خبير أثري: من رأس خليج السويس عبر موسى سلام الله عليه وشعبه إلى سيناء

خبير أثري: من رأس خليج السويس عبر موسى سلام الله عليه وشعبه إلى سيناءخبير أثري: من رأس خليج السويس عبر موسى سلام الله عليه وشعبه إلى سيناء

* عاجل24-10-2017 | 13:55

كتب: محمد فتحي 

قال الخبير الأثري الدكتور عبد الرحيم ريحان إن "بنى إسرائيل" نسبة إلى جدهم الأول نبى الله يعقوب، عاشوا بمصر فى أرض جوشن أو جاسان المعروفة الآن بوادى الطميلات وهو الوادى الزراعى الذى يمتد من شرق الزقازيق إلى غرب الإسماعيلية وأن موقع عبورهم مع نبى الله موسى كان عند رأس خليج السويس حيث يؤكد خط سير رحلتهم هذه الحقيقة قال تعالي " وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادى إنكم متبعون" (الشعراء (52 وما ذكر فى التوراة أدار الله الشعب فى طريق برية سوف وصعد بنو إسرائيل متجهزين من مصر من أرض رع مسيس فارتحلوا منها إلى سكوت ثم ارتحلوا من سكوت ونزلوا فى إيتام " خروج 13: 14.

وأوضح ريحان أن " بر رعمسيس " هي المدينة التى اكتشفها العالم المصرى محمود حمزة عام 1928 والذى بناها رمسيس الثانى لتكون عاصمة لملكه فى مصر بوسط الوجه البحرى ليكون قريبًا من الحدود المصرية لتساعده على صد الأعداء.

وأضاف الخبير الأثري الدكتور عبد الرحيم ريحان أن بحر سوف يعنى بحر البردى وبرية بحر سوف هى الأرض اللينة المغمورة بالماء التى تمتد إلى الجنوب والشرق من بحيرة المنزلة وكان ينبت فيها البردى، أما سكوت فهى لفظ عبرى قديم " سوخييت " بمعنى الخيام أو المظلات ويراد بها الأماكن المعدة كإستراحات مؤقتة فى طريق المسافرين وموقعها ما بين صان الحجر والصالحية، أما إيتام فهى برثوم الذى بناها رمسيس الثانى كحصن واكتشفها العالم الفرنسى نافيل عام 1883 وموضعها تل الرطابية غرب بحيرة التمساح.

وتابع ريحان نفند هذه الآراء موضحين أن عبور بنى إسرائيل كان عن طريق جنوب سيناء وليس شمالها فبحيرة البردويل أو بحيرة "سربنيوس" لها خصائص معينة حيث تربطها بالبحر المتوسط أفواه معينة وإذا سدت هذه الأفواه تبخر ماء البحيرة مخلفًا عدة برك موحلة تغطيها الرمال فتحجب ما حولها عن نظر المسافرين فيغوصون فيها أى تخدع المسافرين فيغرقوا فى برك البحيرة ولكن نبى الله موسى عليه السلام وقومه راوا بحرًا بالفعل وخشوا أن يعبروه ولم يخدعوا برمال فوق المياه "فلما تراءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون{ الشعراء 61 وتعنى البحر أمامنا وفرعون وقومه خلفنا فما هو السبيل؟ فرد نبى الله موسى "قال كلا إن معى ربى سيهدين" الشعراء 62.

وكانت قبضة المصريين القدماء بشمال سيناء أقوى من جنوبها وذكر ماسبيرو فى كتابه " جهاد الأمم " أن لآسيا من مصر عدة طرق لكل منها ميزة عن الأخرى وأقربها الطريق التى كانت تمر بمدينة "زالو" فى أطراف الشرقية وكان يحمى برزخ السويس قديمًا حصون تمتد من خليج السويس إلى الفرع البليوزى وزاد تلك الحصون مناعة ترعة قامت على ضفتيها قلعة يحرسها الجند لحماية الحدود ولم يكن يسمح لأحد بالسفر شرقًا أو غربًا إلا إذا أعلن إسمه ومهنته والسبب الذى دعاه للسفر والرسائل التى فى عهدته، وكان الفراعنة يخرجون بحملاتهم إلى سوريا من قلعة زالو بشمال سيناء".

