر ناقل جوى فى إفريقيا على مدار العقد الأخير، حيث حققت الشركة عائدات سنوية بقيمة 4.2 بليون دولار للعام 2019، إلا أنها أصبحت تعانى العديد من الأزمات، التى أحدثت خسائر تقدر بـ 550 مليون دولار فى العائدات خلال الشهرين الماضيين.


نقص المواد الغذائية


أدت سياسات أبى أحمد رئيس الوزراء الإثيوبى إلى أزمات كبيرة فى قطاع الزراعة، مما نجم عنه أزمات كبيرة فى توفير المواد الغذائية مما أدى إلى وجود حوالى 30 مليون نسمة، بحاجة إلى مواد غذائية وفقًا لمفوضية التخطيط الإثيوبية، مشيرة إلى أنه علاوة على الأسباب السابقة ، أدى إلى تأثر القطاع الزراعى بسبب موجة غزو الجراد التى دمَّرت نحو 350 ألف طن مترى من المحاصيل الزراعية.


تصريحات رسمية


وحول أخر التطورات حول أزمات الاقتصاد الإثيوبي، أكد وزير المالية الإثيوبى أحمد شايد، أن الاقتصاد الإثيوبى مقبل على أزمات اقتصادية غير مسبوقة، مشيرًا إلى أن صادرات السلع، خاصة المنتجات الزراعية والمنسوجات من المناطق الصناعية، تتهاوى إلى مستويات غير مسبوقة، مما يحدث أزمات كبيرة فى النشاط الاقتصاد لإثيوبيا.


ارتفاع جنونى


ألقت العديد من الصحف الإثيوبية الضوء على الآثار الاجتماعية المصاحبة للمشكلات الاقتصادية الطاحنة التى تعانى منها البلاد وما يصاحبها من معاناة المواطنين، والتى زادت حدتها خلال الأسابيع الأخيرة، وفى هذا الصدد ذكرت صحيفة «إثيوبيان هيرالد» أن الأسابيع الأخيرة شهدت ارتفاعا جنونيا للاسعار، حيث ارتفعت أسعار الوقود من حوالى 22 برا للتر الواحد إلى حوالى 26 برا، كما تضاعفت أسعار النقل بين الأقاليم بشكل جنونى غير مسبوق.


نسب البطالة


وحذرت الصحيفة الإثيوبية من الارتفاع الكبير فى معدل التضخم ، مشددة على أن ارتفاع معدلات التضخم بات من أهم خصائص الاقتصاد الإثيوبي، الذى تؤكد مؤشرات أدائه أنه على وشك الدخول فى مرحلة إنهيار، على خلفية تصاعد حدة الصراعات المسلحة.
ووفقا للصحيفة الإثيوبية، يظل التضخم المشكلة الأكثر خطورة فى تأثيرها على السوق الإثيوبية ، مشيرة إلى أنه أصبح يحتل المرتبة الثانية لدى الشعب الإثيوبى بعض المشكلات السياسية، حيث لا توجد سلعة أو خدمة أساسية لم يرتفع سعرها إلى ما هو أبعد من المعدل الطبيعى والمتوقع للتضخم وبشكل خارج قدرة المواطن.


إغلاق المصانع


وأكدت الصحيفة أن الأوضاع الاقتصادية المتأزمة فى إثيوبيا أدت إلى إغلاق سبعة مصانع فى أديس أبابا، علاوة على معاناة 20 مصنعا أخرى على وشك الإغلاق بسبب نقص المدخلات والطاقة الشحيحة وأزمات عجز العملة الأجنبية.
وأشارت الصحيفة إلى أن عملية الإغلاق طالـــت شركــــات متعددة الجنسيات منها شركـــة المنسوجـــات البنجلاديشيــة DBL، التى تصنع الملابس لشركة الأزياء السويدية العملاقة H&M، بســبب عمليــات الســلب والنهــب ورفــض الموظفون الأجانب العودة خوفًا على أرواحهم.


أزمة الإسكان


ومن جانبها، أوضحت صحيفة «إثيوبيان ريبورتر» الإثيوبية أن أزمات الاقتصاد الإثيوبى لا تقتصر على الأزمات السابقة، بينما تتجاوز ذلك إلى العديد من الأزمات الاقتصادية الأخرى التى ترتبط مباشرة بالخدمات المقدمة للمواطنين، مشيرة إلى أن أزمة تأخر تسليم الوحدات السكنية للمواطنين من أهم هذه المشكلات.
وأضافت أنه حتى الآن لم تتمكن مؤسسة الإسكان الفيدرالية فى إثيوبيا إلا من بناء حوالى 171 ألف وحدة سكنية فقط على مدار 18 عاما لقائمة انتظار تتجاوز حاجز الـــ مليون مواطن مسجل ضمن القائمة.

أضف تعليق

حظر الأونروا .. الطريق نحو تصفية القضية الفلسطينية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2