نتيجة الثانوية العامة

نتيجة الثانوية العامةالدكتور يحيى هاشم

الرأى13-8-2021 | 10:55

يعيش ملايين المصريين هذه الأيام حالة من القلق والتوتر بسبب قرب إعلان نتيجة الثانوية العامة التي جعلنا لها مكانا متميزا في ثقافتنا المجتمعية عبر سنوات طويلة بشكل أعتقد ليس له مثيل في العالم فهي سنة ترهق الأسرة المصرية ماديا ونفسيا وعصبيا وكذلك تمثل حالة من الضغط العصبي والنفسي والمجتمعي على أولادنا بشكل قد يتسبب في مشكلات عديدة كان بإمكاننا أن نتفادها لولا ثقافتنا وسلوكنا المجتمعي المبالغ فيه تجاه نتيجة الثانوية العامة فهي ليست نهاية الحياة.

نحن من نظلم أنفسنا ونظلم أولادنا حين نرسخ في مفهومنا الثقافي فكرة كليات القمة، فالحقيقة أنه لا يوجد في العالم ما يطلق عليه كليات القمة أو كليات الشعب أو كليات القاع فهذه كلها مسميات كاذبه أطلقناها على التعليم الجامعي الذي هو بريء منها تماما .

فكل علم من العلوم التي تدرس في الجامعة وكل تخصص من التخصصات المختلفة له دور بالغ الأهمية في صناعة المستقبل وفي تطور الدولة وفي التغلب على التحديات الكثيرة التي تتنوع في أشكالها ونوعياتها وآلياتها حتى نستطيع أن نجعل من العلم طريقا ونهجا للدولة المصرية.

وعلى الأب والأم عدم الاستماع إلى آراء الأصدقاء والأقارب في اقتراحاتهم الرائعة في اختيار الكلية لأولادهم وإنما عليهم الاستماع إلى الأبناء ذاتهم وفهم إمكانياتهم ورغباتهم وميولهم لدراسة فرع معين من فروع العلم وشرح تفاصيل التخصصات المختلفة لهم حتى نساعد أولادنا على اتخاذ القرار المناسب باختيار الكلية التي يرغب في دراسة موادها العلمية ليكون قيمة مضافة بعد تخرجه للمجتمع وليس فقط حاصلا على مؤهل عال.

إن كلية القمة الحقيقية إذا جاز التعبير هي الكلية التي يتفوق فيها ابنك أو ابنتك ويجد نفسه فيها ويحب دراستها فسيكون متفوقا ونابغة في هذا العلم، ومن يعلم فقد يكون علما من أعلام هذا التخصص في المستقبل فهو من اختاره عن فهم ورغبة حقيقية في دراسة مواده الدراسية ليضيف إلى نفسه وإلى المجتمع شابا مبدعا مبتكرا في تخصصه أيا كان هذا التخصص.

علينا ونحن نؤسس للجمهورية الجديدة ونبني مصر المستقبل ومن خلال إعادة بناء الشخصية المصرية أن نتخلى عن المعتقدات الثقافية القديمة التي لم يعد لها مكانا في العالم الآن وأن ننظر إلى الحياة بعين الطائر من أعلى ولا ننظر تحت أقدامنا حتى نستطيع أن نرى الحاضر بوضوح ونخطط للمستقبل بنجاح.

إن أولادنا هم أغلى ما في حياتنا وعلينا أن نسهم في تنشئتهم تنشئة نفسية وتعليمية ومجتمعية وثقافية سليمة حتى لا نحطم معنوياتهم ونكسر نفوسهم ونزيدهم اكتئابا، فعلينا أن نحاورهم ونناقشهم ونتفهم رغباتهم الحقيقية وقدراتهم الدراسية حتى يكون اختيارهم سليم؛ لأنه اختيار يحدد مستقبلهم.

فعجبا لهذا المجتمع الذي ينبهر بالرياضة والرياضيين وتجد فيه من ينصحك بعدم دخول أبنائك كلية التربية الرياضية أو تجد المجتمع يقدر الفن والفنون وتجد فيه من ينصحك بعدم دخول كلية الفنون الجميلة وأتعجب من المجتمع الذي يرى أن قسم الاجتماع مثلا في كلية الآداب ليس له معنى في حين أن كل ما نعيشه من مشكلات مجتمعية حالية ومستقبلية لن يحله سوى المتخصصين في علم الاجتماع وأتعجب من المجتمع الذي يرى السياحة والفندقة هي مستقبل الوظائف والتنمية وينصحك بعدم دخول كلية السياحة والفنادق على سبيل المثال طبعا فكل ما سبق وذكرته من كليات أو تخصصات شأنه شأن باقي الكليات والعلوم لا يمكن أن يستغنى عنه المجتمع .

آن الأوان أن نقف وقفة صدق مع أنفسنا ونحن في انتظار نتيجة الثانوية العامة خلال الساعات القادمة وأن نتقبلها بشكل يسمح لنا بالتفكير مع أولادنا كيف نختار كلية المستقبل التي تناسبه وأتمنى من كل قلبي النجاح والتوفيق لكل أولادنا في الثانوية العامة وتحيا مصر وسلاما عليكي يا بلادي في كل وقت وفي كل حين.

أضف تعليق