واستطرد ريحان أن  شمال سيناء تحوى طريق سيتى الأول الشهير من الأسرة 19 (1320 إلى 1200ق.م ) وحكم سيتى الأول أبو رمسيس الثانى من 1318 إلى 1304ق.م. وقد استخدم هذا الطريق فى قتاله ضد الشاسو وهم بدو الصحراء فى فلسطين وسوريا ويبدأ هذا الطريق من ثارو (موقعها القنطرة شرق حاليًا) مارًا بالعريش ثم رفح إلى غزة، ويرجع هذا الطريق بين مصر وفلسطين إلى عهد الدولة الوسطى أسرة 11 ، 12 (2133- 1786ق.م.) وهو الطريق الذى عبره الهكسوس عند غزوهم لمصر وعند طردهم منها.

وبهذا يتأكد أن قبضة المصريين القدماء كانت أقوى بشمال سيناء مما يعنى استحالة عبورهم من هذا الطريق وبالتالى فمقولة حدوث مد وجزر أثناء العبور ليس لها أى أساس علمى أو تاريخى أو جفرافى بل هى وسيلة لإنكار المعجزة كما أن سفر الخروج نفسه ينفى العبور من شمال سيناء " أنه لما أخلى فرعون السبيل للشعب فإن الرب لم يسمح لهم بالمرور من الطريق المعهود إلى فلسطين ولو أنه قريب جداً لأنه قال لئلا الشعب إذا رأى حربًا فإنه قد يعود ثانية إلى مصر " خروج 13، 14 وهذا ينفى تمامًا أن العبور كان عن طريق بحيرة المنزلة فى اتجاه القنطرة شرق.

ورصد ريحان أحد أعضاء منبر الحضارة أهم الآراء التى ذكرت عن موقع عبور نبى الله موسى وشعبه ومنها أن عبور بنى إسرائيل وغرق فرعون كان فى بحيرة البردويل بشمال سيناء كما ترجم علماء الفيلولوجيا وهو علم فلسفة اللغات كلمة " يم سوف " المذكورة فى التوراة بأنها شاطئ البحر المتوسط ما بين بور سعيد والعريش حاليًا وأرجعوا السبب فى ذلك إلى أن قبضة الفراعنة كانت قوية بجنوب سيناء لاتخاذها موقعًا لتعدين الفيروز وأن أشجار الطرفاء بشمال سيناء متوفرة وهى شجرة تخرج منها مادة صمغية مثل المن طعام بنى إسرائيل، وبناءً عليه ذكروا أن عبور نبى الله موسى وغرق فرعون كان فى مخاضة بحيرة المنزلة فى اتجاه القنطرة شرق حاليًا فى البقعة التى تعرف اليوم بحصن الطينة بشمال سيناء.

وبذلك يؤكد منبر الحضارة أن العبور كان عن طريق جنوب سيناء ويتوفر بجنوب سيناء وليس شمالها حتى الآن شجر الطرفاء الذى يحوى غذاء بنى إسرائيل فى وادى حبران ووادى إسلا بين طور سيناء وسانت كاترين وهناك منطقة كاملة يطلق عليها الطرفاء قرب وادى فيران بجنوب سيناء وكانت لوقت قريب تستخرج من سيقانه مادة حلوة المذاق كان أهل سيناء يبيعونها للرّحالة الأوروبيون فى القرن الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين.

وقال الخبير الأثري ريحان أن  الرحّالة الروسى أليكسندر فاسيليفيتش أليسييف قد ذكر أن الذى زار سيناء على ظهر جمل عام 1881 أن منطقة عيون موسى 35كم من السويس بها أشجار تسمى أشجار الأثل وتكثر كلما توغلنا فى جنوب سيناء موضحًا أن هناك ثمار حلوة المذاق تنمو فى أغصان شجرة الأثل بكميات كبيرة ثم تسقط على الأرض بعد نضجها فيقوم البدو بجمعها فى أكياس مصنوعة من الجلد ويتناولونها مع الخبز وهذا يشبه المن وربما هو المن طعام بنى إسرائيل بسيناء.

وكان مكان العبور عند نقطة الشط أقرب نقطة مرئية عبر خليج السويس حيث ذكر فى القرآن الكريم أن بنى إسرائيل شاهدوا المعجزة أمامهم على مرمى البصر وأقرب نقطة يتم من خلالها رؤية الشاطئ الآخر من خليج السويس هى نقطة الشط }وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ{ البقرة 50 فهنا " وانتم تظرون " أى المعجزة كانت على مدى البصر

ومما يدعّم من تأكيد ذلك وجود عيون موسى بموقعها الحالى 35كم من السويس يؤكد أن خط سير الرحلة كان عن طريق جنوب سيناء }وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا إضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه إثنتا عشرة عيناً قد علم كل أناس مشربهم{ البقرة 60، وذكر فى التوراة " ثم ارتحلوا إلى مارة ثم جاءوا إلى إيليم وكان هناك إثنتا عشر عين ماء وسبعون نخلة فنزلوا عند الماء " خروج 15، سفر العدد إصحاح33.

وأضاف أن بئر " مر" موقعها حاليًا شمال شرق عيون موسى بمقدار 11كم وماؤها غير صالح للشرب وتقع جنوب سفح جبل بهذا الاسم أما إيليم فموقعها منطقة عيون موسى الحالية ويتضح من هذا أن هناك 12 عين ماء تفجرت لبنى إسرائيل حين استبد بهم العطش بعد قطع مسافة كبيرة من موقع عبورهم عند رأس خليج السويس حتى موقع العيون الحالى 35كم وذلك بعد نفاذ كل المياه المحمولة من بداية الرحلة، وكانت العيون بعدد أسباط بنى إسرائيل وكل سبط ينتمى لإبن من أبناء نبى الله يعقوب وهم أخوة يوسف الصديق وعددهم 12، وكانت المياه متفرقة حتى لا يتكالبوا على المياه دفعة واحدة وبقايا السبعين نخلة المذكورة فى التوراة مازالت موجودة حتى الآن.

وقال ريحان أن الدراسات الحديثة التى قام بها فيليب مايرسون أثبتت أن المنطقة من السويس حتى عيون موسى هى منطقة قاحلة جدًا وجافة مما يؤكد أن بنى إسرائيل استبد بهم العطش بعد مرورهم كل هذه المنطقة حتى تفجرت هذه العيون والمنطقة الآن بها أربعة عيون واضحة منهم عينان بهما مياه ولكن غير صالحة للشرب وتحتاج إلى تنظيف ومعالجة ، قطر أحد هذه العيون 4م ولقد اختفت بقية العيون نتيجة تراكم الرمال وتحتاج إلى مسح جيولوجى للمنطقة للوصول لمستوى الصخر أسفل الرمال حيث يوجد بقية العيون الذى يدل عليها هبوط فى بعض المناطق لأن هذه العيون كانت متفرقة.

ولقد وصف الرحالة الذين زاروا سيناء فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلادى هذه العيون ومنهم ريتشارد بوكوك ورأى أربعة عيون واضحة ومياهها صالحة للشرب ووصف أشجار النخيل بالمنطقة وكان هناك ميناء على خليج السويس قرب عيون موسى استغله العثمانيون وتجار البندقية (فينيسيا) عام 1538م أيام السلطان العثمانى سليمان الثانى وقاموا بإنشاء قناة لنقل المياه من عيون موسى إلى مراكبهم بالميناء كما كان الميناء محجراً صحياً للحجاج القادمين عبر خليج السويس من ميناء السويس ونظراً لاعتدال مناخها فقد كان لكبار الشخصيات بالسويس منازل للتصييف بمنطقة عيون موسى.

أضف تعليق